إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مقام الشاعر محمد الماغوط

سليمان الشيخ حسين

نسخة للطباعة 2009-05-08

إقرأ ايضاً


بين بداهة النبع والساقية

وانسكاب الماء في كلماته

تورق أحاسيس صلدة

كصخور ملقاة في مدى الصحراء

مأوى لليباس

وعش أعّد للطريد من الحمام

مقعد محطم على أطراف ساحة حرب قديمة

وسيف تحت عباءة مغاربية

تعيده لغمده في بلاد الشام

فرسا من هياكل حضارات

 تخب كالقصيدة

تصرخ !---- سيدي كان هنا

والهواء جندي يرتب هيكله

ووجنتيك تجويف لنوم هانئ للقبرات

وجهك المبرقع كبزة فدائي

 نسته القافلة

يعبئ الهواء في عقاله القديم

عيناك زرقاوان نافرتان كقبضة مقاتل قوقازي

جناح إوزة تستبدل   الماء بالوحل

 وتحاول التحليق

مدينة من المقاهي

مآذنها أنابيب أراجيلك

 المصطفة كجيش يسّور الشام

أذانها الدخان الخارج كلمات من شفتين أيبسهما الجفاء

شتاء قاحل في اخضرار قلبك

 واحتفال موارب للفضيلة

آه أيها الهواء

 لم تكن مرة طلقا في حياته

ويا أيها النبيذ الخؤون

 لم تسكره يوما

وما ارتاح بين أصابعه قلم

من يشكوك يلهث بحثا عنك عن فضائك

عن أشيائك المبعثرة

 كبيوت سلمية الواسعة الخلاء

الضيقة الغرف

 المفتوحة الأبواب على الأبد

يتدثر قلبك الكبير كقلب فيل

وخط سيرك المتصاعد المتداخل

 كغابات الأمازون

صوتك الرخيم الخارج من بوق عاج أفريقي

والنصر الذي لا تحب

 والهزيمة المقيمة بين تنهيدة وأخرى

أيها الماغوط

 يا مسيح الكلمات يا نبي الألم

أيها البدوي في عصر النجوم والجوائز

يا مكتشف بداهة الظلم بين يدي السلطان

والأدب المستوطن في سوق تجارة الرقيق

يا رفيق النيازك

 وقد رافقتك حتى ثراك

لتشهد انك تعد حبات الرمل

تكومها وتبني للملائكة كوخا أخير

وقلبي أيضا كان هناك وقد كفنك

بين ذكورة العاصي وأنوثة بردى

           منحت وجهك للقصائد

حتى غادر النبلاء الأرصفة

إلى شرفاتهم الخاوية

فأقام جيشك فوقها

في امتحان التشرد كنت المبدع

الملتصق بحروف الطباعة

ورائحة الحبر القديم

كم رتبتها فرقا لتنقض على الورق الحكومي الصقيل

سنبقى نصلي لأصنامك التي صنعتها

           كي تصلي لنا

نتزين زهورك الحدة المزاج

اليتيمة المقطوعة من فصل

الداخلة عنوة في عصور الذبول

وفي رغائبك

تتكئ الحبالى على زندك البض

كي يلدنها

وما ضمتك أنثى

كم كنت أكبر من كل حضن

فؤوسك المدماة أخشابها

المجلل نصلها بتراب حدائق النور

في معارج البوح بين الفصول

أقواس نصر فوق عينيك

كحراس لقلعة المرقب

تحرسان المتوسط دون أدنى عتاد

نّزفك للقادم من السقوط

فسحة الموال

ورقصة غجرية تعرى

حول نار موقد في برد البلاد

أيها الشاهد على الآدمية العرجاء

الشاهر غضبك على تعب العصافير

الهاطل شلال فوضى

على الكذب المنضد في دول

المتمرس بالخوف والرهاب الشرقي

المقيم في ملذات التفكير

السخي الدمع كجائع

الملتحف قصاصات القصائد

كي تطمئن الحصى

الأب الذي يحب من نافذة

 تطل على الفجيعة

الدامع القلب في هنيهات الفرح

المتروك وحيدا في زحمة الجرائد

والشعارات الكاذبة في مدن الخديعة

المتسكع في راحة العقل

وعري المهاتما

والانقلابات الدموية

في العائلة الواحدة

الساخر من عروش قريش

 القبلية ألف عام

أيها المستلقي

تشخر قرفا فوق الرصيف

وثيرا كان الرصيف

وكنت الأصيل دائما والمضيف

حيث كان العراق يضيق

وبغداد تزحف نحوك

 تلتحف عباءتك

وتسال دما شهيدا

على آخر حروفك المرة

وزفرتك المعتقة

كجواد مزق السرج وعض على المهماز

هل ثمة وقت لنحياك

هل ثمة برهة لتسألنا من نحن

أيها (المشرش) في دفاتر أطفالنا نشيدا للصباح

نحنّ إليك

قبل بدء التعرف على أجسادنا وضلالاتها السخية

نحنّ إليك   موطنا لم يخن

نحنّ إليك    وقد صرنا فتات المائدة

التي ؟   كم بصقت عليها

نحنّ إليك                   

 لأنك المتمدد في حضن القرامطة

كآخر فارس في فصول الرفض

وبيارة المعرفة

أيها العاشق المتهادي

رمزا على صدور صبايا سلمية

السافرات الرؤى


وفي صباح القطا أنت النشيد


 


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024