إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تبّت يد الإرهاب

ليلى زيدان عبد الخالق - البناء

نسخة للطباعة 2012-02-11

إقرأ ايضاً


مرّة أخرى تصل يد الإرهاب إلى المواطنين الأبرياء، وقوى الأمن في سورية، مرّة أخرى، يُفرغ مصاصو الدماء الإرهابيون كلّ غرائز القتل والوحشية في شوارع سورية، هؤلاء الذين لا دين لهم ولا يمتّون إلى الإنسانية بِصِلة، والخارجون على كل القيم والأخلاق، فهم لا يرون أمامهم سوى حفنةً من الدولارات الأميركو ـ صهيونية التي تغريهم وحدهم، حتى لو كانت مخضّبة بدماء الأطفال والمواطنين العزّل.

أمس، عانقت رائحة صعتر حلب عبق ياسمين الشام، وأريج جلنار حمص، وتوحّدت الرائحة والعبق والأريج، لتنبثق رائحة الدم السوري، الأثمن من أي عطر، وتناثرت أشلاء الأطفال، والنساء، والشيوخ ورجال الأمن، في مشهدٍ يندى له الجبين، وتخجل منه الأبصار، وتدمع له العيون.

إن مشهد أشلاء الطفل الحلبي الذي كان يلعب في الحديقة العامة أثناء وقوع التفجيرين الارهابيين في حلب أمس، هو أبلغ رسالة إلى كل العالم، ومفاد هذه الرسالة أن يعي هذا العالم ما يجري، وأن يرى بأم العين، ما يفعله الارهاب المدفوع علناً وفي السر، بالحيلة وبغيرها، عبر المؤامرات أو جهاراً من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحليفتها «الحبيبة» «إسرائيل».

إن ما جرى في حلب أمس، لهو وسام شرف يعلّق على صدر كل السوريين الخلّص، الأوفياء لبلدهم، المدركين حجم المؤامرة، وهو وصمة عارٍ، على كل من يدعي المعارضة، سلمية كانت أم دموية، فلقد سقطت أمس كل الشعارات التي نادى بها «المعارضون»، خصوصاً شعار السلمية، وشعار الحرية، ولا نخطئ حين نردّد ما يقوله المواطنون السوريون على شاشات التلفزة تعليقاً على هذه التفجيرات والمجازر، حين يتساءلون: «هذه هي السلمية».

إن كان السلام الذي ينشده من يسمون أنفسهم بالمعارضين، على هذا الشكل، فتباً للسلام ولدعاته، من برهان غليون صاحب المليون لوثة ولوثة، وعبد الحليم خدام الخائن بجدارة، إلى «الصبي» ريبال الأسد غير البعيد عن تمويل المجموعات الارهابية في شمال لبنان وما خلفه من مناطق سورية.

أي سلام هذا وهو قائم على المجازر وجثث الأطفال وأشلائهم؟ أي حرية هذه وما هو طعمها أمام علقم دموع الأمهات الثكلى، والأرامل، والأيتام؟

وقعت المجزرة في حلب أمس، وعشرات الشهداء ارتفعوا وسمت أرواحهم، وهي هي التعليقات «السخيفة» التي تعبّر عن أمرين هامين لا ثالث لهما: إما غباء مطلقي هذه التعليقات واستخفافهم في عقول البشر، وإما ارتباطهم الممنهج «على الريموت كونترول» بالمؤامرة ضدّ سورية، وفي الحالتين هم ليسوا معارضين، إنما خونة يستحقون غضب الشعب السوري، وكل حرّ في العالم.

وقعت المجزرة في حلب أمس، وسارع غليون وغيره إلى تحميل «النظام السوري» مسؤولية المجزرة، وأن الجيش السوري وقوات الامن نفّذا التفجيرين، عجباً!!!

فأيّ عاقل يصدّق أن نظاماً في العالم، يتعرض إلى مؤامرةٍِ بهذا الحجم، يفتعل مجازر كهذه بحق شعبه، هذا لو أننا سلّمنا وبتحفّظٍ شديد أن الحكم في سورية يقمع الشعب ويخنق الحريات، فكيف لنظامٍ يرى الدول التي تقود هذه المؤامرة تطوّقه من كل حدبٍ وصوب، وإلى جانبها دول أخرى بصفة مشترك، وأيادٍ عميلة متعاملة في الداخل وفي الخارج، و«أشقاء عرب» باعوا الأخوّة في سوق النخاسة، وحملة إعلامية تصرف لأجلها ملايين الدولارات لا بل ملياراتها، أن يسلّط الضوء عليه عبر ارتكاب جرائم كهذه؟

حكماً، لا بل حتماً أن من يفكرّ كذلك هو «غير عاقل»، ولا يفقه من السياسة شيئاً، لا بل أنه مشترك حتى الأنف في هذه المؤامرة، والدليل، أن بياناتٍ تصدر هنا وهناك على صفحات الانترنت، وعلى شاشات التلفزة الأوروبية، تفيد بتبنّي هذه العمليات، وغالباً ما تصدر هذه البيانات بفعل «النشوة»، لكن ما إن يصدر فرمان الباب العالي الأميركي ـ الصهيوني ـ القطري ـ التركي، حتى يسارع «المتبنّون» إلى سحب بياناتهم، حينئذٍ فقط، تستقبل المنابر الإعلامية المغرضة غليونها، لينفث سموماً تتهم الرئيس بشار الأسد بارتكاب المجازر.

قبل يومين، تداعى «الفايسبوكيون» الضالعون عن عمدٍ أو عن غير قصد في المؤامرة، إلى تسمية الجمعة بـ«روسيا تقتل أطفالنا»، وكان الحريّ بهم أن يسموّها جمعة «سنقتل أطفالنا ونتّهم روسيا»، وهكذا كان، لكنهم خسئوا، فدماء الشهداء ستزيد من عزيمة الشرفاء، الذين ترى روسيا والصين وكل شريف في العالم أعدادهم المليونية، وتقرآن عقولهم الراجحة التي تدرك تماماً ما تتعرض إليه بلادهم.

لو قيّض لرائحة صعتر حلب، وعبق ياسمين الشام، وأريج جلنار حمص، وعطر الدم السوري الزكي، أن ترسم في الأثير عبارةً واحدة، لقرأ ملايين السوريين الأبرار في سماء سورية: «تبّت يد الإرهاب، وبئس الحرية المتأتية عبر المجازر».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024