إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بالثقة ننهض

د. ادمون ملحم

نسخة للطباعة 2007-07-05

إقرأ ايضاً


"الأمة التي لا تعرف التضحية"، يقول العلامة الدكتور خليل سعاده، "لا تعرف الإستقلال ولا تعرف الحرية". والتضحية لا تبذل بدون الثقة، ثقة الشعب بنفسه، بقيادته، وبالقضية التي يناضل من أجلها. والحق يقال ان الثقة هي من أجمل الأخلاق وأشرفها. فهي شرط أساسي لنجاح الجماعات والمؤسسات ولتقدم الأمم. وهذا الشرط يمنح نظام الهيئة الإجتماعية قوة ومتانة ويقوي وحدة الجماعة وتماسكها ويدفع بالأفراد المؤمنين للعطاء والتضحية في سبيل قضيتهم المشتركة. ومتى أصيبت الثقة بالضعف أو المرض، أدى ذلك إلى تضعضع الجماعة وتفككها. فبغياب الثقة يسيطر الشك وتعم البلبلة ويضعف الإيمان وتغيب التضحية وتتسلط النزعات الفردية عل حساب المصلحة العامة.

وفي درسنا للحركة القومية الإجتماعية ولتاريخها العظيم تتجلى لنا أهمية الثقة المنبثقة من نظام النهضة القومية ومن روحها ونظرتها وأخلاقها. فالثقة هي القاعدة المتبعة في كل أعمالنا وتحركاتنا. على أساسها ننفذ خطط الإدارة وبرامجها وبموجبها نحترم قرارات المسؤولين ونطيعها عملاً بقسم العضوية المقدس. والحق نقول أنه لولا الثقة التي تولّد الإيمان لما تمكنت حركتنا في الماضي من ان تتغلب على اليأس والقنوط وتشق لنفسها طريق التقدم والنمو. ولولا الثقة مصدر القوة والمناعة لما تمكنت حركتنا من ان تسحق ما أعترضها من صعاب وتحقق إنتصاراتها المنظورة والغير منظورة.

الثقة، إذاً، ُتشكّلُ إحدى الركائز المتينة للحياة القومية الإجتماعية الجديدة. فكما يقول المعلم "إن مبدأً أساسياً من مبادىء الحزب السوري القومي المناقبية هو مبدأ الثقة. فعلى أساس الثقة تقوم حركتنا وبالثقة نعمل."

والثقة نجدها في صميم الفلسفة القومية الإجتماعية التي تعلّمنا ان نثق بأصالتنا ونفوسنا وبما يختزن في مجتمعنا من خير وجمال وإبداع لأن "في النفس السورية كل علم وكل فلسفة وكل فن في العالم". فالثقة هي شرط من شروط الإستقلال الحقيقي، الروحي والسياسي على السواء. فإن لم نستمد مثلنا العليا من نفسيتنا وإن لم تقو هذه النفسية وتنزه عن العوامل الخارجية وسيطرة النفسيات الغريبة، فإن سورية، يعلن سعاده، "تبقى فاقدة عنصر الإستقلال الحقيقي وفاقدة المثل العليا لحياتها".

والفلسفة القومية الإجتماعية تعلّمنا الثقة بأنفسنا ومواهبنا وفعالية قوتنا وقدراتنا لتحقيق طموحاتنا. "ليست القومية"، يقول سعاده، "إلا ثقة القوم بأنفسهم وإعتماد الأمة على نفسها". وفي خطابه المنهاجي الأول، يعتبر سعاده ان "مبدأ ’سورية للسوريين والسوريون أمة تامة‘ أخذ في تحرير نفسيتنا من قيود الخوف وفقدان الثقة بالنفس والتسليم للإرادات الخارجية". وبفضل هذا المبدأ فإن "أفعالنا ووقائعنا ستثبت حكم إرادتنا التي لا تعرف عجزاً".

ولأن الثقة هي حجر الأساس في عملية البناء القومي لا بل لحمة البناء وطينه، فالمطلوب العمل على زرعها في النفوس وتعزيزها وتوفير كل شروطها ومستلزماتها. المطلوب ان نزرع الثقة المرتكزة على النظام الدقيق والصراحة الكلية والجلاء التام، ثقة القوميين الإجتماعيين ببعضهم وبقيادتهم، وثقتهم بأنفسهم وبقضيتهم المقدّسة والتي على أساسها ناضلوا وقدمموا التضحيات الجِّسام...

فتعالوا نعزز الثقة بالوضوح والجلاء والقدوة والعمل المثمر وبالتعقدن بالتعاليم القومية الإجتماعية وأخلاقها، تعاليم النهضة القومية التي نجد فيها كل الحق وكل الخير وكل الجمال لأمتنا. فالنهوض الحقيقي لا يكون إلا ﺒ "الخروج من التفسخ والتضارب والشك إلى الوضوح والجلاء والثقة واليقين والإيمان والعمل بإرادة واضحة وعزيمة صادقة". هذا هو معنى النهضة لنا كما يحدده سعاده العظيم.

تعالو نعزز الثقة بمواجهة حالات الميعان والتفكك والتفسخ والفوضى والشك والفئوية والأنانية والسطحية والفساد باللجوء إلى نظامنا الذي "يعطي الحزب وحدة عملية قوية وسريعة" والذي "لا بد منه لتكييف حياتنا القومية الجديدة ولصون نهضتنا العظيمة التي ستغير وجه التاريخ في الشرق الأدنى.."

تعالو نعزز الثقة بزرع بذور اليقين والإيمان والوجدان القومي وبتعميق الثقافة القومية الإجتماعية، ثقافة الواجب القومي والوحدة الروحية والإرادة الواحدة، ثقافة العطاء والتضحية والإخلاص، ثقافة الإصلاح والأمل والإنتصار.

بالثقة ننهض بحزبنا ونبني وطناً وحياة كريمة تليق بالشرفاء والأحرار... وبالثقة وحدها نحقق النجاح والرقي والنصر الذي لا مفر منه. أما إذا غابت الثقة عن مجموعنا، فلن نحقق إلا الفشل والمآسي...


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024