أكملت المقاومة نحو 80% من ملف التحقيق الذي فتحته حول الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي كُشف أمرها قبل 3 أسابيع ووقعت في اشتباك أودى بأحد عناصرها. النتائج تشير إلى ثغرات ترتبط بالتغيّرات السياسية الأخيرة في المشهد الفلسطيني، لكن الثغرات في الجانب الإسرائيلي استوجب تحقيقاً أوسع بالتزامن مع إعلان رئيس هيئة الأركان في جيش العدو الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، تشكيل لجنة تحقيق في أسباب الإخفاق في العملية الخاصة شرق خانيونس، جنوب قطاع غزة، وانكشافها ثم مقتل أحد أفرادها وإصابة آخرين، اقتربت الأجهزة الأمنية التابعة للمقاومة من إنهاء ملف التحقيقات في قضية الوحدة بعد تفكيك الكثير من ألغازها، وأبرزها ماذا فعلت في القطاع خلال أوقات سابقة وكيف دخلت. يقول مصدر أمني لـ«الأخبار» إن استخبارات المقاومة «استطاعت تركيب أحجية شبه متكاملة حول ملف الوحدة الخاصة التي كُشفَت قبل ثلاثة أسابيع، بعدما كشفت آلية دخول الوحدة وتواصلها مع غرفة العمليات المتابعة لها، ومهمات نفذتها سابقاً، وأشخاصاً ساعدوها داخل القطاع».
تبيّن في التحريات أن الوحدة سبق أن دخلت غزة مرات سابقة لتنفيذ مهمات ضد المقاومة. ففي مطلع العام الجاري، دخل عناصر الوحدة لتركيب جهازَي تجسس، وكان في استقبالهم عميل وصلت إليه الأجهزة عبر معبر «كرم أبو سالم» (جنوب) الذي تديره السلطة الفلسطينية حالياً بعيداً عن رقابة الأجهزة الأمنية في غزة، ثم نقلهم العميل بسيارة تشبه سيارات المقاومة إلى منطقة يوجد أسفلها أحد «سنترالات الاتصال» السرية التابعة لشبكة الاتصالات الأرضية للمقاومة في منطقة الزوايدة (وسط). وفي وقت لاحق، عاد العناصر أنفسهم لتركيب أجهزة تجسس ومراقبة في منطقة حدودية شرق مدينة غزة، وتخفوا حينذاك بزيّ أفراد صيانة لإحدى شركات الاتصالات الفلسطينية، لكن المقاومة استطاعت تفكيك تلك الأجهزة.
**دخل عناصر الوحدة من حاجز «إيريز» بهويات مزورة ومعداتهم عبر «أبو سالم»**
أما عن التسلل الأخير، فذكرت التحقيقات الحديثة أن العناصر الإسرائيليين دخلوا هذه المرة عبر حاجز «بيت حانون ـــ إيريز»، الذي تديره السلطة حالياً، بهويات مزورة تحمل أسماءً وأرقاماً لهويات أشخاص حقيقيين داخل غزة، لكن مع تغيير صور أصحاب الهويات بصور أفراد الوحدة. وقرروا الدخول فرادى وفي أوقات مختلفة كي لا يثيروا الانتباه، ثم هُرِّبت معداتهم الفنية من خلال «كرم أبو سالم» لمصلحة أحد العملاء، والأخير كان قد وفّر سيارتين للوحدة في وقت سابق. ورغم إطلاق جيش العدو عشرات الصواريخ على سيارة الوحدة الخاصة والمعدات التي معها، فإن الكثير منها لم يتضرر، ما مكن المقاومة من الحصول عليه، والتوصل إلى معلومات في غاية الأهمية تتعلق بالنشاط الذي كانت تفعله أو ما كانت تنوي فعله. ومن تلك المقدرات جهاز الاتصال بين عناصر الوحدة وغرفة العمليات الخاصة بها.
وأكملت المقاومة تحقيقاتها حتى توصلت إلى معلومات عن عملاء محليين ساعدوهم داخل القطاع، فضلاً عن حصول القوة الإسرائيلية على أموال لتسهيل مهماتها إلى جانب أموال كانت ستوزع على عدد من العملاء عبر «نقاط ميتة» داخل القطاع. وإلى الآن، يمكن القول إن أمن المقاومة تمكن من التعرف إلى أكثر من 80% من تحركات الوحدة، وهو ما مكنهم من فحص عشرات الأهداف التي وصلتها الوحدة. ولعل أبرز عمل كانت تنوي القوة الخاصة تنفيذه، زرع أجهزة يمكنها التشويش على شبكة اتصالات المقاومة الداخلية خلال أي معركة، بما يعوق عمل المقاومين ويجعلهم يستخدمون وسائل اتصال تقليدية يسهل على العدو التجسس عليها وتحديد أماكن مستعمليها، وما يتبع ذلك من أضرار أمنية وميدانية في غياب الشبكة الخاصة.
أيضاً، تعرفت المقاومة إلى أساليب خطيرة كانت تستخدمها الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق القطاع، وأماكن حدودية استفادت منها القوات الخاصة للتسلل، ووضعت المقاومة يدها على أماكن أعدها العدو لتكون مراكز دعم لوجستي للقوات عند نجاح تسللها. أما عن تغريدات الشكر التي قدمها أبو عبيدة، وهو المتحدث باسم «كتائب القسام» (الذراع العسكرية لحركة «حماس»)، أول من أمس، فتقول المصادر إن المعلومات التي قدمها المواطنون وآخرون من الـ48 سهّلت كشف أماكن عملت فيها القوة الخاصة، وهو ما سهّل تتبّع تحركاتها السابقة ومعرفة غالبية مهماتها. تضيف المصادر نفسها أن «حماس» استغلت مجريات التحقيق، ولا سيما دخول الوحدة عبر معابر تسيطر عليها السلطة في ظل غياب ربط معلوماتي بينها وبين أمن غزة، لتشنّ ضغطاً لاستعادة سيطرتها على المعابر لأسباب أمنية.
يشار إلى أن أيزنكوت، الذي تنتهي ولايته مطلع العام المقبل، أمر بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية للوقوف على أسباب الإخفاق في عملية خانيونس الأمنية التي أدت إلى مقتل ضابط وإصابة آخر، وستكون اللجنة برئاسة رئيس شعبة العمليات في الجيش نيتسان ألون، على أن تقدّم تقريرها النهائي إليه، الذي سيشمل طريقة تعامل القيادة مع الحدث، كما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
--------------
تبنٍّ إيراني لشهداء ومصابي «مسيرات العودة»
بينما تستمر معاناة مصابي «مسيرات العودة» المتمثلة بصعوبات السفر لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، ومنعهم من الوصول إلى المستشفيات التركية أو مستشفيات الضفة والـ48، أعلنت إيران تبني عائلات شهداء المسيرات وجرحاها كافة. يأتي هذا التبني بعد جهود بذلتها «الهيئة العليا لمسيرات العودة» مع القيادة الإيرانية، جرى خلالها شرح معاناة الجرحى وذوي الشهداء، وهو ما تكلّل بإعلان طهران خلال البيان الختامي لـ«مؤتمر الوحدة الإسلامية» تبني الشهداء والجرحى، ولا سيما الحالات الحرجة. وأعلن الأمين العام لـ«المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية»، الشيخ محسن الأراکي، «تبني الجمهورية... عائلات شهداء مسيرات العودة لتجاوز محاولات الاحتلال لجعل ثمن التضحيات التي يقدمها سكان غزة ورقة ضغط ضد المقاومة»، مشيراً إلى أن هذا القرار أحيل على الجهات المختصة من أجل تنفيذه.
وعلمت «الأخبار» من مصادر في «اللجنة العليا» أن التبني يشمل تقديم مساعدات مالية إلى عائلات الشهداء تستمر أكثر من عام واحد، وأخرى علاجية للجرحى تستمر حتى تماثلهم للشفاء، فيما أشادت اللجنة بالخطوة الإيرانية، واصفةً إياها بـ«المهمة في دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته».
|