الجمل ـ ستيفن ليندمان ـ ترجمة: رندة القاسم: تركيا تقود حرب واشنطن ضد سوريه، إنها تلعب بالنار، و قد ينتهي الأمر بإحراقها. و لأسباب وجيهة، ألقى الأسد اللوم على أنقره في زيادة التوتر والمواجهات الحدودية. و في الحادي عشر من تشرين الأول قال لصحيفة Aydinlik التركية اليومية أنه لا يعاني من صعوبات مع الشعب أو الجيش التركي، و إنما فقط مع الحكومة. و أضاف بأن سورية لم تكن يوما معادية لتركيا. و المواجهات المثيرة للقتال تجعل العلاقات متوترة، إذ أن أنقره تلعب دور كلب واشنطن المستهل للهجوم.
و تحت عنوان: (الحكومة تضع الجيش في حالة جاهزية قصوى) ،ذكرت صحيفة Hurriyet Daily News اليومية في عددها الصادر في الحادي عشر من تشرين الأول: (قال مسؤول رفيع المستوى لم يذكر اسمه: "نريد أن نبعث برسالة إلى النظام السوري مفادها أن تركيا عازمة على حماية حدودها و شعبها و جاهزة للقيام بكل ما يلزم، و هذا هو معنى الجاهزية القصوى".
رئيس هيئة الأركان الجنرال نيسديت أوزيل يستمر بمراقبة الجنود المنتشرين على الحدود السورية: (نحن هنا، و نحن شامخون. لقد انتقمنا و إذا استمرت نيران مدافع الهاون ، سنرد بقوة أكبر).
الجيش السوري الحر هو من يلام ، فباستخدامه أسلحة الناتو أطلق مدافع هاون على أراض تركية، و ظلما ألقي اللوم على الأسد. و ربما ينتهي المطاف بتركيا في خوضها المعركة التي تريدها، و بالطبع واشنطن هي من ستصدر أوامر إطلاق النيران، فضباط أوباما يقررون متى و كيف، و أنقره تشارك بكل طواعية في المؤامرة .
و الحوادث الاستفزازية تصعد التوتر، ففي الحادي عشر من تشرين الأول ذكرت وكالة الأنباء العربية السورية (سانا) أن طائرة الركاب السورية التي أجبرت من قبل السلطات التركية على الهبوط في مطار أنقره قد وصلت إلى دمشق.و ذكرت سانا على لسان غيداء عبد اللطيف، مديرة الخطوط الجوية ، أن طاقم الطيارة تعرض لهجوم السلطات التركية قبل السماح لها بالمغادرة، فقد رفضوا التوقيع على وثائق تقول أنهم هبطوا اضطراريا ، و ذكرت روسيا اليوم أن الرافضين قد ضربوا.
و قالت عبد اللطيف: ( أجبرت طائرات تركية F-16 الطائرة السورية على الهبوط لأجل التفتيش، خارقة بذلك الإجراءات الدولية من حيث عدم إعلام طاقم الطيارة أو الخط الجوي المدني التركي بالأمر، مما كاد أن يسبب حادثا جويا نظرا لقرب الطائرات).
و لم يتم العثور على بضائع غير قانونية، و بقي الركاب سالمين و لكن تعرضوا للصدمة. و تقول عبد اللطيف أن أنقره ارتكبت عملا غير إنساني: (أضف إلى ذلك الساعات الطويلة التي حجزوا فيها دون طعام أو أية خدمات أخرى أو حتى العلم بما يحدث، ما تركهم في حالة هلع و ظرف نفسي سيء جدا).
اعتبرت دمشق تصرف تركيا الاستفزازي قرصنة، و ألغى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة مخططة إلى أنقره. وقال مكتب أردوغان أنها أجلت إلى الثالث من كانون الأول، و لم يذكر المسؤولون في موسكو المزيد.
عبرت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها، و طالبت بتوضيح، فقد تحمل سبعة عشر مواطنا روسيا، كانوا على متن الطائرة، الإساءة لمدة ثمان ساعات. و اتهمت موسكو أنقره بتعريض حياة روس للخطر.و تركيا لم تعلم موسكو عن المسافرين الروس، بينما قامت التقارير الإعلامية بتزويد المعلومات.و قالت وزارة الخارجية أن ما حدث كان خرقا للاتفاقيات القنصلية المتبادلة ، و هي لا تريد المزيد من الاستفزازات.
و قال مصدر روسي رفيع المستوى في مؤسسة لتصدير السلاح بأن ما من أسلحة أو تكنولوجيا حربية كانت على متن الطائرة، و أضاف: (روسيا لم توقف تعاونها مع سورية في مجال التكنولوجيا الحربية و ستزودها بأي نوع منها عند الحاجة وفقا للقواعد المتبعة لا سرا و خاصة عبر طائرة ركاب).
و قالت وسائل الإعلام التركية أن أنقره من الآن فصاعدا ستمنع طائرات الركاب التركية من الدخول في المجال الجوي السوري.و قال وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو بأنه عند الضرورة سيحظر على طائرات مدنية أخرى استخدام المجال الجوي التركي و أضاف: (نحن عازمون على السيطرة على نقل السلاح إلى نظام ينفذ مجازرا وحشية بحق مدنيين، و من غير المقبول أن يتم النقل باستخدام مجالنا الجوي. لقد تلقينا معلومات تفيد بأن الطائرة كانت تحمل بضائعا ذات طبيعة قد تخالف قوانين الملاحة المدنية).
انه يكذب، فما من شي غير قانوني وجد في الطائرة، و تركيا و عن عمد قامت بخرق قوانين الملاحة المدنية, لقد كانت استفزازية بلا مبرر. إنها تدفع الأمور تجاه تدخل كامل.
في العاشر من تشرين الأول ، ذكرت سانا بأن وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف تحدث عن نية موسكو الدفاع عن قرار تصدره الأمم المتحدة في محاولة لتبريد التوتر الإقليمي. و أكد على احترام السيادة الوطنية، و سلامة الأراضي و عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، و أن موسكو على استعداد في أي وقت لتقديم خدمات في المحادثات و الوساطة.
و روسيا تعلم ما هو الخطر المحدق، و مصممة على تفادي حرب شاملة. فأي شي قد يندلع في أي وقت، إذ تبدو تركيا متسرعة تجاه صراع، إنها تثير و تسهل تدخلا كاملا.وربما تجهز إسرائيل نفسها للتدخل، إذ تنشر قواتا هامة على حدود الجولان، و بنفس الوقت تحتفظ بالسرية. و إذا أطلقت واشنطن العنان لتركيا من أجل الهجوم ، قد يقوم نيتنياهو بتقديم العون أو إجبار سورية على تحويل جنود لحماية حدودها الجنوبية الغربية.
و الاعتماد سيكون على ادعاءات بالتدخل الإنساني أو مسؤولية الحماية، و هي الحيلة ذاتها التي استخدمت في ليبيا، عدوان امبريالي يتخفى وراء نوايا تحررية.
في الحادي عشر من تشرين الأول ، نشر موقع DEBKAfile(DF) المرتبط بالموساد مقالا تحت عنوان: (جيش تركيا في حالة استعداد قصوى، خطوة أولى تجاه منطقة حظر جوي في سورية) جاء فيه: (مضاعفة التوتر يجعل التصعيد في حالة خطرة. تهديدات تركيا و استفزازاتها تفترض الأسوأ. الإعلان بأن المجال الجوي السوري غير آمن هو خطوة تجاه خلق منطقة حظر جوي فوق سورية).
قد يحاول أردوغان القيام بشكل أحادي بإغلاق المجال الجوي السوري دون إذن مجلس الأمن، ما يتضمن حربا، و إستفزاز روسيا سيزيد من الخطر. و هذا في وقت إعلان وزير الدفاع ليون بانيتا نشر فرقة من قوات الولايات المتحدة إلى الأردن.
و أضاف موقع DFl أن قذائف المدفعية التركية العابرة للحدود تعني تقدما نحو خطتها من أجل إنشاء منطقة عازلة على امتداد 10 كيلومتر في الأراضي السورية. القيام بهذا سيصعد أيضا تجاه حرب. و دمشق ستحتاج فقط وقتا طويلا قبل الثأر، و أنقره تدفع بهذا الاتجاه و تتبع أوامر إدارة أوباما.
الأوضاع الحالية تشبه الأحداث السابقة لحرب واشنطن على ليبيا، باستثناء أن أي شيء قد ينفجر في أي وقت. و المزيد من الحروب هو أخر ما تريده دول الشرق الأوسط غير المولعة بالقتال، و سواء أكانت مستعدة أم لا، يبدو بأنها قادمة.و نشر قوات للولايات المتحدة على الحدود السورية الأردنية يجعل الأمر مرجحا. و في البداية تدخلت أعداد قليلة و يتوقع أن يتبعها المزيد. و لكن كم هو العدد غير المعلن؟ هذا و لم نتحدث عن التبرير لوجودها هناك.
بعد لقاء الناتو في بروكسل قال بانيتا: (لدينا مجموعة من قواتنا تعمل هناك للمساعدة في بناء مراكز قيادة و لضمان جعل العلاقات بين الولايات المتحدة و الأردن قوية بحيث نستطيع معالجة كل العواقب المحتملة لما يجري في سورية).
و مع تطبيقها للتصريحات السياسية حرفيا، أقحمت الأردن نفسها أكثر بالأمر. و سوريه تملك جيرانا عدائيين شماليين و جنوبيين. و تدخل كلي سيؤثر على الاثنين معا. إسرائيل تهدد المنطقة، و نواياها ستدرك بطريقتها، و وفقا لجدولها الزمني،و تملك جيشا كبيرا ، و ربما يستخدم في حال أرادت له واشنطن العمل بتآلف مع تركيا و قوى أميركية في المنطقة و دول أخرى، و هناك خطر من تورط المنطقة برمتها.
و لن تقف روسيا و الصين بخمول، و كلتاهما قلقتان، اذ ان خسارة سورية و من ثم ايران تعرضهما لخطر خسارة المنطقة برمتها.و الدولتان تملكا مصالح إقليمية حيوية، و من الصعوبة تخيل انسحابهما و عدم قيامهما بأي شيء. و عدم النجاح في الوصول إلى تسوية سيزيد من قابليتهما للعطب، و الدولتان تمثلان آخر تخوم أميركا، و الفشل في مواجهة المزيد من العدوان الأميركي الآن يجعل القيام بهذا لاحقا أمرا صعبا.
و هناك أمل برسم خطوط حمراء و تحدي من يجتازها، و أفضل إستراتيجية ضد الحرب هي الحيلولة دون نشوبها، و الكلام بلغة متشددة دون أي لبس هو المفتاح الآن حيث لا يزال هناك وقت.
بقلم الصحفي و الكاتب ستيفن ليندمان المقيم في شيكاغو
عن موقع The 4th Media
|