تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، منذ البدء على مبادىء اساسية ومبادىء اصلاحية، وعلى غاية مقررة.
ومنذ البدء، تأسس الحزب ايضا على اساس قانوني او دستوري واضح، فقد وعى سعاده باكرا ضرورة تأسيس الحزب على نظام واضح، يوضح الصلاحيات والمهام ..
ومنذ البدء، وعى سعاده ضرورة تأسيس حركة نظامية ذات مؤسسات تكفل استمرار الاعمال السياسية الكبرى، فالمنظمة تبقى ثابتة بعقيدتها ومؤسساتها، لان «التخطيط الترتيبي النظامي» هو امتياز المؤسسات التي تضطلع بالاعباء والمهام الخطيرة، ولان التخطيط الاساسي يلازم حياة المؤسسة ويكون قاعدة رئيسية لحياتها.
اسس سعادة الحزب عام 1932، وصاغ دستوره عام 1934، ثم اعاد تصنيفه عام 1937، كل ذلك ليدلل على اهمية الشأن الدستوري في الدول، وموقعه الجليل في حزبنا، وليؤكد ايضا ان اي تعديل يطرأ عليه، يجب ان يكون لأمر جلل ايضا !!؟؟!
القضاء القومي
منذ البدء، نحن حزب سلطات، حزب مؤسسات، اذن حزب قواعد قانونية راسخة، وقانون اداري واضح وصحيح، لا حزب افراد.
ومنذ نشأة الحزب الاولى، وبعد اعادة تأسيسه بعد حله، ايقن سعاده اهمية الشأن الدستوري والنظامي والقضائي، لذلك ترد في كتاباته ورسائله الكلمات التالية : القضاء القومي، لجنة تحقيق، العدالة القومية، القضاء القومي الاجتماعي، محاكمة شارل سعد، محاكمة اسد الاشقر، المحاكمة العلنية، المحاكم الحزبية ...
ومنذ البدء، أيقن سعاده ايضا ضرورة الفصل بين السلطات، فكان واضحا كل الوضوح في هذا المنحى، لا سيما في المادة الرابعة من الدستور عندما اعلن : ان الزعامة هي مصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية فقط، ولم يضف اليهما السلطة القضائية لعلة واضحة، فقد حرص منذ البدء على ان لا يكون مصدرا للسلطة القضائية، صونا للفصل بين السلطتين وللعدالة القومية الاجتماعية، ولان القضاء في عرف سعاده ايضا شأن مقدس.
ومنذ البدء، شدد سعاده على استقلالية القضاء، وعلنيته، لذلك اهتم سعاده بأحقية حصول العضو على محاكمة عادلة، وعلنية كما هو واضح اثناء محاكمة زمرة شارل سعد عام 1936، وخالد اديب عام 1940. وهذا واضح في قانون المحكمة المركزية الذي نشرته عمدة الثقافة والفنون الجميلة عام 1949 بدون توقيع الزعيم.
عمدة القضاء
ومنذ تصنيف الدستور عام 1937، لحظنا وجود عمدة قضاء، وهي مصلحة عامة رئيسية، ومنذ شهادة سعاده، لم نلحظ في تاريخنا الحزبي اي دور لهذه المصلحة العامة الرئيسية التي تقوم بمهامها اليوم عمدة الداخلية، وهذا لعمري مخالفة اكيدة لكل الاصول والقواعد والاعراف القانونية ؟؟؟!! ونحن حزب دستور، اي دولة قانون، لا دولة اعراف واخلاط «قانونية» عجيبة وغريبة عن منهج التفكير القانوني القومي الاجتماعي.
اما لماذا لم تقم عمدة القضاء تاريخيا بالمهام المنوطة بها ؟؟
ولماذا اختطفت صلاحياتها ومهامها و«اسندت» الى عمدة الداخلية؟ ولماذا اعطي المنفذ العام صلاحية حق الفصل لمدة ثلاثة اشهر؟؟
فيما اطلق عليه «النظام الداخلي للحزب السوري القومي الاجتماعي». ألم يكن يوجد في حزبنا محامون ودارسو قانون دستوري يوضحون هذا الخلل المستمر !!؟؟
واخيرا، الم يترك سعاده تراثا «معقولا» في هذا المنحى القضائي ؟؟!!
ومنذ البدء، نقول، ان سعاده قد وعى باكراً ضرورة «انشاء تشريع انترناسيوني عادل» (الجزء الثالث من الاعمال الكاملة عام 1938 - ص 222) يضمن الاعتراف بحق كل شعب بالحياة، فكيف به لا يعمد الى تأسيس «تشريع عادل» يضمن حقوق الاعضاء والمواطنين ضمن حزبه العظيم ؟؟!!!
الديموقراطية
وفي بيانه الانقلابي عام 1949، يطالب بـ : «الغاء جميع الاحكام المعطلة الحقوق المدنية والسياسية» كما هي معطلة اليوم الحقوق المدنية والسياسية للاعضاء في الحزب.
وفي نشوء الامم، فصل واضح عن الدولة القومية التي هي دولة ديموقراطية بامتياز، ولعمري انه لا وجود لديموقراطية بدون عدالة ومحكمة علنية، حيث يعرف سعاده الدولة الديمقراطية بأنها «سيادة المتحد وحكمه نفسه».
وكتابات سعاده زاخرة بفكره الدستوري «الذي يقدم قواعد فلسفية وحقوقية وسياسية جديدة تخصب الفكر الدستوري العالمي بمفاهيم ديموقراطية حديثة تسد عجز الديموقراطيات التمثيلية وتحقق اغراضها وتصحح اخطاءها وتحقق قيمها ..» (هنري حاماتي - مجلة اتجاه - العدد الثاني).
وحزبنا في هذا المعنى هو اول «مؤسسة ديموقراطية» في تاريخ سوريا الحديث، وبالتالي فإن نظامه هو النظام الديموقراطي الامثل.
وفي هذا المعنى ايضا، نقول ان سعاده قد وعى باكرا، ضرورة مباشرته عمله الانشائي بوضع دستور للتأكيد على طموحنا لبناء نظام جديد للحياة في كل سوريا.
وقد انشأ سعاده حزبه / الدولة، على اساس هذا النظام الجديد، الذي يعني المؤسسات السياسية والاجتماعية والادارية والثقافية والمالية والاقتصادية و... القضائية حتما.
سعاده اذن، اعاد تأسيس سوريا في مؤسساتها، والقضاء في صلب هذه المؤسسات، اما لماذا اغفل المسؤولون منذ استشهاده هذه السلطة، فسؤال لا حيرة ابدا للاجابة الصريحة والواضحة عليه ؟!!!
فقد وعى سعاده باكرا - بعد تأسيسه الحزب - ضرورة وجود محكمة لتأمين العدالة القومية الاجتماعية، وهذا واضح من كلمته الى رئيس المجلس الاعلى عام 1938 :«بلغ عبد الله قبرصي وجوب عقد المحكمة و...».
وكان سبق لسعاده نفسه ان حاكم شارل سعد وزمرته عام 1936 وقد اخبر سعاده عبد الله قبرصي بتفاصيل هذه المحاكمة ونقلها الاخير في كتابه «عبد الله قبرصي يتذكر» في حزئه الاول صفحة 51 :
شكل محكمة برئاسته وعضوية كل من نعمة ثابت وزكي النقاش. (كنت انا غائبا في الكورة). واستدعى الرفقاء ناجي نجيم وجورج ابراهيم حداد ورفعت زنتوت وشكل معهم فرقة للحراسة وزودها بأوامر صريحة. وكان قد استدعى شارل سعد وبطرس سماحة وانطون ثابت لاجتماع يعقده معهم في مركز الشركة السورية البريطانية في شارع اللنبي الساعة الثالثة من بعد ظهر 31 آب على ما اذكر، وما ان ازفت الثالثة حتى كان يقفز من سيارة اقلته مع الحرس الى الشارع المذكور ...
وصعد مع العميدين ثابت ونقاش وهو بلباس الحزب الرسمي : القميص الرصاصية والبنطلون الرمادي الغامق. واحتل مكاتب الشركة ووضع حارساً على مدخلها. وفوجىء المتهمون بالحرس وراء كل واحد منهم.
اعترف كل من الرفقاء بما نسب اليه واصروا على موقفهم.
تذاكرت المحكمة وصدر الحكم على الفور بطردهم بمادة اساءة ائتمان بالعقيدة والنظام. لم احضر هذه المحاكمة كما قلت، الا ان سعاده رواها لي في اليوم التالي، عندما التقينا في رياق امام سينما كنا استأجرناها لحفلة خطابية اشرف على تنظيمها الرفيق يوسف الدبس.
محاكمة اخرى
وكان سعاده قد حاكم الامين خالد اديب في 7 تموز 1940 في اجتماع عام لمديرية بوينس ايرس (حوالى 50 رفيقا) الذي اقر بكل اخطائه، وبناء عليه قرر سعاده تجريده من رتبة الامانة ووظيفة معاون الوكيل العام عبر الحدود، ومن ثم ولثبوت تآمره على الحزب اصدر مرسوما بطرده.
وعودة الى تراث سعاده الموجود بين ايدينا حول الشأن القضائي، نجد وحسب التسلسل الزمني او التاريخي، المفردات التالية :
1- العدل :
«وقد كان لخبر تجريد خالد اديب من رتبة الامانة اولا، ثم طرده ثانيا، تأثير حسن في الاوساط القومية وبين الناس. وابتدأ يدرك الذين هم خارج الحركة ان نظامها دقيق جدا، وان عدلها لا يعرف المحاباة ...» سورية الجديدة - العدد 78 - (10-8-1940)
«واني اشير عليكم بالاهتمام الجدي لهذه القضية من اجل العدل الذي يريد الحزب السوري القومي رفعه الى اعلى مستوى من الحق والشرف والنزاهة ...» رسالة الى ناموس منفذية المكسيك (22-1-1946) - (10-8-1940)
2- لجنة تحقيق :
أ- من رسالته الى المنفذ العام للمكسيك (14-8-1941) يطلب فيها تأليف لجنة للتحقيق مع الرفيق رفول العجمي.
ب- في المرجع السابق اعلاه، يؤلف لجنة للتحقيق في عجز منفذ عام المكسيك التجاري.
ج- ومن رسالته الى مدير مديرية خوخوي في 26-7-1946، يطلب تأليف لجنة للتحقيق مع اعضاء وضعوا برقية بخصوص فلسطين وجهت الى الجامعة العربية بالقاهرة.
3- القضاء القومي الاجتماعي :
من رسالته الى منفذ عام بوينس ايرس (20-1-1946)، حول قضية مديرية كرالس : «... ابحثوا عن الذين يريدون ترك قضية ذنب جروج وذنب الافيوني في يد القضاء القومي الاجتماعي والعمل بموجب عقيدتهم وايمانهم».
من رسالته الى فريد آغا القلعه (قلعه جي) (30-10-1948) ..«اقدمتم على التفرد برأيكم خارقين النظام واساس المساواة بين القوميين الاجتماعيين في الحقوق والواجبات ووجوب الرجوع الى القضاء القومي الاجتماعي»...
4- القانون القومي :
من رسالته الى جورج بندقي، (12-12-1939) «... واذا كانت لاتردني الاسبوع القادم كل التأكيدات والاثباتات ان كل علاقة مع هذا الاثيم (جميل صفدي) قد انقطعت فسأعمل ما يوجبه القانوني القومي ...».
5- المحاكمة :
وكانت التهمة التي وجهت الى شارل سعد واخيه هي سوء الائتمان والتآمر على دستور الحزب وخدمة اغراض شخصية «وقد ثبتت عليهما التهمة في جلسة تاريخية وطردا على اثرها من الحزب ...» مقالة : آخرة المنافقين : الزوبعة - العدد 44 - (15-5-1942).
.. اول حادث طرد قانوني صريح وهو حادث طرد المدعو شارل سعد و ... عقد جلسة استجواب فيها شارل سعد وزمرته ...
مقالة : نظرة الحزب السوري القومي الادارية في اوروبا الزوبعة - العدد 46 - (15-6-1942)
- فأحضره (صلاح لبكي) الزعيم مرة امام مجلس العمد واوضح له سوء سلوكه الذي لا يتفق مع الروحية القومية ...
مقالة : كنا وسنكون ... الزوبعة - العدد 63 - (15-7-1943). )
- بلغ عبد الله قبرصي وجوب عقد المحكمة اتخاذ القرارات النهائية بخصوص اعضاء متهمين تهما متعددة كجان حايك وغيره.
من رسالته الى نصوح الخطيب (28-6-1938).
- وكل عضو غير منتدب من قبل مرجع اعلى للمراقبة والتفتيش على المشاريع والاعمال ويتجرأ على القيام بهذا العمل من تلقاء نفس، يمكن تحويله الى المحاكمة امام هيئة معينة لهذا العرض ... من رسالته الى المنفذ العام لمنطقة سان باولو - (9-12-1941)
- ان مثل هذا القول صدر من المنفذة العامة للقوميات الى ناموسة المنفذية وكان صدوره بهذا الشكل داعيا الى استجواب المنفذة في اجتماع عمومي واقالتها من وظيفتها. من رسالته الى الياس فاخوري - (9-12-1941)
- وهذه المسؤولية تستحق الاحالة على المحاكمة بدعوى «كتمان معلومات» عن المراجع العليا يجلب كتمانها اضرارا غير قليلة. من رسالته الى جميل شوحي - (1-11-1943)
- واي تصرف بمال الجباية يعرض المسؤول عنه للمحاكمة بتهمة خرق القانون والعبث به. من رسالته الى مدير مديرية خوخوي - (13-2-1946)
- وهو (فخري معلوف) الان امام احد ثلاثة وجوه : اما ان يثوب الى وعيه ويعود الى التمسك بالعقيدة القومية الاصلاحية ونظامها، اوان يحال امره الى المحاكمة، او ... من رسالته الى ميشال ابو جبيلي - (23-2-1946)
- وقد استغربت كثيرا انقلابه (فخري معلوف) الظاهر في معلوماتك كعرضة للتحقيق العلني مع الخائن المطرود شارل سعد في صدد دسائسه وتآمره على النظام القومي الاجتماعي. واستغرب كثيرا كيف ان فخري يورد حادث محاكمة او شبه محاكمة ... من رسالته الى ميشال ابو جبيلي - (7-7-1946)
- آسف لانه لم تجرِ اية مذاكرة معي في صدر جلسة المحكمة التي عينت للنظر في قضية الرفيق اسد الاشقر. من رسالته الى عميد الاذاعة - (29-7-1947)
يتبع
|