إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هيئة أمم دمشق

د. تيسير كوى

نسخة للطباعة 2019-12-14

إقرأ ايضاً


يزداد انقسام العالم السياسي المعاصر الى دول عدوانية شريرة لئيمة عديمة الأخلاق ومتفلتة من موجبات القيم الانسانية الراقية ولا يوجد في سلوكها مطرح للسياسة والدبلوماسية , ودول تدفع عن نفسها شرور الدول الأولى وتتكلف في هذا الدفع أثمانا باهظة جدا بشرية وانسانية ( روحية ) واقتصادية ( مادية ) . فمنذ ما قبيل عام 2011 , على سبيل المثال , تخوض الجمهورية العربية السورية مع عدد لا يستهان به من الشرفاء في العالم حربا من نوع لم تشهد الانسانية نظيرا له يتمثل في دول لم تعد ترسل أبناءها للقتل والتدمير والنهب والاحتلال بل ترسل مرتزقة يفتقرون الى النخوة والشرف والرحمة والمشاعر الانسانية السوية الأخرى ولسوء الحظ أن تركيا تشكل رأس حربة في منطقة الهلال السوري الخصيب وفي مناطق أخرى من الاقليم الناطق بلغة الضاد يطعن به حلف الناتو ( الدول الشريرة ) الجمهورية العربية السورية بلا رحمة ولا انسانية وتدفع سورية عن نفسها الشر التركي الأطلسي الاسرائيلي بدماء أبنائها والشرفاء في العالم العربي وبما كان الشعب في سورية بنى وعمر وأسس على مدى العصور . والمؤلم أن سورية لا تستطيع أن تشكو أمرها لأية هيئة مرموقة في العالم فما يسمى منظمة الأمم المتحدة ضالعة وغارقة في الاجرام بعدما وقفت عاجزة تماما عن الحؤول دون زرع ما يسمى دولة اسرائيل وعن أن تقوم دول أعضاء في هذه الهيئة الدولية بدعم اسرائيل وتسليحها وتشجيعها على الامعان في تشريد الفلسطينيين وسوريين آخرين وتدمير بيوتهم واقتلاع أشجارهم وقتل أطفالهم ونسائهم وكبار السن فيهم وشبابهم من الأناث والذكور . لقد صار من السخف والعبث بل والغباء رفع شكوى للأمم المتحدة اذا لم تكن دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية راضية عن هذه الشكوى أو مستعدة لقبولها وممارسة الضغط على الدولة المشكو منها لكي تكف عن ارتكاب عدوان عن الدولة الشاكية .

تبرهن الأحداث العالمية المعاصرة وتطوراتها على أن الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها أو بالأحرى مع أعضاء العصابة التي تترأسها تريد السيطرة على أي شعب ( وأرضه ) تلمس منه ضعفا واستعدادا للانصياع والخضوع لاسيما اذا كان هذا الشعب يملك ثروات طبيعية ثمينة مثل الغاز الطبيعي أو النفط أو المعادن الثمينة النادرة ويشغل الى ذلك بقعة ذات أهمية استراتيجية في العالم . لقد صارت الولايات المتحدة الأميركية الآن تقول علانية دون خجل أو وجل أو حياء أنها تريد السيطرة على المواد الطبيعية الخاصة بأمة من أمم العالم بالثمن التي ترغب فيه أو حتى بدون ثمن أي بواسطة السرقة العلنية والنهب والسلب المسلح .

لايجوز أن يستمر هذا الحال . ان العالم يتحول بسرعة الى عالم لم يعد يؤمن ويعمل الا بمقتضى شريعة الغاب التي تعني بكل بساطة أن القوي يحصل على ما يريد وما على الضعيف الا الانصياع و الخنوع تحت طائلة العقاب الشديد الذي يتضمن التجويع والتخويف والبلطجة بالاضافة الى القتل والتدمير والافقار .

في الثلاثينات من القرن الماضي برزت على المسرح الأوروبي دولة ألمانيا بحلة نازية وذلك ردا على حرمانها من المستعمرات خارج أوروبا وعلى اهانات وتدابير اذلالية اتخذت بحقها وهي مهزومة بعد نهاية ما تم التعارف عليه باسم الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918 ) ويقول التاريخ الأوروبي المعاصر أن هذه الدولة النازية طغت وبغت واحتلت ولم تستطع " الانسانية" أن تتخلص من هذا الطغيان والبغي الا بحرب دموية مدمرة أنهت تلك الدولة الألمانية النازية وأقامت حكومة " ديموقراطية " في هذه الألمانيا .

يواجه العالم المعاصر شرا مستطيرا من الولايات المتحدة الأميركية أسوأ بكثير من شر النازية الألمانية . فالدولة الأميركية المعاصرة ترتكب من الجرائم العسكرية والانسانية والاقتصادية ما يفوق في فظاعته وايلامه وحتى وقاحته ما ارتكبته حكومة ألمانيا النازية فالدولة الأميركية تقتل وتدمر وتعاقب وتحاصر وتجوع شعوبا بأكملها بحجة أنها تبغي نشر الحرية وتعليمها واشاعة الديموقراطية في العالم وصار أذنابها مثل الأتراك مثلا يدمرون ويقتلون وينهبون ويجوعون ويحاصرون بالطرق والوسائل الأميركية عينها وبحجج مماثلة ويقولون أن ما يفعلونه هو لصالح العالم والدين الاسلاميين . فحكومة تركيا الحالية ترغب على ما يبدو باعادة عقارب الساعة الى الوراء ونفخ الروح في ما يوصف بالخلافة الاسلامية التي قضت من فترة زمنية طويلة وفي سبيل هذا تقلد هذه الحكومة التركية الأسياد الأميركيين فتقتل وتدمر وتحلل لنفسها ما لا يحلله لها دين أو عرف أو قيم انسانية راقية أو كياسة ودبلوماسية . الحكومة التركية الراهنة لا تدفع بالأتراك العاديين الى أتون المعارك العدوانية بل تدفع بما يتيسر لها من الجائعين في العالم العاطلين عن العمل الذين يفتقرون الى الأخلاق والمشاعر الانسانية السوية كما يفتقرون الى التربية الدينية السليمة بينما تدافع سورية على سبيل المثال عن نفسها بدماء شبابها وباقتصادها الذي يشكل الحرب آخر ما يحتاجه للانطلاق والازدهار .

يجب أن يكون الرد على هذا الوضع العالمي المأساوي انشاء هيئة دولية جديدة يقترح هذا المقال تسميتها هيئة الأمم المتحدة القانونية على أن يكون مقر ادارتها الدائم مدينة دمشق التي يجمع العلماء على أنها أقدم مدينة لا تزال مأهولة في العالم . والمنتظر أن ينضم الى هذه الهيئة العالمية الجديدة التي تحل محل هيئة الأمم المتحدة الكسيحة العاجزة , دول العالم التي تبدي استعدادا صادقا مخلصا لاحترام الانسان وقوانينه وقيمه السامية على أن تعاقب كل دولة ترتكب اثما أي تخالف ميثاق هذه الهيئة الجديدة التي يتم التفاوض ومن ثم الاتفاق على ميثاقها على أمل أن تساهم هذه الهيئة الجديدة على نحو فعال مخلص في تخليص الجنس البشري من الشرور التي يبدو أن الديانات السماوية فشلت على نحو ذريع في محاولاتها للقيام بما يتطلبه الغاء الشر في العالم .

تحذير: يستعين الأميركيون واليهود الصهاينة بالحكام الحاليين والمنقرضين في تركيا وفي ما يسمى المملكة العربية السعودية ليحللوا ويحرموا ما لا يحلله ويحرمه الاسلام المسيحي والمحمدي أي يحاولون احلال العقائد والقيم اليهودية / الأميركية محل عقائدنا وقيمنا وذلك بعدما نجحوا في احلال عقائدهم وقيمهم محل العقائد والقيم المسيحية الجليلية في الغرب. يدعو هذا كله للتأمل العميق المخلص في ما جرى في الماضي ويجري حاليا في دول مثل دول سورية الطبيعية ( الجمهوريات اللبنانية والسورية والعراقية وفلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية وقبرص ولواء الاسكندرون وكيليكيا والكويت ) لقد سبق أن شهدت الكوريتان الشمالية والجنوبية والفيتنام شمالا وجنوبا ودول أخرى في القارة الأميركية نتائج جنون القوة الأميركية الغاشمة تماما كما تشهد دول سورية هذا الجنون حاليا.

يكمن الأمل في أن تفتح الانسانية صفحة جديدة تبقى بيضاء الى الأبد بعد أن تنطوي الصفحة الراهنة التي سودها السلوك الانساني البربري الذي يبلغ ذروته في سلوك دولة الولايات المتحدة الأميركية ودولة اسرائيل والدول المشابهة لهما .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024