مع استكمال الجيش السوري انتشاره على امتداد أكثر من 100 كلم في ريف الحسكة الشمالي، على الحدود مع تركيا، يستمر الضغط العسكري من الأخيرة على ريف رأس العين، لقضم مزيد من المناطق قبل وضوح مستقبل العملية العسكرية، خاصة مع انتهاء مهلة 150 يوماً لانسحاب القوات التركية مساء اليوم (الثلاثاء). وبالتوازي، تجري التحضيرات لمحادثات «اللجنة الدستورية» المزمع عقد جلستها الأولى غداً في جنيف.
تنتظر الساعاتُ المقبلة أحداثاً مهمة في الشرق السوري لجهة استكمال الجيش انتشاره على كامل الشريط الحدودي في الحسكة، بجانب مستقبل العملية التركية مع انتهاء مهلة اتفاق سوتشي التي مُنحت لـ«قسد» للانسحاب من الشريط الحدودي في السادسة من مساء اليوم (الثلاثاء)، وسط تهديدات تركية باستئناف العملية واتهامات لـ«قسد» بعدم سحب قواتها. ورغم دخول المهلة المفترضة ساعاتها الأخيرة، فإن انتشار الجيش السوري اقتصر على ما يقارب 100 كلم من الشريط الحدودي، مع توقعات باستكمال الانتشار من ريف عامودا حتى المالكية.
وتكشف آلية تطبيق «سوتشي» عن تباين في الآراء وخلافات بين كل من الأكراد والجانب الروسي والحكومة، ما يهدد بعودة الخطر إلى مناطق الشريط الحدودي. فالأكراد يتمسّكون بالحفاظ على وحدات الأمن الداخلي «الأسايش» وكل مؤسسات الإدارة الذاتية بما فيها «هيئة الدفاع والداخلية»، متكئين على دور أميركي مرتقب بعد قرار بقاء قوات أميركية في دير الزور وقرب حقول النفط، فيما تؤكد دمشق ضرورة الإمساك بالطرقات العامة بين المدن الرئيسية (طريق القامشلي ــــ الحسكة، الحسكة ــــ تل تمر)، مع استلام معبر اليعربية مع العراق، ونشر وحدات للشرطة السورية في مدن وبلدات المحافظة، وهو ما يبين الرغبة الحكومية في حل «قسد» و«الإدارة الذاتية» ودمجهما في المؤسسات الرسمية. ولعلّ بيان الخارجية السورية الأخير، المرحب بانسحاب «قسد» من الحدود، أعطى رسالة واضحة عن رؤية دمشق لمستقبل المنطقة، بتأكيدها أن «سوريا ستعمل على احتضان أبنائها وتقديم العون إليهم، بما يضمن اندماجهم بالمجتمع السوري، ويفسح المجال للعودة إلى الوحدة الوطنية أرضاً وشعباً».
-----------------------------------------------------
من المقرر عقد المحادثات الأولى بشأن «اللجنة الدستورية» غداً في جنيف
في هذا السياق، يؤكد مصدر كردي أن قواتهم «ستبقى ممسكة بملف النفط والثروات بالتنسيق مع الجانب الأميركي، ما يجعلها بمنأى عن أي هجمات عسكرية»، لافتاً إلى أن «الموافقة على سوتشي جاءت لوقف إراقة الدماء، ونزع حجج أنقرة للاستمرار في احتلال الأراضي السورية». ويكشف المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، أنهم «تلقوا وعوداً روسية بإطلاق حوار جدي مع الحكومة السورية على أساس الاحترام المتبادل»، مبيناً أنهم «أبلغوا موسكو باستمرار عمل الإدارة الذاتية، واستمرار سيطرة الأسايش على مراكز المدن والبلدات دون تغيير». كما يوضح أن الأكراد «اشترطوا على الروس أن تكون تحركات الجيش السوري وإمداده بعلم من، والتنسيق مع، قيادة قسد».
أمام هذا الواقع، تكشف هجمات «الجيش الوطني» المدعوم تركياً على مناطق في أرياف رأس العين وتل أبيض عن ضغط تركي لإنهاء أي وجود لـ«قسد» ضمن مناطق انتشار الجيش السوري. وهو ما يفسّره تصريح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بأن «قسد لم تنسحب من كامل الشريط الحدودي»، ما يهدد باستئناف العملية التركية. ولفت أوغلو إلى «زيارة وفد عسكري روسي إلى تركيا لمتابعة تطبيق بنود اتفاق سوتشي، وآلية تسيير دوريات مشتركة على الحدود». كما يُتوقع أن يشهد مساء اليوم تسيير دوريات روسية ــــ تركية مشتركة للتأكد من انسحاب «قسد» من كامل الشريط الشمالي.
إلى ذلك، طالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا، غير بيدرسون، بتمديد وقف إطلاق النار شمال شرقي سوريا. وقال بيدرسون إنه سيلتقي مع وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا في جنيف اليوم، أي قبل يوم من أول اجتماع لـ«اللجنة الدستورية» السورية، مضيفاً: «ننادي بضرورة احترام وقف إطلاق النار ونطالب كذلك بسريانه في عموم البلاد». وتابع في مؤتمر أمس: «نعتقد أن القتال الدائر دليل آخر على أهمية الشروع في عملية سياسية جادة يمكن أن تساعد في حل المشكلات في ربوع سوريا، بما في ذلك شمال شرق البلاد وأيضاً إدلب».
---------------------------------------------
الجيش يستكمل الانتشار... والنازحون يعودون
يزرع الجندي السوري راية بلاده فوق تلة في قرية تل ذياب في ريف الحسكة الشمالي معلناً عودة الجيش إلى الحدود السورية ــــ التركية للمرة الأولى منذ أكثر من سبع سنوات. وعلى امتداد الطريق بين تل تمر وبلدة أبو راسين، وصولاً إلى الطريق الحدودي الذي يربط رأس العين بالدرباسية، تنتشر نقاط للجيش السوري لمنع تقدم مسلحي «الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة باتجاه الدرباسية وتل تمر. لكن على بعد لا يزيد عن 500 متر عن بلدة أبو راسين، يُسمع دوي قذائف تسقط بشكل متقطع في محور قرى باب الخير وأم عشبة والمضبعة، مع هدير طائرات الاستطلاع التي تحلق بكثافة في الجو. فالهدنة المخترقة تركياً لا تبدو صامدة، إذ تستمر العمليات العسكرية.
فعلى رغم انتشار وحدات من الجيش السوري على امتداد خطوط التماس في ريف رأس العين الجنوبي والشرقي، تستمر الاشتباكات والقصف في انتهاك مستمر لاتفاق سوتشي الأخير. مع ذلك، بدأ عدد من سكان البلدات الواقعة بين تل تمر وأبو راسين العودة إلى منازلهم التي فرّوا منها في بداية العملية التركية بعد انتشار الجيش السوري هناك. وخلال إشرافه على نشر نقاط الجيش الجديدة، يؤكد ضابط سوري رفيع أن الجيش سيستكمل انتشاره في كامل الشريط الحدودي وصولاً إلى الحدود العراقية في اليعربية. ويضع المصدر استمرار القصف التركي في إطار «عرقلة استكمال الجيش انتشاره في المنطقة وإعادة سيادته على الأراضي السورية»، كما يؤكّد أن «الانتشار سيساهم في عودة المهجرين، والاستقرار إلى كل منطقة يصلها الجيش». ويلفت أخيراً إلى أن «مشاهد استقبال المدنيين لقوافل الجيش على الطرقات العامة وفي القرى والبلدات تعكس ثقة السوريين بجيش بلادهم».
*جثة البغدادي في البحر... وعلى الطريقة الإسلامية!*
نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر في وزارة الدفاع الأميركية أنه تم التخلّص من جثة زعيم تنظيم «داعش»، أبي بكر البغدادي، برميها في البحر بعد مقتله بغارة في إدلب منذ يومين. ولم تتكشّف تفاصيل عن كيفية ووقت التخلّص من الجثة، لكن وكالة «رويترز» نقلت عن ثلاثة مسؤولين أميركيين قولهم إن «أشلاء زعيم تنظيم الدولة الإسلامية... دُفنت في البحر بعد شعائر مطابقة للشريعة الإسلامية». كما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنه ينوي نشر مقاطع للهجوم الذي قتل فيه البغدادي شمال غربي سوريا. وقال ترامب أمس: «نفكر في ذلك، هذا وارد»، مضيفاً: «يمكن أن نأخذ مقاطع ونبثها».
|