إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لافروف يذكّر السوريين بشيء اسمه الجامعه العربية

جمال محسن العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2017-02-06

إقرأ ايضاً


لم ينته المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في ختام مؤتمر التعاون الروسي العربي في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالخبر، ولكن التعليقات لم تكن على دعوة السيد لافروف إنما على ردّ السيد أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية.

فدعوة لافروف هي دعوة دبلوماسية واقعية، لأنّ سورية دولة ذات سيادة وممثلة في المحافل الدولية كلها وتعليق عضويتها في منظمة عربية تناقش الحرب على سورية من دون وجود ممثل رسمي للحكومة السورية لطرح وجهة النظر الرسمية هو أمر مستهجَن وغريب لم يحدث من قبل. فكيف لمنظمة عربية أن تناقش أمر دولة عربية من دون وجود ممثل لهذه الدولة للاستماع الى خطابها الرسمي، ولكن وإنْ قبلت الجامعة العربية أو قرّرت رفع تعليق عضوية سورية واستدعاء السفير السوري لشغل المقعد الشاغر في قاعة اجتماعات الامانة العامة فما هو الخطاب الذي سوف يلقيه؟

من اللياقة الدبلوماسية أن يبدأ السفير المعيّن بخطاب يشكر فيه الأمانة العامة وأعضاء الجامعة على دعوتهم لبلاده اولاً، ولكن هناك ما يجب أن يطرح في خطاب العودة. هل يشكر ممثل سورية الجامعة العربية على تعليق عضوية بلاده من دون سبب؟ هل يشكر السفير الأمانة العامة للجامعة العربية على مساهمتها في تشريد الشعب السوري وعلى مساهمة الجامعة العربية والدول العربية في إغراق المواطن السوري بالفقر؟ أم على حظر الطيران والرحلات الجوية المدنية؟ وهل سيشكرهم على الحصار الاقتصادي والمساهمة في تدمير الاقتصاد ودعم الإرهاب؟ هل يشكر الأمانة العامة على إخفاء تقرير الفريق مصطفى الدابي وتزويره؟ ربما سوف يشكرهم على نقل الملف الى مجلس الأمن والمطالبة بـ«ضرب الشعب السوري»! ووضع سورية تحت البند السابع! أو يشكرهم على مخيمات الذلّ التي أقيمت في الدول العربية وأصبحت تلك الدول تستثمر في أسماء السوريين وتتلقى أموالاً تحت اسم مخيمات اللجوء للسوريين والمخيمات في أسوأ حال إنساني وأخلاقي.

هذا غيض من فيض لدور الجامعة العربية في الحرب والعدوان على سورية وشعبها، عندما بدأت الأمانة العامة التحدّث عن الإجماع العربي على قتل الشعب السوري. هذا الإجماع الذي لم يحدث في تاريخ الجامعة عندما كان الحديث عن الكيان الصهيوني وجرائم الصهيونية بحق الشعوب العربية. هذا الإجماع الذي غاب إبان العدون الصهيوني على لبنان عام 2006. هذا الإجماع الذي لم يستطع أن ينقذ مليوناً ونصف المليون من أطفال العراق أثناء الحصار الاقتصادي للعراق.

إنّ ردّ أبو الغيط هو أكثر استفزازاً من كلّ ما سبق من أفعال وارتكابات قام بها أعضاء الجامعة العربية التي تمّت السيطرة عليها منذ قرار ضرب ليبيا وحتى اليوم، فالشعب السوري نسي تماماً اسم هذه المنظمة ولم تعُد تعنية أخبارها وقراراتها، ويعلم السوريون أنّ مثل هذه المنظمات لم تعد تمثل شيئاً من الإرادة العربية ولا القرارات العربية، وأعني هنا الشعوب لا الحكومات. من الجيّد أنّ لافروف طرح الأمر، ومن الجيد أكثر أننا استمعنا الى ردّ الأمين العام الذي ارجع الأمر للإجماع العربي المفقود في الحق.

إنّ الجرح كبير في قلب كلّ سوري شريف، فمن يعيد لنا الذين فقدناهم بسبب الجامعة العربية والمال العربي الذي أغرق بلادنا بالسلاح والموت؟

إنّ ما أطرحه ليس تحليلاً ولا رأياً، ولا يمتّ إلى السياسة بشيء، وأنا أعلم تماماً أنّ المنطق يقول إنّ على سورية ان تعود للعمل في المنظمات الدولية والإقليمية كلّها لكي تدافع عن نفسها وتردّ على الكاذبين كذبهم، وأعلم تماماً أننا بحاجة لكلّ خطوة مهما كانت صغيرة على صعيد السياسة الخارجية. ولكن هذا لا يمنع أن نذكّر الآخر اننا نحن المعتدى علينا ولم نعتدِ على أحد ونحن الذين ندافع عن وطننا في وقت قرّر العالم أن يسلبنا هذا الحق ويدعم الإرهاب لينال منا.

فلا يمكن أن ننسى رفع علم الانتداب في أحد اجتماعات الجامعة العربية، ولا يمكن أن ننسى استقبال الجامعة العربية لمن يديرون أعمال الإرهاب في بلادنا. وكما قلنا مرة إذا كان ما سنقبل به هو من أجل السلام في سورية ونزع السلاح من أيدي الإرهابيين وحماية الشعب السوري وعودة اللاجئين إلى بيوتهم فدعونا نقبله من دون أن نترك حقنا بتذكير العالم أجمع والعالم العربي خاصة، بعمق الجرح السوري وألم الإنسان السوري.

لقد طالت الحرب على سورية، وبالرغم من الخسائر كلّها لدينا، فخصومنا كانت خسائرهم أكثر وأكبر، فرغم كلّ التعتيم علينا وحصارنا كان صوتنا أعلى، وبرغم حجبهم لإعلامنا ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا كان صوتنا يصل إلى الأحرار في هذا العالم. فما يضحكنا اليوم انّ الغرب يبحث عن مدخل للتقرّب من دمشق ويحاول طرق أبوابنا والعرب متمسكون بإغلاق أبوابهم في وجهنا، وكأنّ سورية هي التي اعتدت على العروبة؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024