إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أنماط الفساد السياسي

لور أبي خليل - البناء

نسخة للطباعة 2017-04-04

إقرأ ايضاً


تتعدّد الأشكال والصور التي يظهر فيها الفساد السياسي بشكل أنماط مجردة لا يمكن حصرها بشكل دقيق، إذ تختلف باختلاف الجهة التي تقوم بها والتي تمارسها فرداً كانت او جماعة او مؤسسة.

لذا تظهر انماط الفساد السياسي على الشكل التالي: النمط الاول إساءة استخدام السلطة الذي يكون عادة بشكل اهداف غير مشروعة تقام من قبل النخب الحاكمة كالاختلاس والرشوة والابتزاز والمحسوبية، فيأتي سوء استغلال المكانة السياسية مؤشراً يهدف من خلاله الحصول على مكاسب شخصية. وهنا تستخدم العلاقات العائلية او العشائرية او الحزبية للوصول لمنفعة ليست من حق المنتفع ويتضرر منها من ليس له واسطة وعندها يتدنّى مستوى الخدمات التي يفترض على الدولة الرعائية تقديمها للمواطن لإرساء مفهوم الحماية الاجتماعية، إذ يُحرم الكثير من الناس وخاصة الفئات الفقيرة والمهمّشة من الحصول على الخدمات العامة كالصحة والتعليم مما يقوّض بمبدأ التنمية البشرية المستدامة. النمط الثاني استخدام المال السياسي الذي يرتبط بسرقة المال العام، وما ينتج عنه من استغلال الموقع الوظيفي للتصرف بأموال الدولة. وهنا نقصد بالموقع أصحاب المناصب الرفيعة كالوزراء والنواب والمسؤولين الحكوميين مثل مسؤول ضريبي أو مسؤول جمركي أو ما شابه الذين يستغلّون مناصبهم لتحقيق مكاسب ولتسهيل الحصول على امتيازات في مشاريع الخدمات العامة عبر البيع الكامل او الجزئي للممتلكات العامة او عبر مشاريع الطرق والمياه والكهرباء، او التزوير في الانتخابات وشراء الأصوات الذي يؤدّي طبعاً الى وصول أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة ولا بالتشريع وسن القوانين وليست لديهم خبرة كافية لرسم السياسة العامة للدولة داخلياً وخارجياً. ومن الملاحظ على هؤلاء المسؤولين أنهم غالباً ما يتحوّلون رجال أعمال الى جانب كونهم مسؤولين حكوميين فيصرفون اهتمامهم في البحث عن طرق وأساليب تمكنهم من زيادة حجم ثروتهم غير آبهين بما قد يؤثر ذلك على التنمية المستدامة او حتى على بقاء الدولة ومؤسساتها. النمط الثالث قانوني تسيطر السياسة فيه على القانون، ويظهر عندما تعبث النخب الحاكمة في مواد الدستور وأحكامه بحسب ما يتلاءم مع مصالحها. النمط الرابع عقائدي يظهر في لبنان عند تدخل رجال الدين في السياسة، اذ ينظر الى الدين بأنه مرجع أخلاقي ثقافي اجتماعي يدعم بقاء المجموعات الطائفية فيقومون باستخدام انتقائي لبعض النخب الحاكمة للوصول الى السلطة. وخير دليل على ذلك الذي يحصل في الحملات الانتخابية، لان تأثير رجال الدين كبير جداً في المجتمعات المتعددة الطوائف. النمط الخامس تنظيمي تظهر أعراضه من خلال تشخيص عوائق المفاهيم التالية: أمراض المركزية، البيروقرطية المفرطة، فساد أجهزة الرقابة، تخلف السياسات الإدارية اي عدم العمل بمبدأ الكفاءة، بروز ظاهرة التوريث وأثرها على المناصب والمنافع. وهنا تتحوّل الإدارة المنظمة الى إدارة فاسدة. ونستطيع أن نستنتج أنه في الأنماط كافة عندما يكون الفساد سياسياً تكون النخب هي الفاعل الاجتماعي، أما النسق فيمكن أن يكون سياسياً واقتصادياً وإدارياً، مما يعني أن الفساد السياسي يمكن أن يستهدف أنواعاً عدة من الأنساق. وفي لبنان يتفاعل هذا الأمر مع وجود النسق الطائفي بامتياز.

إلى أي مدى ستبقى هذه الأنماط مسيطرة على مجتمعنا وموجودة بأشكالها كافة، لذا لا يمكننا التقاعس بعد اليوم، إذ علينا بالعمل الجدي والمنظم لمواجهة هذه الآفة اذ تعتبر النزاهة القاعدة الاولى التي يفترض اعتمادها في كل عملية إصلاح إداري، والسبب الاساسي لفشل عملية الاصلاح يعود الى عدم المعرفة في رسم السياسات العامة في القطاعات كافة والسعي لوضع الحلول المناسبة التي تختلف بحسب أنواع الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024