إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سوريا في «وقت مستقطع»... و«الجهاديون» يرمّمون علاقاتهم

صهيب عنجريني - الاخبار

نسخة للطباعة 2018-11-15

إقرأ ايضاً


تُرخي التعقيدات السياسية بظلالها على المشهد السوري وسط تضارب الأجندات والملفّات، ولأسباب لا تتعلّق بسوريا فحسب. وفيما يبدو الميدان مرشّحاً للانفجار على غير جبهة، واصل «الجهاديون» في إدلب العمل على تسوية خلافاتهم، في استثمار لافت للمعطيات

يختبر الملف السوري بتعقيداته البالغة مرحلةً أشبه بـ«الوقت المستقطع»، في انتظار جلاء كثير من التفاصيل المرتبطة بتداخل مصالح اللاعبين المؤثّرين وكباشاتهم غير المعلنة، إضافة إلى تأثيرات أقل فعالية تتركها المرحلة الانتقالية بين ولايتيّ المبعوث الأممي المنتهية ولايته ستيفان دي ميستورا، والمبعوث الجديد غير بيدرسن. ومن المنتظر أن تكون إسطنبول مسرحاً لمحادثات تتناول الملف بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في مطلع الأسبوع المقبل. وكان الكرملين قد أعلن أمس أنّ بوتين سيزور إسطنبول يوم الاثنين المقبل للمشاركة في احتفالات انتهاء بناء الجزء البحري من خط أنابيب نقل الغاز «التيار التركي» ولقاء أردوغان. ولم يُشر بيان الكرملين إلى سوريا صراحة واكتفى بالقول إنّ الرئيسين سيبحثان «مستقبل تنمية العلاقات الروسية التركية والقضايا الإقليمية والدولية الراهنة». على رغم ذلك، فإنّ الملف السوري يفرض نفسه بقوّة على كل ما يتعلّق بـ«القضايا الإقليمية والدولية». ومن المرجّح أن منطقة «شرق الفرات» ستحظى بنصيب وافر من محادثات الرئيسين، يُضاف إليها ملفّ إدلب و«اتفاق سوتشي» المعلّق من دون إعلان تعليقه رسميّاً. ويأتي لقاء بوتين ــ أردوغان، في ظل انكفاء مؤشّر التقارب الأميركيّ التركيّ بعد أن ذهب في مسار صاعد في الفترة السابقة، وهو انكفاء يرتبط في صورة أساسية بخفايا «ملفّ خاشقجي». كذلك، يأتي اللقاء في مسافة زمنيّة متوسّطة بين قمّة لم تحصل في باريس بين بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب (لأسباب فرنسيّة)، وأخرى قد تحصل بينهما على هامش «قمّة العشرين» نهاية الشهر الجاري في بوينس آيرس. وعلى رغم أن الكرملين كان قد أعلن في الأسبوع الماضي أنّ بوتين وترامب سيلتقيان على هامش القمّة، فإنّ الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بسكوف انتقد قبل أيام التأخير في التحضير لاجتماع الرئيسين، مؤكّداً أنّه «يؤدي إلى زيادة في عدم الثقة». وبات معتاداً أن تنعكس التناقضات بين الأطراف الثلاثة (الروسي والأميركي والتركي) بشكل مؤثّر في المشهد السوري.

**وليمة الجولاني بمثابة «عربون مصالحة» بين التيارات المتباينة**

ويزيد التشويش المستجدّ على خط واشنطن ــ أنقرة، فرص عودة أجواء التوتر إلى الشمال السوري (شرق الفرات) الذي يحظى بأهميّة خاصة في توجيه البوصلة التركيّة. وضمن هذا الإطار، عكست كواليس «مجلس سوريا الديموقراطيّة» في الأيام الأخيرة ميلاً إلى تصعيد اللهجة تجاه دمشق واتهامها بالعمل «على إثارة الفتنة شرق الفرات بالتنسيق مع أنقرة». وبالتوازي مع ضبابيّة المشهد السياسي، يبدو أنّ معظم الأطراف حريصة على رفع مستوى التأهّب الميداني تحسّباً لـ«حدوث شيء ما». وعلاوة على جولات الكر والفر التي تشهدها «المناطق المنزوعة السلاح» في ريف حماة الشمالي، بين الجيش السوري من جهة والمجموعات المسلّحة بمختلف انتماءاتها من جهة أخرى، تصاعدت أمس وتيرة الاشتباكات على غير جبهة بين الجيش السوري وتنظيم «داعش». وكثّف الجيش عمليّاته ضدّ التنظيم المتطرّف في منطقة تلول الصفا في بادية السويداء، فيما شنّ مسلّحو التنظيم هجمات استهدفت مواقع الجيش في محيط قرية الدوير (ريف دير الزور الشرقي). على صعيد آخر، استهدف طيران «التحالف الدولي» أمس مدينة هجين وبلدة الشعفة (ريف دير الزور الشرقي) بالقنابل العنقوديّة «ما تسبب باستشهاد عدد من المدنيين وإصابة آخرين بجروح ووقوع أضرار كبيرة في منازل وممتلكات المدنيين»، وفقاً لما ذكرته وكالة «سانا».

خلافاً لحال اللاعبين الإقليميين والدوليين، يبدو حال «الجهاديين» في محافظة إدلب. وتسارعت في الفترة الأخيرة وتيرة المصالحات وتسوية الخلافات (غير المعلنة) داخل «جبهة النصرة» من جهة، وبين «الجبهة» وكلّ من تنظيم «حرّاس الدين» و«الحزب الإسلامي التركستاني» من جهة أخرى. وتجاوزت «النصرة» آثار «اتفاق سوتشي» الأخير، بعد أن وصلت حافّة الانقسام «الشرعي» بفعل الموقف من الاتفاق (راجع «الأخبار» 28 أيلول). وأمس، نفى المصري، أبو الفتح الفرغلي، «عضو مجلس الشورى»، صحّة كلّ ما قيل «عن حدوث انقسامات في هيئة تحرير الشام بين ما أسموه التيار المصري وقيادات الهيئة». كلام الفرغلي الذي بثّه عبر قناته في «تيلغرام» جاء مطابقاً لما أوردته «الأخبار» قبل قرابة شهر. وعلمت «الأخبار» أنّ زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني قد «أولمَ لكبار الشرعيين والعسكريين في هيئة تحرير الشام، عقب صلاة الجمعة الأخيرة». وجاءت وليمة الجولاني بمثابة «عربون مصالحة» بين التيارات المتباينة الآراء داخل «الهيئة». وعلى صعيد متصل، أكدت المصادر أنّ الجولاني قد عقد «جلسات مكاشفة وعتب مع عدد من قادة الحزب الإسلامي التركستاني»، بغية «تصفية النفوس، وإزالة بعض الشوائب». وفي سياق منسجم مع موجة «رأب الصدع» واصلت وفود «المهاجرين» («الجهاديون» غير السوريين) زياراتها إلى قادة «جيش العزة» في ريف حماة، بغية «تقديم واجبات العزاء».

------------------------------------------

«النصرة» و«القاعدة»: تنسيق أمني!

يبدو أنّ «التنسيق الأمني» هو عنوان المرحلة على صعيد العلاقة بين «جبهة النصرة» وتنظيم «حرّاس الدين». وعلى رغم حالة العداء بين الطرفين، والتي هي امتداد للخلافات المستفحلة بين «النصرة» وتنظيم «القاعدة» الذي يمثّله في سوريا «حرّاس الدين»، فقد قطع الطرفان خطوات ملحوظة في القفز على خلافاتهما، ومدّ «جسور الثقة» على أسس «أمنيّة» بحتة. وجدّد التنظيمان المتطرّفان حملاتهما الأمنية المشتركة داخل «المناطق المنزوعة السلاح» في ريف إدلب الجنوبي بذرائع مختلفة. وتفيد معلومات «الأخبار» بأنّ الطرفين قد استحدثا «غرفة أمنيّة مُشتركة»، علاوة على عقد اجتماعات متكرّرة بين قيادات «عسكريّة وشرعيّة». ولم تتوافر بعد معلومات موثوقة عن المسائل التي تمحورت حولها الاجتماعات، لكنّ المؤشرات تشي برغبة الطرفين في الاستفادة من الظروف الراهنة في إدلب لنقل العلاقة بينهما إلى مرحلة «صفر خلافات».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024