إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حكاية سلطة...

د. رائد المصري - البناء

نسخة للطباعة 2019-10-21

إقرأ ايضاً


بهدوء… لم ينتهِ فصل الحساب بعد، رغم سقوط الحجر الأول من أحجار دومينو التسلُّط والتسلُّق على رقاب الناس تحت عنوان السيادة وحماية لبنان، أرادوها تصفية حساب في الداخل اللبناني مع قوى شريكة لها في الحكم من أجل خيارات إقليمية خسرتها هذه الطبقة السياسية الانتهازية للرُّكوب على أكتاف المتظاهرين وقيادة التغيير الجديد، كما ركبوه إبَّان موجات العام 2005 كذباً وتدليساً ونفاقاً فلم يُفلحوا. إنَّها مأساتهم الفئويّة وخطاباتهم العنصرية ورهاناتهم الدامية سواء على قوى الإرهاب التي أحاطت بلبنان والمنطقة أو عبر مساعدة الخارج في إحكام ولفِّ حبل العقوبات الأميركية على رقاب اللبنانيين وقطع شرايين الدم والحياة عليهم نهائياً…

كَثُرت التحليلات وحُبِّرت أقلام فلاسفة التحليل في لبنان بالتشريح والبحث والتمحيص عن انتفاضة شعب على كامل الجغرافيا اللبنانية متجاوزين كلّ الخطوط الطائفية والمذهبية في وجه سلطة متحكِّمة ومتمكِّنة بولاءاتها الخارجية إلى الدرجة التي يصعب فيها عليهم إقالة وزير فاسد أو سمسار مالي ناهب بقرار داخلي صرف.

إنَّها حكاية سلطة نهَبَ أركان الحكم فيها على مدى ثلاثة عقود مال الدولة والمال العام خاصة الشعب، وتريد اليوم تخويف الناس من الفراغ الحكومي والمجهول، ولنفترض ذلك جدلاً: كيف ستجيب هذه السلطة على أسئلة اللبنانيين؟ ما هي إجراءاتها الفورية؟ هل هناك من ثقة بعد في هذه الطبقة الحاكمة؟ كيف تعود الناس وتُخلي الساحات وتترك للسلطة معالجة واقعهم المأزوم من جيوب هذه الطبقة المتسلِّطة وعلى حسابها؟ لماذا يستأمن الناس هؤلاء بعد اليوم على أمنهم ومستقبلهم المالي والإقتصادي؟ كيف ستتخذ القرارات الإصلاحية؟

هذه السلطة تبشر اللبنانيين بأنها ستقرّ الموازنة من دون فرض ضرائب.. إنها مهزلة. فهذا واجبها في الأصل إقرار الموازنة من دون تحميل الشعب الضرائب… ولا منَّة من أحد..

هل تستطيع السلطة في ظرف زمني قصير نسبياً إقرار قانون بضرورة رفع السرية المصرفية عن النواب والوزراء، وكذلك الحصانات المعطاة إليهم؟ فهذا يمنعهم من السرقة والتمترس خلف هوياتهم الطائفية والدينية والمذهبية… وتسري عليهم سيادة القانون…

هل يمكن إعادة المال العام المنهوب والذي كدَّسه بعض السياسيين الفاسدين في بنوك سويسرا وجنيف والتي فاقت الثروات المنهوبة فيها الـ 300 مليار دولار في حسابات مصرفية في الخارج؟

أيّ قانون محاسبة سينتظره اللبنانيون في القضاء ومجلس النواب لإقراره ومحاسبة الفاسدين؟ وبحق مَن؟ وما هي مدّته الزمنية للتنفيذ؟ هل ستتمّ هندسة ومراقبة أعمال المصارف بإشراف حكومي أم ستكتفي الحكومة بزيادة بعض الضرائب عليها، وهي التي راكمت الثروات طيلة عقود من الزمن من دون حسيب أو رقيب؟ وكيف للرئيس الحريري ألا يبادر الى الآن وعلى الأقلّ لإقالة بعض وزرائه ممن تلوّثت أياديهم بالفساد ورفضوا الخضوع أمام القضاء حتى لمجرد السؤال والاستفسار؟

لن نحلِّل أكثر ونغوص في التفاصيل رغم أهميتها ورغم المسؤولية الكبيرة التي أشار اليها السيد حسن نصرالله في خطابه بأربعينية الإمام الحسين، في منع انزلاق البلد وهزِّ الاستقرار الأمني فيه، فالسيد لم يُشِر الى منع إسقاط العهد إلاَّ تحذيراً للقوى السياسية التي أرادت ركوب موجات الاحتجاجات وتصفية حساباتها مع الرئيس عون والعبث باستقرار البلد، لكن الجميع واقف على حافة الهاوية ولم يعُد للناس ما تخسره من الآن فصاعداً، وعلى أمل في إنقاذ سريع للاقتصاد وللوظائف وللإصلاحات ومنع الفساد لا بدَّ من التضحية بالكثير من جانب السلطة، لأنها المسؤولة أولاً وأخيراً فهل تقدم هذه السلطة على إجراءات فعّالة وباستقلالية تامة وبعيداً عن الحسابات الخارجية وخصوصاً الأميركية؟ يجب أن يكون الرئيس سعد الحريري أقوى تماسكاً وصلابة في التعاطي بمسؤولية حتى لا يكون كبش فداء أمام من استغلوه واستفادوا من حاضنته وعلاقاته ونَفَضُوا أيديهم منه يوم الحساب…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024