خلال الأسبوع الماضي تجدّد العدوان الصهيوني على سورية، مرّة بهدف اغتيال شخصية مهمة، على غرار ما حدث مع محاولة استهداف شخصية فلسطينية وهو أكرم العجوري ، أسفرت عن استشهاد نجله حمزة ، ومرة أخرى رداً على إطلاق صواريخ عدة من سورية تجاه بعض المواقع العسكرية في الجولان. فالحادث هو وقوع عدوانين على دمشق، في أسبوع واحد، وهو عدوان صهيوني متكرّر، وعلى ما يبدو بأن إسرائيل لم تعُد تخشى هذا الهجوم المتكرّر بين آن وآخر. وهو شيء مخيف في هذه الآونة وعلى كافة الأصعدة.
كما هو واضح فإنّ عملاء الكيان الصهيونيّ كثر، في المنطقة، وهم طابور خامس حقيقيّ يقوم بجمع المعلومات عن شخصيّات سياسية وأمنية مهمة لمتحالفين مع دمشق، سواء أكان هؤلاء ممن ينتمون إلى المقاومة الفلسطينية، وسواء ممن ينتمون إلى الدولة الإيرانية، أو سواء ممن ينتمون إلى حزب الله المعادي لـ إسرائيل . فكلما توافرت معلومات مؤكدة أو شبه مؤكدة، تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية تحقق أهدافها وتنتهي، حسب تقديراتهم. وفي الغالب الأعم لا تتحقق الأهداف الصهيونية كاملة مثل فشل محاولة اغتيال أكرم العجوري ، فراح ضحية ذلك نجله حمزة ، وعدد من أفراد الأسرة، والجيران والمواطنين العاديين وصلوا إلى 8 شهداء بخلاف الجرحى! فما ذنب هؤلاء من جراء هذا العدوان الصهيوني المتكرر بلا سقف أو رادع؟!
وقد استفز هذا الوضع القيادة السورية، فقرّرت الردّ ليس بإسقاط صواريخ العدو فحسب، بل بالمبادرة بتوجيه ضربة صاروخية إلى مواقع إسرائيلية صهيونية في الجولان، حيث قامت إسرائيل باستهداف قيادة إيرانية تقيم في دمشق، إلا أن المعلومات المؤكدة، أن هذا لم يتحقق الهدف منه، وأسقطت أغلب الصواريخ بأيدي جنود الجيش السوري. ومن ثم فإن سورية أرادت توجيه رسالة بعدم الصمت على ما تقوم به إسرائيل مرة أخرى، وأنها ستبادر بتوجيه ضربات هامة في إسرائيل ، بل وفي قلبها الأمر الذي يُسهم في تزايد التصعيد بين سورية والكيان الصهيوني، وقامت إسرائيل بالردّ المحدود على هذه المبادرة السورية، كمحاولة للظهور بمظهر أنها صاحبة القرار والإرادة في أي عملية عسكرية!! لذلك فنحن أمام قواعد اشتباك جديدة بين سورية والكيان الصهيوني، مثلما هو حادث ويحدث، بين المقاومة الفلسطينية في غزة، وهذا الكيان الصهيونيّ.
ومن ثم نحن أصبحنا ونصبح أمام معادلات جديدة تنبئ باحتمالات التصعيد المستمر وبلا سقف، حتى اندلاع حرب قد تكون شاملة.
وفي سياق المدى الزمني للأزمة السورية 2011-2019م ، تعرضت سورية لضربات عسكرية إسرائيلية، لتحقيق أهداف معينة. فقد كانت تأتي هذه الضربات عقب قرارات أميركية بالانسحاب من سورية، أو في حالة خسارة فاضحة للإرهابيين في سورية، لتخفيف الضغط عليهم من الجيش السوري الذي يُكيل لهم ضربات بين حين وآخر. ولنتذكّر وقت تحرير الجيش السوري، منطقة الغوطة، أن قامت إسرائيل بتوجيه ضربات عسكرية لإشعار الإرهابيين بوجودها بجانبهم، ومحاولة إشغال القيادة العسكرية السورية عن تحرير الغوطة، وغير ذلك من أسباب.
والخطير في الأمر، وفي هذه الأزمة، وبعد عمليات الانسحاب الأميركية، وانحسار القوات الأميركية في منطقة محدودة على الحدود السورية العراقية بجوار حقول النفط، وبعد الانتصار السوري المستمر ضد الإرهابيين وضد الأتراك وتحرير مناطق كثيرة، حتى أصبح الجيش السوري مسيطراً على أكثر من 90 من مساحة سورية، وفقاً لتصريح المتحدث العسكري الروسي. وفي ضوء ذلك كله، فإن العدوان الصهيوني المستمر يمثل إهانة كبرى لسورية والعرب، بل إن تكراره يؤكد إصرار إسرائيل على انتهاك سيادة سورية، ووقوع شهداء هم ضحايا هذا العدوان المتكرر، وإصرار إسرائيل على إظهار نفسها على أنها تمتلك زمام الأمور في الإقليم، وتتحكم في إرادته، فضلاً عن إشعال فتيل الحرب بالتصعيد المستمر.
بل إن إصرارها على استمرار هذا العدوان، يهدف إلى تشتيت الجهود السورية الساعية لإعادة تنظيم الدولة، وإعادة الإعمار، وإفقاد الثقة في نفوس السوريين تجاه نظامهم المنتصر ضد الإرهاب.
لذلك، فإنه مطلوب من روسيا تزويد سورية بمنظومة صواريخ إس/400 ، لتكون رادعة لـ إسرائيل من التفكير في الهجوم المتكرّر، بل ومانعة لذلك أصلاً. وبدون ذلك فإن مثل هذا العدوان المتكرر هو بداية لتصعيد غير محسوب، لن تقبل سورية أن تبتلع الإهانة، وهي في طريقها للمبادرة بالردّ على أي هجوم إسرائيلي وبعنف، قد يصل بالمنطقة إلى حافة الهاوية، فالحرب…
|