إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يقلب الحريري الميمنة على الميسرة؟

هتاف دهام - البناء

نسخة للطباعة 2016-09-27

إقرأ ايضاً


عاد الرئيس سعد الحريري من إجازته خالي الوفاض. لا يحمل في جعبته أية مفاجآت إلا المعطيات المتداولة في حلقته الضيقة، في الحوار الثنائي، في الدائرة المحيطة برئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون.

لن تحمل جلسة يوم غد الرئاسية جديداً. لم تنضج الظروف بعد. لن يقلب رئيس تيار المستقبل الميمنة على الميسرة في الساعات الفاصلة عن الجلسة الـ 45 . كلّ ذلك لا يعني أنّ الظروف غير قابلة للنضج وغير قابلة للبحث في الأيام المقبلة.

إنّ خيار انتخاب العماد عون رئيساً هو الأقرب للواقع. رغم موقفه الواضح أنه لا يشجع انتخاب الجنرال، أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه إذا تمّت التسوية وحصلت الموافقة الحريرية فلن يعطل إنهاء الفراغ الرئاسي.

يتنازع فريقان داخل تيار المستقبل. فريق يترأسه الشيخ سعد يرغب بانتخاب «العماد» اليوم قبل الغد. تؤكد معطيات كثيرة هذا المنحى. قاد رئيس التيار الأزرق اتصالات تحمله إلى السراي، بعدما وصلت الأمور بعد الانتخابات البلدية شعبياً إلى تفكك واضح في صفوف حزبه. من مصلحة الأخير أن يتسلّم رئاسة الحكومة لاستعادة وضعه في البلد ولأسباب أخرى مالية وسياسية. لا يريد أن يخسر المزيد. الوضع الإقليمي في تطور واضح نحو نجاح وانتصار محور المقاومة.

أما الفريق الثاني في تيار المستقبل فيرأسه الرئيس فؤاد السنيورة. يحتجّ، يرفض، ويضع العصي في الدواليب الرئاسية. يعتبر أنّ وصول الجنرال انتصار لسورية وإيران وحزب الله ويشكل هزيمة زرقاء.

يبقى الحسم النهائي للرياض. الخط الذي تتبناه يسلك طريقه. سيبقى رئيس «المستقبل» ينتظر سياسة المملكة تجاه قصر بعبدا، لأنها توحد موقف نواب كتلة لبنان أولاً. إذا غلّب الموقف السعودي موقفاً على آخر، فإنّ الطرف المغلوب سوف يلتحق بالطرف الغالب. أما إذا لم يكن هناك من أجندة سعودية واضحة، وقرّر الحريري الاستقلالية في اتخاذ القرار فسيتمزق التيار الأزرق إلى تيارات. لذلك فإنّ منطق الحكمة يقول إنّ الحريري سيتريّث.

إلى أن تدقّ الساعة، يقول قطب سياسي بارز في 8 آذار لـ «البناء» إنّ حزب الله لن يتخلى عن العماد عون. ينظر إليه رئيساً بصفته رجل دولة، حليفاً استراتيجياً، لديه نهج إصلاحي تغييري، يؤمن بالمقاومة. يؤيد حزب الله حق الجنرال في الوصول إلى رئاسة الجمهورية تشبّهاً بمن وصل إلى رئاسة المجلس النيابي ومجلس الوزراء بالأعراف المعمول بها في البلد.

لكن المشكلة تكمن، وفق القطب نفسه، في فيتو غربي وإقليمي يعمل عليه المحليون بأعذار وذرائع متعدّدة. ربما لأنّ العماد عون على تحالف مع حزب الله. صحيح أنّ الوزير سليمان فرنجية أيضاً حليف للمقاومة، لكن من قال إنّ طرحه للرئاسة جديّ؟ لقد كان طرحاً تكتيكياً من تيارالمستقبل لرمي الفتن. وعد الفريق الآخر بيك بنشعي لكنه أخلف معه. انتهت رئاسة فرنجية من التداول وهو على يقين بذلك، وإنْ كانت كتلة المستقبل حاولت في بيانها الأسبوع الفائت تأكيد استمرار دعم ترشيحه وكلّ ذلك لضرب التوجه الذي يسلكه الحريري.

يؤكد القطب السياسي أنّ البلد ذاهب إما إلى انتخاب الرئيس التوافقي محلياً العماد عون مقابل تكليف رئيس تيار المستقبل بتشكيل الحكومة ضمن سلة تتضمّن قانون الانتخاب، أو الذهاب إلى إقرار قانون انتخابي طالما أنّ الاستحقاقات السياسية معلقة.

قال حزب الله كلمته بالفم الملآن، إنه مع إنجاز الاستحقاق الرئاسي عندما تكتمل الظروف لانتخاب الجنرال عون . وإذا كانت المكونات الأخرى تستطيع الإتيان بغيره لتجرّب.

وفق القطب السياسي، يمارس هؤلاء غبناً وحرماناً على التيار البرتقالي في الرئاسة والتوظيف والتعيينات، في حين أنّ القادة الآخرين يتمتعون بكامل صلاحياتهم ضمن العرف الموجود في البلد. العرف الذي لا يؤيده حزب الله لكونه يريد نظاماً يساوي بين المواطنين.

لن يقبل حزب الله بتهميش مطالب الجنرال المحقة. في الوقت نفسه لن يختلف مع الرئيس بري. تتجه الضاحية، كما يقول القطب، إلى اتخاذ الموقف الحكيم حرصاً على الحلفاء وعلى البلد. سيترجم الحزب موقفه في الحكومة والمجلس النيابي وفي تحركات الشارع بين حدّي عدم التخلي عن الرابية وعدم التباين مع عين التينة.

يأمل حزب الله، بحسب القطب السياسي، أن يستمرّ الحوار بين الكتل السياسية، فهو الطريق الوحيد للوصول إلى حلول. المدخل للحلّ في نظره، قانون انتخاب عصري مبني على أساس النسبية ودائرة انتخابية واحدة.

لكن هل يُقرّ قانون انتخاب جديد؟ يطالب تيار المستقبل بالتمديد للمجلس سنة واحدة، ولا نعلم، كما يشير القطب السياسي نفسه، مَن ينضمّ إليه من الحلفاء. يؤكد حزب الله أنه ضدّ كارثتي التمديد وضدّ الستين وأنه يشجع التوافق على قانون انتخاب جديد على النسبية بغضّ النظر عن حجم الدوائر واحدة أو محافظات وفي الوقت نفسه لديه خطوات يتحدث عنها في حينها، اذا لم تتوصل المكونات السياسية إلى إقرار قانون جديد، وإذا يئس من المؤسسات وقراراتها واللجان القائمة.

إنّ النزول إلى الشارع بالنسبة لحارة حريك عبارة عن عملية ضغط، وحدها لا تكفي. نزلت قوتها الجماهيرية إلى الشارع حوالى السنة، لكنها اضطرت في ما بعد للتوافق مع بيت الوسط أمام تسلح الزرق بالمذهبية والطائفية.

يؤكد القطب السياسي، أنّ الجنرال عون يتفهّم ظروف الأمين العام لحزب الله. يعرفها جيداً ومقتنع بها. يعلم أنّ المقاومة تتحمّل عبئاً كبيراً. يقول الجنرال أمام زواره «الاخوة في حزب الله يعطيون العافية، لا أريد أن أحمّلهم أكثر مما يتحمّلون، لكننا كتيار وطني حرّ مستمرون في تحركنا الذي نعدّ له». وضع التيار الوطني الحرّ أمامه نمطين من العمل. النمط الاول يتعلق بالشارع ولن يطول أمره. والنمط الثاني يرتبط بالتحرك السياسي. يبدأ بعدم حضور جلسات الحكومة وتعطيل اتخاذ القرارات، وقد تصل الأمور إلى خطوات سلبية تصعيدية تتعلق بالحكومة والمجلس النيابي إذا استمرّ مجلس الوزراء في تجاوز الميثاقية، بغضّ النظر عن نجاحها في إحداث تغيير حقيقي.

يدرك الجنرال في قرارة نفسه أنّ حزب الله يريد محاربة الفساد. أعلن الأمين العام لحزب الله أنّ الأولوية لفتح ملفات الفساد، وأنّ الحزب لن يكون يوماً من الأيام مع الفساد ولن يدافع عنه. لكن الأكيد، وفق مصادر مطلعة لـ «البناء»، أنّ حزب الله لن يستخدم الشارع لمحاربة الفساد إذا كان سيؤدّي إلى إضعاف مشروع المقاومة أو تعطيله أو إرباكه. إنّ قراراً كهذا سيؤدّي إلى خلافات بين الحلفاء الداعمين لمشروع المقاومة، فهناك حليف يعتبر الشارع وسيلة ناجحة للحفاظ على ميثاقية العيش المشترك ومحاربة الفساد، وآخر يرى أنّ أهدافاً سياسية أخرى وراء هذه الشعارات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024