إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هجمات القاع الإرهابية... أهداف مضمرة ومعلنة

معن حميّة - البناء

نسخة للطباعة 2016-06-29

إقرأ ايضاً


بعد صبحٍ دامٍ عاشته بلدة القاع الاثنين الفائت نتيجة هجمات إرهابية نفّذها أربعة انتحاريين، شهد مساء البلدة قيام أربعة انتحاريين آخرين بهجمات مماثلة، وتسبّبت هذه الأعمال الإرهابية باستشهاد خمسة مدنيين وجرح العشرات من أبناء المنطقة.

توظيف هذا العدد من الانتحاريين 8 إرهابيين لتنفيذ هجمات في بلدة واحدة، يشير إلى أنّ الكائن الإرهابي الذي خطّط للهجمات ونفذها، يسعى وراء تحقيق هدف خطير، أو ربما مجموعة أهداف، لكن، حتى الآن، لم تتكشّف الحقيقة الكاملة لخيوط الاستهداف!

الرواية الكاملة لما حصل، لن تكتمل إلاّ بعد إماطة اللثام عن الهدف الحقيقي من وراء تنفيذ هذا الكمّ من الأعمال الإرهابية وفي منطقة واحدة. فالاعتقاد بأنّ الكائنات الإرهابية لا ترى في بلدة القاع هدفاً بل ممراً، هو اعتقاد خاطئ وتضليلي، فقد ثبت بعد الدفعة الثانية من الهجمات أنّ البلدة تشكل هدفاً مباشراً للإرهاب.

ما هو المخطط الإرهابي من وراء التفجيرات؟ ولماذا بلدة القاع في عين عاصفة الإرهاب؟

هل باتت الخلايا الإرهابية المنتشرة في عدد من المناطق مستعدّة وجاهزة لوصل الجغرافيا بينها؟ أمّ أنّ هناك دفعاً دولياً وإقليمياً وعربياً لاستخدام ورقة النازحين السوريين باتجاه إقامة مخيمات تصلح لتنفيذ أجندات الدول الداعمة للإرهاب؟

هذه الأسئلة وغيرها، يفترض البحث الجدّي عن أجوبة لها، وهذه مسؤولية تقع على عاتق القوى الأمنية والعسكرية وعلى عاتق الإعلام. فإذا صحّ سيناريو الربط والوصل الجغرافي الذي يتيح للكائنات الإرهابية الوصول الى منفذ بحري، وإذا صحّ أيضاً سيناريو تشريع النزوح السوري وفقاً لروشتة دول محور الإرهاب، فإنّ ما حصل في القاع يشكل تهديداً أمنياً كبيراً وتحدّياً مصيرياً لكلّ لبنان.

اللافت أنّ طرح الأسئلة المشار إليها كان خجولاً، وإلى حدّ كبير غائباً، وبعض الإعلام وجد ضالته في إثارة موضوع حمل السلاح من قبل أبناء القاع، على الرغم من أنّ الهجمات الإرهابية كانت منظمة ومتقنة، وقد نفذها إرهابيون ثمانية، على مراحل عدة، ويفترض التدقيق جيداً بكلّ تفصيل يتعلق بهذه الهجمات، وليس إشاحة النظر عنها والتلهّي بالقشور. فأن يحمل بضعة شبان سلاحاً للدفاع عن بلدتهم في مواجهة الإرهاب، فهذا إنما يتمّ لمؤازرة الجيش وتحت جناحه.

لبّ المسألة هو ما يستتبع التفجيرات الإرهابية، فخطر الإرهاب لا يتوقف عند حدود بلدة القاع، ولا عند حدود البقاع، ولا عند حدود لبنان ولا حدود المنطقة برمّتها. إنه خطر يتهدّد العالم بأسره حتى وإنْ كانت هناك دول تساهم في تفاقم هذا الخطر.

ولأنّ لبنان في دائرة الخطر، فهو معنيّ بمواجهة الإرهاب، عبر الوسائل الناجعة والوسائط المتاحة. فإذا كانت ممرّات العبور بين لبنان والشام تشكل عامل ضغط على الأمن في كلا البلدين، وإذا كان النزوح السوري يشكل عبئاً أمنياً على لبنان، فلماذا لا تتحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها، وتتخذ القرار السياسي الذي يصبّ في مصلحة اللبنانيين، فتتواصل مع الحكومة السورية من أجل مناقشة التهديدات الأمنية وقضية النازحين، خصوصاً أنّ الحكومة السورية أعلنت مراراً أنها قادرة على توفير الحلول للنازحين.

الحكومة اللبنانية مطالبة بتحمّل مسؤولياتها، لدفع تهمة العنصرية عن اللبنانيين، خصوصاً أنّ ملف النزوح خارج عن السيطرة والتحكّم، وهو نتاج سياسة النأي، ونتاج التماهي مع سياسة تشجيع حالات النزوح بغرض مضاعفة الضغوط على الدولة السورية، وساهم في ذلك مسؤولون لبنانيون رسميون ومن قوى 14 آذار.

واقع الحال أنّ هناك تجمّعات كبيرة للنازحين في مشاريع القاع وغيرها، وهي لا تخضع لكنترول السلطات الأمنية اللبنانية، وبعض هذه التجمّعات خاضعة للمجموعات الإرهابية، كما هي الحال في أطراف عرسال، وبعض النواب والمسؤولين يتحدّثون عن وجود أعداد كبيرة من «الدواعش» اللبنانيين في مناطق لبنانية متعدّدة، والأجهزة الأمنية اللبنانية المتعدّدة تفكّك يومياً شبكات إرهابية، وهذا يشي بأنّ لبنان في دائرة الخطر، وأنّ المعالجة يجب أن تكون جادّة وسريعة.

رسائل الموت والإرهاب سواء كانت موقعة باسم «داعش» أو «النصرة» أو أيّ مجموعة إرهابية أخرى، ترمي إلى فتح ثغرة في الجدار الدفاعي الذي شكّله أبناء القاع مع أبناء سائر البلدات البقاعية، لكن هذا الإرهاب وإنْ سجّل فشلاً في اختراق الجدار الدفاعي، لكنه لا شك حقق ما يبتغيه، والمطلوب تقويض ما حققه الإرهاب من وراء الهجمات الإرهابية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024