إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

السياسة الرسمية الأمريكية ، إلى متى يحكمها الصلف والسادية ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2019-03-25

إقرأ ايضاً


لم تعد الصحافة الورقية هي المكان الذي يتابعه المهتمون بالسياسة وخاصة الدولية منها ، الأخبار المرئية هي الأكثر متابعة ، لكن جائحة العصر هي صفحات التواصل الاجتماعي التي أفسحت المجال لإبداء الرأي والتعليق بحرية تامة ، ربما لن تستمر طويلا فقد بدأت الدول تفكر وتعمل وتضع القوانين الناظمة لضبطها على نطاق واسع .

صفحات الأمس واليوم تزخر بأخبار أمريكا وقرار ترامب وتطلق آلاف اشارات التعجب والاستفهام ، التاجر الأبرص يفرض ولايته على أرض الغير ويمنحها لحليفه الصهيوني وكأنه المالك متجاوزا حتى اعترافات من سبقه بالقرارات الأممية التي تؤكد أنها أرض محتلة ، ولماذا العجب طالما أثبتت الإدارات الأمريكية انسلاخها عن الواقع وممارسة التذبذب في تعاملها مع دول العالم ، وخروجها في كل مرة على القانون الدولي الذي تتهم الآخرين بالخروج عليه ، ويصح في وصف هكذا سياسة أنها معاكسة التاريخ والمنطق وتجاوز الجغرافيا وممارسة السادية اعتمادا على القوة التي تمتلكها وتدفع بقياداتها الغبية إلى ذروة الغطرسة رغم النكسات التي لم تتعلم منها .

مطالبة الرئيس الأمريكي مجلسيه – النواب والشيوخ – بضرورة الاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان ، ولو أقرها المجلسان تظل بلا أية قيمة طالما رفضها المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى الفاعلة في مسألة الأمن والسلام ، وكذلك رفض المنظمة الدولية لهذا القرار المناقض لبنود ميثاقها الذي أقرته الدول المؤسسة والتي انضمت لاحقا ووقعت عليه ، وقد ظهرت مثل هذه المواقف قبل صدور أي قرار عن المجلسين وتضمنت رسائل موجهة إلى الرئيس عديم الخبرة السياسية في التعامل الدولي ، المنقاد لمجلسي ايباك والمحفل الأعظم الماسوني دون تفكير بالعواقب المترتبة والتي تدفع إلى صدام واسع وحرب طاحنة لا يرفضها نتن ياهو طالما هي تخدم بقاءه على رأس السلطة في الكيان الغاصب .

يقول رئيس وزراء الكيان الغاصب مهللا : أن ترامب يكتب التاريخ بقراره ، أو أنه يصنع التاريخ ، ونتن ياهو محق فيما يقول فالتاريخ سيذكر ويخلد قرار ترامب على أنه القرار الذي أشعل حربا لم يقدر نتائجها ، وأيضا هو القرار الذي لا يضيف جديدا إلى الأمن الصهيوني ،( حسب ما ورد في بيان مجلس الدوما الروسي ) فقبل عقود كان الجولان مربضا لمدفعية تتحكم بكل مفاصل الكيان المواجهة للجولان ، في العصر الحديث ما عاد هذا السلاح فاعلا بالقدر المؤثر إذا ما قورن بالصواريخ التي تطال كل شبر في الأراضي المحتلة ، بل وأبعد منها بكثير ، ويبدو أن هذه الهمروجة لها غاية واحدة تنحصر في خدمة حملة نتن ياهو الانتخابية بحيث لم يعد دعم الاستيطان الورقة الوحيدة الرابحة في يده بوجود آخرين يدعمونها بل يلوحون بها ويستخدمونها في كل موقع بأكثر مما يفعل رئيس الوزراء الطامح والمتمسك بموقعه رغم فضائحه المتلاحقة المحفوظة في أدراج الشاباك والنيابة العامة الصهيونية .

قضية الجولان ليست وليدة الساعة ، وتصريح ترامب يشكل خبر مقدمة لتحرك آلته الخارجية عبر السفارات والمندوبين السامين في الدول الدائرة في الفلك ، وفي هذا السياق كانت رحلة الوزير بومبيو إلى الكيان الصهيوني للتنسيق مع نتن ياهو وتلقي آخر التعليمات قبل زيارة لبنان الذي يراهنون على أدواتهم فيه وقد يدفعون بهم إلى مجابهة يعلمون أنهم سيكونون الطرف الخاسر فيها ، هذا ليس مهما بالنسبة للجانب الأمريكي ، الأهم هو توفير المزيد من فرص الأمان للكيان الصهيوني وزيادة الشرخ في دول المحيط التي لم تلتزم باتفاقيات استسلام على الطريقة الأمريكية في اسطبل داوود ، بومبيو في خطابه الذي استغرق دقائق سبعة ذكر اسم حزب الله اثنا عشر مرة ، وهو إذ يقول ، وقالها قبلا أن حزب الله ، وايران يشكلان خطرا على الشرق الأوسط فهو يعني ما يقول ولو طالبه أحدهم بتحديد ماهية الشرق الأوسط لأجاب بكل براءة إنه " اسرائيل " نعم ايران وسورية وحزب الله يشكلون خطرا على الكيان الصهيوني وتدعمهم الشعوب العربية بوجود قيادات شريفة لا تساوم ولا تقبل منع مقاومتها الشعبية من العمل لتحقيق أهدافها في التحرير والتحرر واستعادة الأرض السليبة والمحتلة .

بومبيو الذي استضافه على العشاء بومبينو اللبناني ورهط من حملة الجنسية والراغبين الحصول عليها وقال أنه ليس عشاء سياسيا ، بل اجتماعي ، لا يستطيع الادعاء أن الحديث كان عن جمالية المنطقة وتحسن الظروف الجوية وتطور السياحة والطعام اللذيذ وجمال المشاركات في الحفل ، ولا يمكنه النفي أن الحديث كان تشجيعا على مجابهة حزب الله والصدام معه ووعود بلا حدود بالدعم والتسليح من صناديق الخليج بمعنى توفير المال العربي والدم " اللبناني " فقد لا يرغبون أن نطلق عليه صفة الدم العربي ، الذي يجري في عروقهم ليس كذلك ، وقلنا في غير مكان وموقع أن بومبيو ورئيسه يطلقان شرارة لا يهمهما أن تحرق لبنان ، كل لبنان بمن فيه ، ومعه المنطقة على أن يقف عند حدود فلسطين المحتلة حماية للمحتل وضنا بسلامة المشروع الاستثماري وكثير من اللبنانيين يشاركون ترامب وبومبينه المشاعر ولو أعلنوا غير ذلك .

في كثير من الكيانات العربية وحتى غير العربية يمارس المندوبون الساميون الأمريكان التهديد والوعيد كل في نطاقه ، المندوب السامي التجاري ، والعسكري ، والثقافي وغيره بمواجهة التجار والمنظمات الراغبة في استعادة العلاقات مع الشام كما حصل في الأردن ، وبعض كيانات الخليج ، وفرملة اندفاعة " الجامعة" العربية والكويت والبحرين وغيرهم امعانا في محاربة دمشق التي رفعت وما تزال شعار معارضة مخططهم التخريبي وأفشلته وألحقت بهم شر هزيمة ، واضافة إلى الحرب الاقتصادية والسياسية أشهروا الحرب الاجتماعية بمنع المهجرين والنازحين السوريين من العودة وكأنهم أصحاب القرار وأولياء الأمر ..!. لقد ضاقت دول الجوار بتحمل أعباء النازحين وتطالب بعودتهم ، بالمقابل تعلن الحكومة السورية عن فتح الأبواب وتوفير مناخات الاستقبال ومد يد المساعدة والترحيب بكل من لم يرتكب الخيانة العظمى ولم يخرب منشآت الوطن ولم يسفك الدماء ، وسيكون القانون بالمرصاد لمن فعل ، أما أن تطالب الدول التي دفعت بهم إلى العمالة وأغرتهم بالتخريب ، الحكومة السورية باصدار عفو عام عنهم بعد كل النتائج ، فهو لعمري غاية في الوقاحة ، خذوا أدواتكم ، أنقذوهم ونعلم أنكم تفعلون ذلك ، استثمروهم حيث تشاؤون ، لتحاكم الدول حملة جنسياتها طبقا لقوانينها ، لكن أي من هؤلاء لن يكون مقبولا من الشعب السوري ولا حكومته وليس له مكان على الأرض السورية الطاهرة .

يقول وزير خارجية المرابي ترامب أن عودة النازحين ممنوعة ، وربما سأله مسؤول لبناني ، لماذا وإلى متى ومن ينفق عليهم .؟. وأرجح أن جوابه سيكون حتى تخضع دمشق لشروطنا ، ويصدر الأسد عفوا عن أزلامنا ، ويتوقف عن دعم المقاومة و ... الخ ، أما من يتولى الانفاق فهو دول النفط العربية إذ ليس في الصناديق الأمريكية من فائض وبند للاعتماد .. دبروا راسكم .!!.

نقدر موقف القيادة اللبنانية في مؤسساتها الثلاث وإن يكن لدينا شكوكنا في موقف رئاسة الوزارة إلى حد ما بسبب ارتباط معروف ، وعبر الصفحات قرأنا أن بعضهم يخشى على مزارع شبعا وسفوح جبل الشيخ حيث يمكن أن تلحق بالجولان ويتمدد العدو الصهيوني ، وندرك أن مواقف البعض مجرد مجاملة ومجاراة لمواقف عربية وأعرابية وحتى غربية انسجاما مع القانون الدولي ومنطق التاريخ والجغرافيا ومن جانب آخر هو رفض لسابقة حصلت قبل أكثر من مائة عام ، قيام من لا يملك بمنح الأرض لمن لا يستحق وليس له بها علاقة ولا حق .

الاعتراف الأمريكي ، بأحقية الكيان الصهيوني في الجولان يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وشرعة حقوق الانسان وحقوق تقرير المصير للشعوب ، ووقاحة تعتمد حق القوة ليس إلا ومن واجب دول العالم أن تتنبه وتقف موقفا موحدا ، أما نحن السوريين فمن واجبنا حشد وتنظيم صفوفنا ، واستخدام أسلحتنا دفاعا عن كرامتنا وحقنا ، ولا يكون الحق حقا في معترك الأمم إلا بمقدار ما تدعمه من قوة .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024