«نتعاطف مع نضال الشعب العراقي من أجل الحرية والحياة الكريمة، ونستنكر بشدةٍ أعمال القمع والقتل ضدّ المتظاهرين بقيادة قاسم سليماني، وحرس الثورة الإيراني»، بتلك العبارة غرّد وزير الخارجية الإسرائيلي ووزير الشؤون الاستخباراتية سابقاً يسرائيل كاتس معلناً تضامنه وكيانه مع الشعب العراقي. تلا ذلك تغريدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لمشهد حرق جدار القنصلية الأميركية في محافظة كربلاء بالتزامن مع الذكرى الأربعين لاحتلال السفارة الأميركية في طهران واحتجاز رهائن أميركيين بُعيد انتصار الثورة الإسلامية. موقفان رسميان وواضحان فيهما تبنّ صريح لتعزيز العداء لإيران بل لمحاربتها ومحاولة الثأر منها والحدّ من تصاعد قوة محور المقاومة في المنطقة من خلال بعض أدواتها، حربٌ بوجه آخر أعلنتها صراحةً صحيفة «واشنطن بوست» في مقالٍ لها جاء فيه «إنّ التظاهرات في العراق ولبنانً من شأنها أن تحقق ما عجزت عنه الإدارة الأميركية من خلال سياسة الضغط الأقصى على إيران»، مضيفة أنه بالرغم من كلّ الخطوات التي اتخذها الرئيس ترامب للضغط على إيران من خلال العقوبات والانسحاب من الاتفاق النووي، فإنه أخفق في تحقيق أية نتيجة، بل جاءت النتائج عكسية عززت حالة المواجهة داخل إيران. ووفقاً للمؤشرات فإنّ مؤسّسات ومراكز الأبحاث الصهيونية التي تراقب عن كثبٍ تسابق الأحداث في لبنان بقيت عينها على منظار الأحداث من ناحية تأثيره على حزب الله وهو النقطة الأهمّ بالنسبة إلى الكيان الصهيوني الذي ينظر إلى دور التظاهرات وانعكاسه على حزب الله وحجم المطالبة بنزع سلاحه وتأثير المجريات على أداء الحزب في صراعه مع العدو ومدى إشغاله وإدخاله في معارك داخليةٍ تنعكس على أدائه في مواجهة العدو الذي يدرك يقيناً أنّ حزب الله سيبقى بكامل قوته وجهوزيته لأية معركة معه في ظلّ استمرار التظاهرات المطلبية أما في حال انتشار الفوضى فإنّ العدو الصهيوني يدرك تماماً أنّ حزب الله سيكون أكثر جهوزية وتسلحاً وتطويراً لقدراته القتالية من أيّ وقتٍ آخر وهذا ما أكدته الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي في جامعة تل أبيب أورنا مزراحي، التي رأت أنّ ضعضعة الاستقرار الداخلي في لبنان سيجلب المخاطر على كيان الاحتلال لا سيما في ظلّ تعاظم قوة ونفوذ حزب الله نظرية عززها معظم الصحافيين الإسرائيليين حين عبّروا عن خيبتهم من تحقيق أيّ تغيير جذري في لبنان في ظلّ طريقٍ مسدودٍ. وبناء عليه فإنّ الرهان على تحقيق أيّ إنجازٍ يضعف حزب الله في لبنان هو وهمٌ، لذلك يرى الخبراء الصهاينة أنّ التركيز الإعلامي والرسمي على العراق هو من أولويات المؤسسات الصهيونية نظراً لرؤية واشنطن وتل أبيب اللتين تريان في العراق الشريان الحيوي الأكبر والأهمّ لإيران في كسر العقوبات الدولية والأميركية المفروضة عليها ولأنها تشكل الرئة التي يتنفّس منها محور المقاومة حيث يعتبر العراق هو الممرّ الأهمّ لإمدادات المقاومة من إيران إلى العراق وسورية ولبنان وفلسطين بعد فتح معبر البو كمال، إضافةً إلى «أنّ الحركة المطلبية الاجتماعية في العراق ذات الأغلبية الشيعية التي خرجت طلباً للإصلاح ومحاكمة الفاسدين وهي حركة محقة لا بدّ من استثمارها إسرائيلياً وأميركياً وتحريف وجهتها باتجاه إيران من خلال دعم بعض القيادات السياسية والأمنية والإعلامية والشخصيات الدينية من خلال دفع المجموعات المندسّة داخل التظاهرات مثل مجموعات الصرخيّين التابعة للإرهابي محمود الصرخي وهو معممٌ شيعي مدعومٌ أميركياً ومن حلفاء داعش والذي كان له الدور الأكبر في عمليات التخريب والقتل من خلال نشر مجموعاته داخل التظاهرات إضافةً إلى الهجوم على القنصلية الإيرانية في كربلاء مما دفع القوى الأمنية العراقية إلى شنّ حملة اعتقالاتٍ في صفوف مناصريه الذين بادروا لفتح معركةٍ مع القوى الأمنية أدّت إلى اعتقاله مع العديد من مناصريه في كربلاء بالأمس. وإلى جانب ذلك الإرهابي عملت مجموعات الحركة الشيرازية المدعومة من بريطانيا الى تأجيج الشارع والقيام بأعمالٍ تخريبيةٍ والاعتداء على القوى الأمنية، تلك الحركة التي تمّ اعتقال أربعة من عناصرها في آذار من العام الماضي بعد هجومهم على السفارة الإيرانية في لندن. إضافةً إلى ذلك وفرت الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية والسعودية العديد من المعمّمين الشيعة شيعة الاستخبارات المهيّئين للتعبئة والتجييش ضدّ إيران منهم حسن الموسوي واسمه الحقيقي نزار جبار مطشر الذي يدّعي أنه مرجع وهو ضابط سابق في قسم الاغتيالات في مخابرات صدام حسين وإضافةً إلى قائمةٍ طويلةٍ من الأسماء لبعض المعمّمين منهم من يديرون الحملات على إيران من لبنان من خلال التواصل مع مشغليهم وبروزهم على بعض وسائل الإعلام السعودي لتأجيج الوضع.
لا يتوقف دورهم عند ذلك وبغضّ النظر عن الدعم المالي والمتاجرة بدماء الشعب العراقي فإنّ مجمل الأسماء لمجموعة شيعة الاستخبارات هم ثلة من الفاسدين يقدّمون أنفسهم رواد إصلاحٍ للشعب العراقي وترى فيهم واشنطن وتل أبيب رافعةً للأصوات الرافضة لإيران وتعوّل عليهم بأن يكونوا قياداتٍ في المستقبل ولهم دور بارز في القرار العراقي نظراً لعدائيتهم لإيران ولموقفهم الإيجابي تجاه الكيان الصهيوني، وهذا ما أكده أمين عام عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي في مقابلته المتلفزة، حيث أشار إلى وجود نشاطٍ وإدارة مخابراتية إسرائيلية أميركية في العراق وتورّط أحد الرؤساء العراقيين الثلاثة في التآمر على الشعب العراقي، إضافةً إلى تقديم ثلاثة قادةٍ أمنيين طلباً إلى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الحاج أبي مهدي المهندس بقمع الحشد للمتظاهرين لكن المهندس رفض الطلب.
على ضوء ذلك يتجلى المشهد العراقي واضحاً لا سيما في ظلّ مواكبة المرجعية لتطور الأحداث ونظراً لخطورة المرحلة التي تستهدف العراق وشعبه الذي دفع أثماناً باهظةً في مواجهة الاحتلال الأميركي والإرهاب. ثمة إنجازاتٍ ستدفع باتجاه الحلّ بدأت بشائرها ببلورة تفاهمٍ واتفاقٍ مع زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر والقوى السياسية المؤثرة والمتضامنة مع مطالب الشعب، وبقيام القوى الأمنية بحملة اعتقالاتٍ تطال كلّ المندسّين والمرتزقين الذين تسبّبوا بتأزيم الأوضاع وكادوا أن يضيّعوا مطالب الشعب المحقة.
|