ماذا لو أن إسرائيلياً ذبح طفلاً وأمه وأباه وبقر بطن المرأة الحامل وأخرج الجنين من بطنها ليلعب به مع أخوته في الجهاد " كرة السلّة "!، هذا ما فعله قائد سعودي ورفاقه من السوريين وغير السوريين من المتسعودين فكرياً في إحدى قرى اللاذقيّة التي تعرضت لاجتياح الجراد السلفي!!.
كانت المظاهرات ستعمّ تل أبيب وكريات شمونه وريشون ليتسيون، وربما يضرب أعضاء حركة شالوم أخشاف عن الطعام أمام متحف ياد فاشيم في القدس! ألوف السوريين يتساقطون بالمال السعودي والسلاح السعودي والعقلية السعودية، ولم نسمع قط بمن يحتج على سيل الأبرياء في بلاد الملح والرمل والجراد
أحاول أن أنتقل روحيّاً إلى أرض فينيقيا وآرام أثناء اجتياح الهاجريين بأجسادهم التي لا تكلّ البحث عن الجنس والدم بعد كارثة اليرموك. صيحات التكبير التي لا تثير في القلب غير الخوف والقرف! إله صار اسمه ممتزجاً باللون القرمزي وصور الأشلاء وصراخ الأطفال! كم عانينا من هؤلاء؟ كم انتهك أصحاب الأسنان الصفراء والوجوه العفنة والعيون الحول طهارة سوريا التي ترفض الدنس!.
ألف وخمسمئة عام ونحن محتلون، تحت عناوين برّاقة كاذبة من الجراد الأعرابي؛ ألف وخمسمئة سنة والسوريون يصرخون: تقويمنا شمسي لأننا لسنا رعاة؛ تقويمهم قمري: وهذا كاف أنطولوجياً كي نقول، لسنا منهم ولا هم منا!! ولأن أذناب الأعراب كانت تلف أعناقنا، فقد كان صوتنا يُصمت على الدوام، يوماً تحت راية الدين، وآخر تحت راية القومية.
لا هم منّا ولا نحن منهم: ألواننا كثيرة ككل البلدان المتوسطية؛ أو انهم موحدة – الأبيض، علامة الطهارة، للرجال؛ والأسود – ألم نتعلّم منهم الجملة العنصريّة، سوّد الله وجهك؟؟ - للنساء!!، ككل البلدان التي ابتلعها الرمل والتصحر!!.
المرأة عندنا إلهة، عشتار، منبع الخصب والحياة؛ المرأة عندهم شيء، لعبة في زاوية الدار، إن كانت لنا بها حاجة وإلا فلا، شر كلها، ضلع أعوج استمتع به على عوجه!! .
الحياة عندنا أغنية، فن، شعر، فلسفة، لاهوت؛ الحياة عندهم أكل ونوم وجنس، كأحط أصناف الحيوانات!!.
المتع عندنا كثيرة؛ كل المتع عندهم محرّمة كي لا يبقى ما هو غير محرّم سوى الجنس!!.
الإنسان عندنا قيمة؛ الإنسان عندهم جهاز للعبادة!! التعدد سمتنا المجتمعية؛ الوحدانية هي السمة الوحيدة التي عندهم!!.
الوطن عندنا بحجم الإلوهة لأننا شعب زراعي حضري يفرض " حضوره الدائم " حيثما كان؛ الوطن عندهم مفهوم ضائع، وطنهم بحجم الخربوش الذي يتنقلون معه برفقة الحمير والكلاب والإبل! لا حضارة عندهم لأن الحضارة من الحضور وهم شعب اللاحضور!!.
ولأن بقاياهم ما تزال تقرفنا بسباياها وتكاياها وبخورها، الوطن منقسم بين أعرابي كالجربا، لا هم له غير فرجه وبطنه؛ ومدني حضري كأي طفل سوري حقيقي، لا هم له غير الفرح!!.
|