إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مدينة عين العرب في بورصة المؤامرات الدولية

الياس عشّي - البناء

نسخة للطباعة 2014-10-11

إقرأ ايضاً


يتهيّأ العالم المتوحّش لإطفاء الشمعة الرابعة « احتفالاً» بتدمير سورية، ومسح حضاراتها القديمة، وإبدال أبجديّة أوغاريت بأبجديّة السكّين والساطور والنطع والذبح، واغتيال أبي العلاء وأبي تمام وديك الجن على أبواب المعرّة وجاسم وحمص، ومسح أي مكان قد تكون سماؤه مفتوحةً للطائرات الأميركية وحلفائها، أو بوّاباته مشرّعة لاستقبال فوضويين جاؤوا من كلّ أصقاع العالم لإرضاء النزعة الكيسينجيرية القائمة على استبدال الاستقرار بالفوضى، والعقل بالغريزة، فتطمئنّ «إسرائيل»، وتنام قريرة العين.

اعذروني على سوداويّة المشهد، لكن ما يجري اليوم في عين العرب أسقط القناع، وبانت المؤامرة بكامل تفاصيلها. ففي العشرينات من القرن الماضي نجحت إنكلترا وفرنسا في إقناع الشريف الحسين بإطلاق رصاصة في اتجاه الكعبة، معلناً بذلك الجهادَ الديني ضدّ الدولة العثمانية الملقبة، يومذاك، بالرجل المريض. ومع انتهاء الحرب الكونية الأولى وجد العثمانيون أنفسهم وراء جبال طوروس، وتحوّلوا من إمبراطورية عظمى إلى دولة صغيرة مهزومة لا حول لها ولا قوة.

بعد مئة عام شعر الإنكليز والفرنسيون بأنّ تركيا تستحقّ اعتذاراً. بل أكثر من ذلك إنها تستحقّ تعويضاً عمّا ارتكب بحقّها «من ظلم» يوم آزر الأوروبيون الثورة العربية الكبرى، لا رغبة في تحرير العالم العربي من العثمانيين، بل رغبة منهم في فرض الانتداب على سورية الطبيعية برمّتها. أمّا لماذا هذا الاعتذار اليوم تحديداً؟ فلأنّ طريق الحرير تحوّل إلى أنابيب نفط وغاز… بل لأنّ العالم كلّه نسي المبادئ الأخلاقية للثورة الفرنسية، والشرعة العالمية لحقوق الإنسان، وغرق في مستنقع آسن من النفط والغاز.

إذن السياسة فن الممكن بحسب قول دزرائيلي!

لنعد إلى الوراء، إلى منتصف القرن الثامن عشر. نعود لنتعرف إلى زعيم حزب المحافظين في بريطانيا بنيامين دزرائيلي ذي الأصل اليهودي، الذي وافق على التغاضي عن الوجود التركي في البلقان مقابل أن تسمح الإمبراطورية العثمانية للإنكليز باحتلال جزيرة قبرص. وهذا ما حدث، أليست السياسة فن الممكن كما يقول؟

يفرح الأتراك كثيراً برؤية التاريخ يعود مئة عام إلى الوراء، ليروا عرب الخليج يسحبون رصاصة الشريف الحسين من التداول ويساعدونها في إعادة ترميم الدولة العثمانية، والعودة إلى سورية من بوّابة عين العرب، ومن بوابة «الإخوان المسلمين»، ومن بوّابة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ومن بوّابة كلّ معارض سوري تجرّأ واجتمع تحت الراية التركية، أو تحت خريطة سورية شوهاء خالية من لواء اسكندرون.

أكتب الآن على إيقاع المواجهة الملحميّة بين «الداعشيين» وحلفائهم من جهة، وسكان عين العرب وحماتها الذين يرفعون شعاراً واحداً هو: الموت ولا الاستسلام. وإذا كان العرب، منذ جاهليتهم أرّخوا لأيامهم بنسبتها إلى حوادث كبيرة مثل يوم الفيل، ويوم ذي قار، ويوم حليمة، ويوم البسوس، ويوم داحس والغبراء، فلا بأس من أن نضيف إلى تلك الأيام يوم عين العرب ، عسى أن يستحي العرب ويسعوا إلى إنقاذ العين التي تقاوم المخرز من مذبحة ستقع حتماً في حال سقوطها بيد الأتراك و«الداعشيين».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024