إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العدوان التركي.. توافق دولي!

نظام مارديني - البناء

نسخة للطباعة 2018-01-22

إقرأ ايضاً


هل دخلت أزمة عفرين على الملف السوري المزدحم أساساً بجملة من الأزمات عنوة من قِبل الفخّ الأميركي بإنشاء جيش مكوّن من أغلبية كرديّة بزعم نشره على الحدود السورية التركية؟!

توغّل القوات التركية بعِدّتها وعديدها إلى عمق الشمال السوري هي خطوة مثيرة ودافعة للتساؤلات، وما يزيد من هذه المفاجئة انسحاب الشرطة العسكريّة الروسيّة التي كانت وُضعت لحماية مكتب المصالحة الذي كان قائماً في تلك المنطقة، وما يضيف إلى هذه المفاجأة إعلان البنتاغون أنّه يتفهّم الهواجس التركيّة، وقد استتبع ذلك تصريح المتحدّث بِاسم الدفاع الأميركية، اريك باهون، عشيّة انطلاق عملية ما يسمّى بـ»غصن الزيتون»، أنّ تركيا دولة حليفة لبلاده، وعملية عفرين لن تتسبّب بالفوضى أو انهيار علاقات الولايات المتحدة وأنقرة، كما أنّها لن تؤدّي إلى صراع إقليمي، ولعلّ تصريح الخارجية الإيرانية يؤكّد ذلك حيث أعربت طهران عن قلقها إزاء عملية الجيش التركي العسكريّة في مدينة عفرين شمال سورية، ودعت أنقرة إلى إنهاء عمليّتها «غصن الزيتون» بشكلٍ عاجل!

هكذا إذاً جاء الضوء الأخضر من قِبل «لاعبين أساسيّين» في الأزمة السوريّة، ولكلا «اللاعبين» دوافعه المختلفة في هذا العدوان، فمكتب «حميميم» كان يقود حتى الساعات الأخيرة من منتصف ليل الجمعة النقاش مع مسؤولين من «وحدات حماية الشعب الكردية»، القوة القائمة بفعل الأمر الواقع في منطقة عفرين، وكان الحوار يدور حول أهميّة دخول مؤسسات الدولة السورية لتلك المنطقة ورفع العلم السوريّ، كي تكون المواجهة شاملة مع قوات الاحتلال التركي وميليشياتها العميلة والخائنة. ولكن كما عُلم، فقد رفض آلدار خليل، القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي الكرديّة، هذا الطلب، ما دفع الشرطة الروسية للانسحاب من تلك المنطقة فجر السبت.

صحيح أنّ لعبة الدبلوماسية لا تحتاج إلى الجنون كثيراً، قدر حاجتها للعقل ولو قليلاً، إلّا أنّ رهان «وحدات حماية الشعب الكرديّة» على أوهام القوة لصدّ العدوان التركي وتحريك العالم، أوقعهم بالخطأ الذي وقع به في البداية رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البرزاني، الذي كان أكثر ذكاءً منهم وطالب قوات «البيشمركة» بعدم مواجة القوات العراقية وبالانسحاب من المناطق التي كانت تسيطر عليها بعد 2003، وذلك بعدما تبيّن للبرزاني تخلّي الأميركيّين والأوربيين عن دعمه وتركه يواجه مصيره لوحده أمام القوّات العراقيّة.

لا تسطيع «وحدات حماية الشعب الكردية» المراهنة على أوهام مواجهة العدوان التركي لوحدهم، فهي ليست معركتهم فقط، بل هي من المفترض أن تكون معركة السوريّين جميعاً في مواجهة الجيش التركي وعملائه، ولذلك ليس أمام «وحدات الحماية» الآن غير التنسيق مع الجيش السوري وإعادة مؤسسات الدولة لممارسة مهامّها في تلك المنطقة، فهي الغطاء الشرعي الوحيد لكافّة الأراضي السورية.

سيبقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراهناً على أوهامه التي أفضت به إلى حماقات هذا العدوان، وإلى المزيد من الشطط والخسارات لأنقرة، وهي إذ تتدحرج إلى النار بقدميها! وبهذا المعنى ينطبق توصيف الجنون على أردوغان، بعدما وضع عقله في «المزبلة» وراح يصطنع للجنون بطولات وأوهاماً، حدّ التورّط في عدوان جديد وقذر ضدّ بلادنا وشعبنا.

يقول ماكيافيلي في كتابه «الأمير»: «على المرء أن يكون ثعلباً ليعي الفخاخ المنصوبة له، وأن يكون أسداً ليرهب الذئاب»، بمعنى أن يكون قادراً على استخدام الحيلة والقوة للوصول إلى الغاية، بعيداً عن المعايير الأخلاقية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024