إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أرض كنعان والبحث عن الذات

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2013-11-29

إقرأ ايضاً


الأرض الوطن الكبير .. الأرض بدونها يفنى الشعب وتفنى الذاكرة ويضيع التاريخ وتدفن الآثار تحت غياهب الأرض .. الأرض منبع النماء والنقاء والصفاء ... الأرض هي الذاكرة والوجدان والهوية والوجود الفلسطيني .. الأرض هي الأغنية والشجن واللحن الثوري .. هي الثبات والمبادئ والحق اليقين ..

يوما بعد يوم يزداد حب أرض فلسطين في قلوب الأبناء الصغار والكبار والأجداد .. يوما بعد يوم يزداد عشق أشجار الزيتون واللوز والبرتقال الفلسطيني؛ هذا العشق الجنوني للأرض يجعل الصهاينة يتخبطون ويتيهون في كيفية تدمير هذا الجيل الفلسطيني وصناعة جيل فلسطيني نسخة "إسرائيلية" ينسى الأرض وينسى الذاكرة ويعيش أوهام الدولة والصغيرة ومسارات المفاوضات الهزلية.

أمام التاريخ والتراث وذاكرة الأجيال في حب أرض فلسطين يسعى الصهاينة ليل نهار من أجل تدمير الأرض وسرقتها ونهب الآثار وتزييفها ضمن السعي الدءوب لإقامة مشروعهم الكبير " أرض إسرائيل الكبرى"، أمام هذه الأحلام الصهيونية التدميرية يتساءل العقل أين وصلت مشاريع المفاوض الفلسطيني من أجل أرض فلسطين وإنهاء الصراع مع الصهاينة وكنس الاحتلال عن أرضنا المباركة..؟؟!

يدرك الصهاينة تماما أنهم خاسرون في المعركة وفي الصراع على أرض فلسطين وأن الحق حتما سيعود لأهله وأن مملكتهم ستزول وستدمر، وستعود الأرض لأهلها الفلسطينيون، كما ويدرك الصهاينة الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين قبل أكثر من 1500 عاما من بناء " مملكة داود " التي يدعي اليهود أنها بداية وجودهم وآثارهم على الأرض، ولكن الحقيقة والشواهد والتاريخ أثبتت عكس ما يدعون، فقد بحث علماء الآثار الإسرائيليين والبريطانيين والأمريكيين فيما ذكرته الأساطير التوراتية ولم يجدوا الحقيقة ولم يجدوا أي دليل لوجود " بني إسرائيل" قبل الفلسطينيين أصحاب الأرض، فقد أجرت عالمة الآثار البريطانية الشهيرة (كاثلين كينون) وعلى مدار ستة أعوام منذ عام 1961م وحتى عام 1967م تنقيبات أثرية في فلسطين وتبين لها أن " أورشليم" في القرن العاشر ق.م على زمن داوود وسليمان كانت هي نفسها المدينة الكنعانية التي احتلها داوود وأصبحت عاصمته، ولم يجر عليها أي تحسينات من توسع أو إصلاح أسوار، وكانت مدينة صغيرة كما بينت أنه كان لـ " أورشليم " سور بدائي كنعاني, ولا يمكن أن يزيد عدد سكانها على زمن داوود, عن 2000 نسمة بأحسن الأحوال، كما تبين لعلماء الآثار والحفريات أن هذه المدينة لا يمكن أن تكون عاصمة لمملكة كبيرة, وأن "إقليم يهوذا" التابع لهذه العاصمة كان فقيراً وتعيساً وخالياً من السكان ولا يمكن أن يكون مركزاً لإمبراطورية عظيمة، لذلك انبرى عدد من علماء الآثار الإسرائيليين والأمريكيين لدحض هذه النتائج واثبات صحة الروايات التوراتية، واستمروا بالحفريات حتى أواخر القرن الماضي و لكنهم وصلوا إلى غير ما كانوا يبتغون, فقد تبين لهم خطأهم وصحة ما قالته عالمة الآثار البريطانية " كاثلين كينون"، بل وتبين لهم أن التحصينات والبوابات السليمانية ليست سليمانية وإنما تنتمي إلى قرن لاحق لقرن سليمان, فيما صرح عالم الآثار الإسرائيلي " زائيف هيرتسوغ " تصريحات خطيرة في ذلك قائلا " إن الحفريات المكثفة في أرض إسرائيل خلال القرن العشرين قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة, كل شيء مختلق ونحن لم نعثر على أي شيء يتفق والرواية التوراتية كما أن قصص الآباء في سفر التكوين هي مجرد أساطير ونحن لم نهبط إلى مصر ولم نخرج منها،ولم نته في صحراء سيناء ولم ندخل فلسطين بحملة عسكرية صاعقة، وأصعب هذه الأمور أن المملكة الموحدة لداوود وسليمان كانت في أفضل الأحوال إن وجدت مملكة قبلية صغيرة، كما أن القلق سينتاب كل من سيعرف أن يهوه إله إسرائيل كان متزوجاً من الإلهة الكنعانية عشيرة، وأن "إسرائيل" لم تتبن عقيدة التوحيد على جبل سيناء وإنما في أواخر عهد ملوك يهوذا (أي حوالي 600 ق.م )؛ إن هذه الأدلة الدامغة والشواهد الأثرية الفلسطينية الكنعانية هي جزء يسير أمام المئات من الشواهد والحقائق التي ذكرها المؤرخون وبحثوا فيها ليل نهار، ولكن في المقابل كان هناك سعي صهيوني لطمس هذه المعالم وتزييف الآثار من خلال ترويج الأكاذيب الإسرائيلية والإدعاءات بحقهم ووجودهم على هذه الأرض.

أمام هذه الحقائق والدلائل التاريخية بأحقية العرب والمسلمين بأرض فلسطين، هل تكون ماثلة في أذهان المفاوضين الفلسطينيين وفي أذهان كل من يعترف بـ " إسرائيل" أو يقر لها حقا في أرض فلسطين.

نحن الفلسطينين اليوم أصبحت مأساتنا الكبيرة تتمثل في أولئك الزمرة الفاسدة أصحاب المصالح والخارجين عن الصف الوطني وأصحاب المشاريع الصهيونية والأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ومحاصرتها ضمن مشاريع اقتصادية ومشاريع تنموية وخطط سلام زائفة لا تمنح وطنا ولا تحيي شعبا ..


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024