قسم الزعامة لسعاده هو معمودية بالفعل،إختار ذكرى ميلاده لإعلانها،لأن قضية وطنه وأمته لاحقته منذ زمن بعيد،فالوطن يتعرض للتقسيم والقضم،والأمة تتعرض للتفكيكات الفئوية،الزمن يمر سريعاً وعلى سعاده أن يستفيد منه ليوقف عجلة الإنهيار من متابعة إنحدارها،وبالتالي إستلام المبادرة والعودة إلى الإرتقاء،في ذكرى ميلاده هو المناسبة الملائمة لإطلاق قسمه،والذكرى عام 1935 هي الأكثر ملائمة لذلك،فأقبل على قسمه وكأنه يقول إن الأقدار قد أوجدتني في الزمان والمكان المناسبين لأقوم بالمهمة الجبارة....لماذا؟
منذ الفترة التي دبّ الوعي في وجدان سعاده وتولدت لديه الثقة بذاته من جهة،وبإمكانية الإنتصار من جهة أخرى،منذ تلك الفترة لم تأخذه غفلة ولا سنة ولا نوم عن تحقيق مقاصد وجدانه العليا،بدأ سعيه لتنفيذ مضمون قسمه من خلال المحاولات الدؤوبة التي سبقت تأسيس الحزب السوري القومي وقيامه،فسعاده الذي ولد عام 1904 تميز بعقل واع وحس بالمسؤولية،كان قد شهد في الوطن ويلات الحرب العالمية الأولى وتساءل عن سببها،ولاحظ تفكك الأمة إلى فئات متناحرة وتساءل عنها،ولاحظ تلاعب الإرادات الأجنبية ببلاده وبأمته،تقسّم الوطن إلى كيانات وتهب أجزاء منه لدول وجماعات،وتغذي الفئوية الطائفية والعشائرية والإقطاعية والعائلية والمناطقية... وتساءل عنها،ولاحظ محاولات لإخراج البلاد من واقعها المؤلم ووجد في تلك المحاولات إما إختلاجات صادقة لا ترتكز على أساس علمي موضوعي تخصصي،إنما هي إختلاجات عاطفية ترتكز على أساس تاريخي ديني،وإما يديرها أفراد يملكون إرثاً سياسياً عائلياً...وتساءل أيضاً عنها،أمام هذه الفسيفساء حيث لا مؤسسات جامعة ولا سيادة،ولكي لا يكون كغيره من العاملين في الشأن العام،كما أن تساؤلاته لم تكن في سبيل المعرفة المجردة،كرّس سعاده وقته للدرس الممنهج وخرج بنظريته الفلسفية المدرحية،وبفكرة الأساس القومي للمجتمع...وترويجاً لما رسا عليه تفكيره لا بد من إيجاد الإرادة البشرية لتكون النواة لحركة قومية ذات إرادة وفكرة واحدة منظمة تنظر في شؤون سورية الوطنية وفي مصير الأمة السورية.
|