أكدت تل أبيب، أمس، صعوبة تحقيق المصالح الأمنية في سوريا، وفي مقدمها منع «التمركز الإيراني» وتنامي تهديده فيها، رغم التأكيد في المقابل على الإصرار على تحقيق هذه المصالح. التأكيد الإسرائيلي، جاء على لسان عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في تل أبيب، وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، الذي أشار في حديث مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى رفض تل أبيب أي اتفاق يعقد بين طهران ودمشق، يؤدي إلى منح شرعية للوجود الإيراني في المنطقة.
وقال أردان، في تحذير موجّه إلى الرئيس السوري بشار الأسد، إن «سياسة إسرائيل لن تتغيّر وهي لن ترضى بوجود إيراني في سوريا، وكذلك بعد انتهاء الحرب وحسمها لمصلحة النظام السوري». وأضاف إن «الثمن الذي سيدفعه الأسد سيكون أعلى بكثير، ونحن سنوضح للأسد الثمن الباهظ الذي سيدفعه، تباعاً، جراء إبقاء إيران لديه». وأضاف «المواجهة بيننا وبين الإيرانيين، ستكون على الأرض السورية، ما سيقوض الاستقرار فيها ويفقدها الأمان المنشود».
مع ذلك، ورغم هذا التهديد، أكد أردان أن إسرائيل لم تكن تتوقع، منذ البداية، أن يرفع الإيرانيون الراية البيضاء استسلاماً، الأمر الذي يفهم من زيارة وزير الدفاع، أمير حاتمي، والاتفاق الذي أبرمه في دمشق حول التعاون العسكري بين الجانبين. وأضاف أردان إن أي اتفاق بين سوريا وإيران، بشأن إعادة تأهيل الجيش السوري هو مجرد «ذريعة وخدعة» لإضفاء الشرعية على وجود القوات الإيرانية في المنطقة، وهو ما لا نقبل به، قائلاً «هذه اللعبة لا تنطلي علينا، ولن نقبل بوجود إيراني في سوريا، ولن يصبح من ناحيتنا شرعياً أبداً».
ورداً على سؤال حول استراتيجية إخراج الإيرانيين من سوريا، وسط جملة التعقيدات القائمة فيها، وفي المقدمة الوجود العسكري الروسي، أجاب أردان مع إشارات دالة على تراجع في «الحزم» الذي كان يبديه المسؤولون الإسرائيليون حيال هذا «التهديد» تحديداً، أن «إسرائيل تدرك بأن هذه المعركة (ضد التمركز الإيراني) طويلة الأمد، وهي لا تحسم خلال أسابيع أو أشهر مقبلة». واعتبر أن «هذه المعركة مرتبطة بالمعلومات الاستخبارية وباتخاذ قرارات جداً نقطوية»، في إشارة منه إلى استمرار الهجمات الموضعية غير الواسعة، ضمن المتاح والمقدور عليه، مع الإشارة إلى تعقيدات الساحة وضوابط يفرضها الوجود الروسي، إذ أكد أن اتخاذ القرارات (والضربات) النقطوية، تشترك فيها المصالح الإقليمية، مع الإدراك ومعرفة (ماهية) الوجود الروسي، والحساسية تجاهه».
أردان يعلّق على تقرير «الأخبار»
علّق غلعاد أردان على المعلومات التي نشرت في «الأخبار»، أول من أمس، حول زيارة الوفد الاستخباري الأميركي للعاصمة السورية، والعرض الذي حمله لدمشق بمقايضة الوجود العسكري الأميركي في التنف وشرق الفرات بسلّة مطالب مقابلة، في مقدمها انسحاب إيران بشكل كامل من منطقة الجنوب السوري.
وفي تعليقه، قال إن «الاتصالات تجرى طوال الوقت مع الولايات المتحدة وروسيا، حول إخراج الإيرانيين والقوات الأجنبية من سوريا، إذ إن الولايات المتحدة تدرك أيضاً، (إلى جانب إسرائيل) الأضرار الهائلة التي يتسبّب بها الوجود الإيراني في الشرق الأوسط».
الوزير الإسرائيلي، شدد في المقابل على أن الحراك الأميركي تجاه سوريا لا يلغي أن «كل شيء، وقبل أي شيء آخر، كون المسألة (إخراج إيران من سوريا) هي مصلحة إسرائيل مباشرة»، قائلاً «لا أدري ما الذي يمكن للإدارة الأميركية أن تقدمه (لسوريا) مقابل إخراج الإيرانيين». في إشارة منه إلى أن العروض الأميركية قد لا تعني إسرائيل، وإن كانت منسقة معها، ما لم تأت النتيجة مطابقة للمصلحة الأمنية الإسرائيلية، وتحديداً إنهاء الوجود الإيراني في سوريا.
|