إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ورطة ابن سلمان ، فرصة ذهبية لترامب أم أردوغان ..؟.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2018-10-22

إقرأ ايضاً


كان من اليسير والسهل جدا أن تمر الحادثة دون أن ينتبه لها أحد أو حتى يذكر الضحية لو لم يكن جمال خاشقجي هو الضحية ، وابن سلمان هو الآمر بتنفيذها والمستهدف الموضوع تحت المجهر ، وربما تكون الاستخبارات الأمريكية والتركية مشتركة ومتابعة أدق تفاصيلها وربما هي من وضعت الخطة من خلف الستارة ، وربما أيضا بتحريض ومشاركة أطراف من العائلة المالكة لاستبعاد الدب الداشر كما يلقبونه ، فهل من الصعب على هؤلاء الخصوم أن يدفعوا للنافذين في الاستخبارات لإحكام الفخ لابن سلمان وتوريطه بما حصل ، وهذا لا يعني تبرئته ، بل الاعتراف بغبائه .

أوردت الأخبار أن الأمير خالد بن سلمان هو من شجع الخاشقجي على مراجعة القنصلية في استانبول وكانت النصيحة من الاستخبارات المركزية ، فهل كان السفير السعودي مشاركا أم تم دفعه لتقديم النصيحة ، وقد يكون الاتصال بينه وبين الضحية مسجلا لدى الاستخبارات المركزية وهذا ليس مستبعدا إذ أن هذه الاستخبارات لا تترك فرصة لتسجيل خطيئة على أحد من هؤلاء تفلت من يدها ، وإذ هو المرشح الأكثر حظا في ولاية العهد فلا بد من إحصاء أنفاسه كما هي العادة في كل ما يتعلق بالمرتبطين بهذا الجهاز الجهنمي . ( السي آي اي ) .

تقول الصحافة الغربية أن رائحة الدماء ستبقى عالقة على أيدي حكام السعودية ، فهل تأخرت هذه الصحافة في اكتشافها ومتى كانت أيدي هؤلاء نظيفة منذ لحظة وصولهم إلى الدرعية وحتى اليوم .؟. الصمت الرسمي لحكام الغرب وصل إلى ذروته ، وفي زمن الانفلاش الإعلامي ما عاد هؤلاء يمتلكون أي هامش للمناورة والمداورة والتغطية على أدواتهم ، مع ذلك لن يسقطوهم بشكل تام ، بل هم يعملون على التضحية بالبعض للحفاظ على البعض الآخر واستمرار تقديم الخدمات ، بل استمرار نهجهم في ذبح وابتزاز شعوبهم لصالح مشغليهم ، ابن سلمان لن يستمر على الأرجح ، والعمل جار على تحضير الظروف للاستبدال من ضمن سيناريو متكامل يجري الاتفاق عليه بين الطرفين المعنيين ، تركيا التي وقع الحدث على أراضيها ، وأمريكا باعتبارها ولي الأمر الذي سيكون المتضرر الأكبر من أية اجراءات عقابية يطالب بها العالم ومن ضمنه شخصيات أمريكية من الحزبين الكبيرين ، ويبقى أن صوت التاجر السمسار هو الغالب حتى اللحظة .

تركيا ومنذ اللحظة الأولى اتجهت في معالجتها الحدث لإرباك الحكومة السعودية ، وكان السؤال المهم من أين حصلت تركيا على التسجيلات والأسرار ثم لينشر بعضهم أن روسيا هي من زودت تركيا بها لإحراج ترامب بعد تورطه ونفيه أية علاقة للملك وابنه في العملية ، وهكذا تلاحقت مواقفه المتناقضة ، مرة يبرر ومرة يهدد ، وأخيرا يكذب الرواية السعودية ويقول أنها غير متماسكة ، مع تأكيده وإصراره في كل مرة على رفضه أية عقوبات لأنها تلحق الضرر بأمريكا وليس بالسعودية التي ستتجه للحصول على الأسلحة من روسيا ومن الصين " مع أن ما عندنا هو الأفضل " هنا تظهر عقلية التاجر والسمسار وليس الرئيس المفترض فيه أن يتمسك بالأخلاق وحقوق الإنسان ويعمل على رفض الجريمة السياسية وفرض العقوبة على الدول التي تمارسها ويضعها على قائمة وزارة خارجيته السوداء .!!.

تركيا التي تفرج عن أسرارها بالتقسيط تدفع بالطرفين السعودي والأمريكي إلى الزاوية ، وتستدرج كل منهما على حدة إلى التصريح بما يعكس ارتباكه وضياعه وفقدانه التوازن ، وخاصة الطرف السعودي الذي ، ومن تحت الطاولة يعلن استعداده لكل المطالب والشروط التركية على أن يتم اغلاق القضية وطمسها دون تحميل المسؤولية للملك أو ابنه ، ويبدو أن أردوغان لم يبلغ ذروة مطالبه وهو يعلن أنه في الغد ( يوم الثلاثاء ) سينشر كل المعلومات المتعلقة بقضية خاشقجي - غيت ..! ولكن الشكوك بمصداقيته تبقى رهن موقف أمريكي يستجيب لشروطه ، وتمويل سعودي يدفع الى انفراج اقتصادي تركي قد يكون جزء منه الحصول على النفط السعودي بسعر لا يتجاوز نصف سعر السوق العالمي ولمدة لا تقل عن ربع قرن ، وهذا ما تسرب عن أسرار العروض المقدمة .

قد ترى الادارة الأمريكية أن مصلحتها في إخراج الملك من دائرة الشبهة وتوريط الابن ، من ثم استبعاده عن الحكم وتسمية أخيه الأصغر ، وكل هذا لا ينفي أن تركيا ستكون الطرف الرابح ، وأن أمريكا بذلك تحافظ على عقودها واستثماراتها ومبالغ الجزية المفروضة على المهلكة المتهاوية ، ولا بد من المقارنة بين الطرفين التركي والأمريكي لمعرفة من هو الرابح الأكبر بمواجهة هذا الفاشل والخاسر الأعظم عبر التاريخ ( سلالة بني سعود ) وشعب نجد والحجاز .

المؤكد هو قدرة الادارة الأمريكية الحالية ، وحتى من قبلها ومن يأت بعدها - على انهاء حكم العائلة السعودية ، وهي لن تعدم وجود البديل ، ما يعني أن امتلاك البديل أمر طبيعي بالنسبة لكل الادارات الاستعمارية التي لا يمكن أن تركن وتثق بوجود عميل دون بديل ، ويبدو أن هذا الاحتمال أصبح واردا بعد أن تهالكت العائلة ودب الخلاف في أوساطها وانتقل الصراع إلى الأبناء وهم من جيل الشباب الذي لا يمكنه التأقلم مع الارتباطات والسلوك الذي كان للكبار ، وبما أن الادارة تعتمد ميزان المدفوعات وتقدم الخدمات لمن يدفع أكثر ، لا يمكن استبعاد تفضيلها لطرف على آخر ضمن السلالة ، من هنا يكون الصراع قد انتشر داخليا حتى يسقط المجموع ، فهل ستعمل الادارة الأمريكية على استمرار المملكة مع عائلة جديدة أم ستحولها إلى جمهورية أو أكثر ونظام مشابه لما هو قائم في جمهوريات الموز - الحديقة الخلفية .

اوروبا التابعة ، غير المستفيدة من الحدث على أكثر من صعيد ، تحاول الظهور بموقف انساني أخلاقي ، وتبقى عقوباتها غير ذات جدوى ضد مهلكة بني سعود ، وتوريدات الأسلحة تعتبر مجرد تشكيلة يمكن الاستغناء عنها بما يعادلها أمريكيا وهذا ما يزيد من سعادة ترامب الذي سيجد نفسه منساقا لضغوط أكبر من مجلسي الشيوخ والنواب ليقوم بفرض عقوبات على المملكة ، ليس بحصارها ومنع السلاح عنها ، بل توريطها بمزيد من الحروب وزيادة الصفقات مع التضحية بمزيد من الشخصيات العميلة .

أمريكا التي لن يتغير موقفها ، ولا حصادها قد تربح القليل مقابل السمعة السيئة ، أما الرابح فهو من كانت موازينه خاسرة مع الطرف السعودي ، عنيت به أردوغان إلا إذا صدق في نشر الحقيقة ودخل في عملية قطيعة كاملة مع السعودية ، وبالتالي انعكاس ذلك على علاقته مع الجانب الأمريكي ، تكتيكيا واستراتيجيا وخصوصا في الشمال السوري ، وهكذا سيكون الخاسر الأكبر ، وهذا برأيي مستبعد فالثعلب التركي لن يفلت الديك السعودي من بين مخالبه .

غدا تنزاح جانبا كل التوقعات والترجيحات والأقاويل لتظهر الحقيقة جلية ، أو تصدر محرفة ... وسيربح هؤلاء ، السعوديون ، الأتراك والأمريكان ، ولتسقط الأخلاق والإنسانية .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024