إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بين 26 تموز و 30 آب 2015 تحصين لبنان وحمل هموم الناس ومعاناتهم

معن حميّة - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-31

إقرأ ايضاً


للناس مطالبٌ محقة، ليست محلّ خلاف واختلاف، وكلّ من يرفع الصوت مُطالباً، إنما يلامس وجع كلّ الناس. وهو وجع مزمن، عمره من عمر النظام الطائفي البغيض.

صرخة الوجع مشروعة، بعدما صار جرح المعاناة عميقاً. هي صرخة الناس، كل الناس، ينادون برفع الظلامة والحيف والحرمان عنهم وبالعيش الكريم، وبعدالة اجتماعية مفقودة، ومواطنية مسلوبة، لكن «لا حياة لمن تنادي»، فالمنادى جثة ميتة، لا يسمع صرخة الوجع ولا يتحسّس آلام الشعب، فهو محنّط، ومسنود برعاياه الطائفيين وهم كُثر، ومدجّجٌ برعاية دولية تحميه، وتعيد ترميمه في كلّ حين.

هذه الجثة الهامدة الميتة، غير قابلة للحياة، لكنها ستظل تشكل عبئاً وكابوساً على اللبنانيين، لأنّ من أصدر شهادة ميلاد النظام الطائفي لن يوقع شهادة موته. فهذا النظام تأسّس برعاية أجنبية، وهو مصلحة أجنبية، وإسقاطه مقرون بسقوط المشروع الأجنبي ــ الاستعماري.

التخلص من النظام الطائفي لا يتمّ من خلال إسقاط مؤسسات الدولة، فحين تسقط هذه المؤسسات، يدخل لبنان في أتون الفوضى، وما من أحد يستطيع الاستثمار في الفوضى سوى الأجنبي، وهو القادر على أن يستولد نظاماً أكثر وحشية وطائفية وأشدّ جبروتاً واضطهاداً.

والسؤال هل نحن أمام مرحلة جديدة، وجد فيها الأجنبي فرصته لاستيلاد نظام جديد بمواصفات طائفية ومذهبية تتطابق مع منظومة مشروع «الشرق الأوسط الجديد»؟ وهل هناك من يدفع بلبنان إلى مجهول الفوضى؟

فرص إسقاط النظام الطائفي في لبنان، ليست معدومة، بل هي متاحة وأقرب إلى أن تتحقق وتصبح واقعاً. لكن الإشكالية هي بين خيارين، إما إسقاط هذا النظام والدخول في مجهول غير معلوم، وفي هذا مصلحة أجنبية، وإما إسقاطه بإرادة لبنانية صرفة، وفق آلية تبدأ بسنّ قوانين عصرية، في طليعتها وأساسها قانون انتخابات يحقق صحة التمثيل، ولسان حال اللبنانيين، قانون يجعل من لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية، وهذه مصلحة وطنية.

لذا، المطلوب ترشيد أيّ حراك سواء كان شعبياً أم سياسياً، لضمان أن يشكل مصلحة وطنية أكيدة. فالخطر على لبنان ليس محصوراً بالأزمات المتفاقمة التي تهدّد اللبنانيين في حياتهم ومعيشتهم ومستقبلهم وتكتم أنفاسهم، بل هناك تحديات أخرى عديدة أبرزها الإرهاب الذي تمارسه «إسرائيل» والمجموعات المتطرفة… ومواجهة هذا الخطر تستوجب تحصيناً للداخل اللبناني، وتشاركية سياسية وحزبية وشعبية من أجل إيجاد الحلول للأزمات الداخلية تفادياً لتداعياتها وأخطارها.

ولأنّ المطالب المرفوعة محقة، فإنّ المطلوب إيجاد حلول لأزمات النفايات وانقطاع المياه والكهرباء، وسلسلة الرتب والرواتب والبطالة والضائقة الاقتصادية وغيرها من المطالب الكثيرة، وهذه مسؤولية الحكومة اللبنانية، وعليها تحمّل هذه المسؤولية.

ولأنّ مواجهة الإرهاب والاحتلال مسؤولية وطنية كبرى، وجب على الجميع العمل من أجل تحصين لبنان بوحدة اللبنانيين، وبالحفاظ على مؤسسات الدولة، والدفع باتجاه إطلاق تشريعات وطنية ترمي إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة وقوية، أساسها المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية، وهذه مسؤولية القوى السياسية والحزبية والشعبية.

هموم الناس ومعاناتهم ومطالبهم وقضاياهم وتحصين لبنان ووحدته وعناصر قوته ومنعته، هو ما أكدّ عليه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، في مهرجان ضبية 26 تموز 2015 بذكرى استشهاد مؤسس الحزب أنطون سعاده، إذ أعلن أنّ «لبنان يتخبّط في أزمة وطنية جديدة، تضاف إلى أزماته المتلاحقة منذ الاستقلال، فلا رئيس لجمهوريته، ولا حكومة تنتج، ولا مجلس نيابي يجتمع ويشرّع، والانقسام السياسي على أشدّه، والعصبيات المذهبية في أوجها، والاقتصاد متعثر، والناس متروكة لأقدارها، في غاية البؤس والشقاء، ولولا ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة لكان لبنان فاقداً لمناعته، تستبيحه «إسرائيل» متى تشاء، ويستبيحه الإرهاب فيعبث بأمنه واستقراره أنّى ومتى شاء».

وأكد رئيس الحزب أنّ الأزمة هي «أزمة النظام السياسي الطائفي، الذي ثبت منذ الاستقلال عجزه عن بناء دولة، وعن إقامة عدالة وعن إنماء متوازن وعن بناء المواطنة كركيزة لوحدة وطنية راسخة، كما ثبت عجزه عن بناء أمن دائم، واقتصاد منتج يوفر النمو وفرص العمل للبنانيين الذين تمتصّ الهجرة معظم الشباب منهم ليحرم المجتمع من كفاءاتهم، هذا النظام الطائفي لم ينجح إلا في تأجيج الانقسامات والعصبيات، وفي إنتاج الحروب الداخلية في كلّ عقد من الزمن».

وقال أيضاً: إنّ إنقاذ مشروع الدولة مهمة وطنية لا تتقدّم عليها مهمة أخرى، وهذه مسؤولية القوى السياسية، فالدولة المركزية القوية والعادلة وحدها ضمانة وحدة لبنان وضمانة قوته، وكلّ البدائل الأخرى من فيدرالية أو ما شابه هي صيغ مدمّرة لمشروع الدولة الواحدة وللبنانيين جميعاً».

وشددّ على أنّ المدخل الإلزامي لاستنقاذ مشروع الدولة يكون بقانون جديد للانتخابات النيابية، قانون يسهم في وحدة اللبنانيين ولا يعمّق انقساماتهم، قانون يحقق فعلاً صحة التمثيل وعدالته، وهكذا قانون يقوم على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية.

وتوجه إلى الرئيس نبيه بري صاحب القامة الوطنية والمبادرات، قائلاً: إنّ لبنان في هذا الزمن الصعب، ينتظر منك مبادرة، كما هي عادتك، مبادرة للحوار الشامل، نعم، الحوار الشامل، بجدول عمل يحصّن الاستقرار في لبنان، ويساهم في ملاقاة الاستحقاقات الواجب ملاقاتها.

وفي ذكرى تغييب مؤسس حركة أمل الإمام موسى الصدر ورفيقيه، أمس، أي بعد شهر ونيّف على دعوة رئيس الحزب النائب اسعد حردان، أطلق رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل الأستاذ نبيه بري، مبادرة وطنية للحوار، راسماً خريطة طريق لتحصين لبنان، ومؤكداً أنّ الحلّ بقيام الدولة المدنية وقانون انتخابات على أساس الدائرة الواحدة والنسبية.

في المواقف التي أعلنها رئيس الحزب في مهرجان 26 تموز ودعوته الرئيس بري إلى إطلاق مبادرة، وفي المواقف التي أطلقها دولة الرئيس بري في مهرجان 30 آب، وإطلاقه دعوة إلى الحوار، تكامل في المواقف يجب أن ينسحب على كل الأطراف، وحرص أكيد على تحصين لبنان في مواجهة الأخطار، وتحمل للمسؤولية الكاملة تجاه الناس وقضاياهم المحقة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024