إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الهدنة تتصدّع... والبداية من حلب

جمال محسن العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-06

إقرأ ايضاً


منذ إعلان الهدنة وتوقُّف العمليات العسكرية في سورية، ساد الحذر جميع المناطق، خصوصاً أنّ هذه الهدنة أتت تتويجاً لانتصارات الجيش السوري وحلفائه، وكانت في صالح الجماعات المسلحة التي كانت تعيد ترتيب صفوفها للعودة إلى القتال من جديد، فالمعطيات على الأرض لم تكن لصالح الطرف المفاوض في جنيف والممثل للجماعات الإرهابية.

في الجنوب، ظلّ تنظيم «داعش» على اتصال مع الجماعات الإرهابية لشراء البيعة للبغدادي، فالانقسام بين الجماعات المسلحة في الجنوب يُنذر بحرب هدفها السيطرة على مناطق تكون أقرب إلى الشريط الحدودي مع الجولان المحتلّ وأقرب إلى الكيان الصهيوني. ومن الجنوب، أيضاً يسعى تنظيم «داعش» إلى الاتصال بالبادية السورية، حيث يتمكن من التحرك بين مناطق غرب درعا باتجاه شرق السويداء ليتصل بالحدود العراقية والمنطقة الشرقية، وقد جاء تحركه هذا بعد تحرير تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي.

أما في الشمال، حيث يغرق التركي في ملفات كثيرة، إقليمية ودولية، فإنّ قضية اللاجئين لم تعد استثماراً رابحاً لأنقرة، فانسحاب الجماعات الإرهابية نحو الحدود التركية يشكل قلقاً كبير على الجيش التركي الذي قد يضطر لقتال هذه الجماعات، أما قضية الأكراد، وهي العقدة التركية الكبرى منذ مئة عام، فقد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة لن يستطيع أردوغان حشد التأييد الدولي لها.

أما ما حصل بين أذربيجان وأرمينيا في الأيام الماضية، فهو ليس بعيداً عن انهيار الهدنة وتصدّعها في حلب، حيث أعلنت تركيا على الفور دعمها للأذريين وهي بذلك تعلن حرباً على روسيا وإيران، وقد أفادت تقارير من أرمينيا بأنّ هناك مجموعات من «داعش»، مدعومة من تركيا على الحدود الأرمينية ــــ الأذرية. وهذا يجعلنا نطرح سؤالاً قد لا يكون هنا مجال للإجابة عليه، لكنه يفرض نفسه.

تدّعي تركيا من خلال سياسة أردوغان، أنها نقطة التقاء عودة الخلافة الإسلامية، وهذا الطرح جاء طبعاً وفق المذهبية والتعصب الديني، حيث رأى البعض أنّ أردوغان هو خليفة المسلمين السنة، لكنّ ما يحدث اليوم يكشف مدى استغلال الدين، بأبشع صورة، وخصوصاً في القضية الأرمينية ـــ الأذرية، فلمن لا يعلم إنّ نسبة 75 في المئة من سكان أذربيجان هم شيعة، لكنّ أردوغان يدعمهم، بمساعدة «داعش»، وعلى هذا نجد أنّ الحديث المذهبي الذي بدأت به الحرب على سورية ليس إلا ورقة أراد بها المشغلون استغلال الناس مذهبياً لبثّ التفرقة وتبرير القتل، ولسان حال أردوغان اليوم يقول إنه لا يريد الاعتذار من الأرمن، بل يريد إعادة ذكرى مذابحهم بمذابح جديدة بعد مرور مئة عام على ما فعله أجداده.

فلماذا حلب اليوم؟

إنّ حلم المنطقة العازلة الذي لطالما راود أردوغان ودعمه العرب المشاركون في العدوان على سورية لم ينته بعد، ويريد أردوغان أن يثبت أنه قادر على تحقيقه من خلال دعم الفصائل الإرهابية المسلحة، التي وقعت على اتفاق الهدنة مع الجيش السوري، وجرّها إلى الحرب من جديد وذلك من خلال «جبهة النصرة» ممثلة تركيا والرياض على الأرض، بالإضافة إلى «داعش» الذي يناور على تسليم نقاط تمركزه لتلك الجماعات بعد انهيار مواقعه وسط سورية كما في العراق. الواضح أنّ دول العدوان تريد تنفيذ عملياتها قبل استحقاق الانتخابات البرلمانية في سورية منتصف هذا الشهر، والهدف من ذلك هو الطعن بالانتخابات لاحقاً أمام المجتمع الدولي واعتبارها «غير شرعية» للحصول على مكاسب سياسية في المفاوضات المقبلة في جنيف إذا ما تمّت الدعوة إلى تلك المفاوضات.

إنّ انتصار سورية اليوم ليس حدثاً إعلامياً، إنما هو واقع اعترفت به دول العدوان على سورية، حتى الولايات المتحدة، الراعي الأول لهذه الحرب كانت مجبرة على الترحيب بتحرير تدمر. وهذا التغيير في الموقف الأميركي جاء نتيجة فشل التابعين في تنفيذ المشروع، فالحرب أخذت وقتاً أطول من المتوقع ولم يعد عند الإعلام الغربي ما يقوله، كما أنّ زيارة الوفود الأجنبية لسورية تكشف حقائق جديدة لن يتحملها من يقود الحرب من عواصم الغرب. أما المعارضة السورية في الخارج فهي لا تعلم عن أي شيء، وكما صرّح أحد أعضاء ما يُسمى ائتلاف الدوحة الخائن، فهم لا يفهمون ما يحدث في الكواليس، خصوصاً ما يصرح به الأميركيون، وهذا ليس جديداً فالمعارضة الخارجية لم تعد تملك من أمرها شيئاً وحلمها أن تصل إلى السلطة على ظهر أي دبابة، كما أنها لم تكن سعيدة بتحرير تدمر أو أي شبر من سورية من أيدي الجماعات الإرهابية، ولا يُخفى على أحد سعي تلك المعارضة إلى إبقاء الحصار على الشعب السوري وتضييق الخناق عليه علّها تنال من صموده الذي يزداد يوماً بعد يوم.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024