إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جُرْحُ فلسطين وبَلْسَمُ المقاومة

د. ربيع الدبس - البناء

نسخة للطباعة 2013-05-15

إقرأ ايضاً


تطالعنا خمس وستون سنة على نزيف فلسطين، من النهر إلى البحر ومن القلب إلى الوريد. يضاف إلى جراحها نزْفُ الشام ولبنان والعراق و... الجرح الجديد الذي يهيئ بَعْلُ «إسرائيل» وموجِديها لفتحه في الجسد القومي المفتوح أصلاً على الجلجلة.

في مثل هذا اليوم من عام 1948 تجرعت الأمة كأس المؤامرة المعلقمة، ونزفت من جوارحها دماً ما زال ينزّ من الأفئدة التي بقيت فيها حرارة، ومن الأدمغة التي ظلّ فيها ضمير حيّ، خصوصاً في الزمن المستجد الذي تباع فيه فلسطين بعروض قَطَرية وتنازُل مما يسمى الجامعة العربية، بطلب «إسرائيلي» ونشوة أميركية في سوق النخاسة الدولية حيث المحاضرة اليومية بالسلم والأمن وحقوق الإنسان!!!

لم يكتفِ العدو باحتلال فلسطين التاريخية، من أرض 1948 إلى الضفة والقدس والقطاع عام 1967، ولا اكتفى باحتلال الجولان وسيناء وجنوب لبنان. فالعدو ما زال حتى اليوم، وسيبقى، طامعاً في أمننا وأرضنا ورفاهنا وقوتنا وكرامتنا وحاضرنا ومستقبلنا. يلازمه دعمان متواصلان: الدعم الغربي اللامحدود، والتقاعس العربي المشهود.

غير أن نوراً ساطعاً انبلج من صميم الظلمة، وأخذ يتسع ويكبر حجماً وفعلاً ودوراً حتى أقضّ مضاجع العدو ورعاته. هذا النور الساطع والسيف القاطع والإنجاز العادل هو نور المقاومة الباسلة وسيفها وإنجازها، من لبنان إلى فلسطين، ومن دمشق إلى طهران... هذا المدّ العنفوانيّ المبارك هو مدّ المقاومة، وعنفوان المقاومة، وبركات المقاومة. إنه الدواء والبلسم، والرد الحاسم، والخيار الأمثل.

المعركة في المشرق مرتبطة بفلسطين وموسومة بفلسطين من هنا نستطيع أن نفهم ما يجري في سورية من حرب مفتوحة، لا على النظام المقاوم فحسب، بل على الدولة والدور والموقع والخيار... الحرب في سورية مقنّعة بالديمقراطية لكنها إرهابية، ومخبأة بعنوان الإصلاح لكنها التخريب والتدمير والتقتيل. كل ذلك من أجل أمن «إسرائيل» وراحة «إسرائيل» وشرعنة الكيان الصهيوني الغاصب.

نعم، المعركة واحدة من غزة إلى القدس، من الناقورة إلى مزارع شبعا، ومن الجولان إلى درعا والقُصَير وحلب وإدلب. إن المعركة هي بين العدو ومرضِعيهِ وأدواته من جهة، وبين مقاومي المشروع الانقلابي الاقتلاعي الإقصائي الظلامي من جهة أخرى... كل من يتغاضى عن هذه الحقيقة واهِمٌ وضالّ، وكل من يدركها ويؤيد باطلها شيطان أخرس، أي مشارك في الجريمة ولو صمت لسانه، لأن عقله وقلبه ويده تفعل المنكرات في غفلة من الوجدان بل في موت كامل من الضمير الرادع والوازع.

«الجيش والشعب والمقاومة» قاعدة ذهبية مثلثة الأضلاع ينبغي تعميم نموذجها على دولنا كافة... إذ ذاك تنتصر المقاومات كلها كما فعلت طليعتها اللبنانية، وتصبح فلسطين نوراً بعد أن كانت لهيباً، وحرية بعد أن كانت منتهكة، وكرامة بعد أن كانت طعينة، ودماء موفورة بعد أن كانت دماء مهدورة.

فلسطين معشوقتنا جميعاً، فمتى يروي العشاق نبضات القلب من نسمات الحبيبة؟ متى يرممون ما انكسر من أحلام العشق المترامية منذ سبعة عقود؟ متى يَنْعمون باللقاء الأبدي الذي يؤجج الشوق بدلاً من أن يخمده؟

فلسطين ساكنةٌ وجداننا القومي، فمن ذا الذي يستطيع أن يخرج منها أو يتنكر لها؟ من ذا الذي يشيح بوجهه عنها أو يضيق صدره منها؟ من ذا الذي يدركه النوم إذا لم يتوسد عطرها المقدّس، من ذا الذي يشعر بالحياة إذا لم يتنفسها نفحاتٍ ولم يَمْسَسْها مسألةً وقضيةً وحافز نضال؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024