يدخل اتفاق تجديد تفاهمات التهدئة، الذي أُعلن عنه ليل الخميس ــــ الجمعة فترة اختبار خلال الأسبوع المقبل، يفترض أن تتضح خلالها نيات الاحتلال الإسرائيلي. وفي الانتظار، تواصل المقاومة تحذيراتها من الاستمرار في المماطلة، بهدف إعادة التفاوض إلى النقطة الصفر
على رغم إعلان الاحتلال الإسرائيلي التوصل إلى اتفاق لتجديد تفاهمات التهدئة في قطاع غزة، تُواصل الفصائل الفلسطينية صمتها، من دون نفي هذه المعلومات أو تأكيدها، خشية عودة إسرائيل إلى سياسة المماطلة.
وبحسب مصادر فلسطينية، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن الوسيطين، المصري والأممي، توصّلا إلى اتفاق على إعادة حالة الهدوء إلى قطاع غزة، وإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود التفاهمات والتراجع عن إجراءاته الأخيرة، مقابل التزام الفصائل بإدامة الهدوء، ووقف «الأعمال الاستفزازية»، وخاصة إطلاق البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات «غلاف غزة».
وأبلغت حركة «حماس»، الوسطاء، رغبتها في إبقاء حالة الهدوء، لكنها حذرت من التلكؤ في تنفيذ التفاهمات، مهددة بأنها لن تمنح الاحتلال مزيداً من الوقت، طالما أنه انتقل إلى سياسة جديدة في التضييق على غزة، وخاصة في ملفَّي الكهرباء والصيد. وفي ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، نقل الوسطاء إلى «حماس» موافقة إسرائيل على طلباتها، شرط وقف إطلاق البالونات الحارقة، ومنع اقتراب المتظاهرين من المنطقة الحدودية. فوافقت الحركة على ذلك، بشرط إعادة ضخّ الوقود وتوسيع مساحة الصيد، على أن يكون الأسبوع المقبل فترة لاختبار النيات الإسرائيلية.
وبرّر المصدر عدم إعلان الفصائل الفلسطينية عن الاتفاق بكونه خاضعاً لفترة اختبار، وتحسّب المقاومة لإمكانية تراجع الاحتلال مجدداً، وابتزازه إياها في ملفات أخرى تتعلق بحياة سكان القطاع، غير ملفَّي الصيد والكهرباء. وفي حال تملّص الاحتلال من وعوده خلال الفترة الممنوحة له، فإن ذلك «سيؤدي إلى تصعيد كبير على جبهة غزة، وستكون هناك ردود شعبية كبيرة في المنطقة الحدودية»، بحسب ما تم إبلاغ الوسطاء به. وبدا واضحاً أن الفصائل تعي الأسلوب الذي يتبعه الاحتلال في إدارة ملف غزة، إذ نقلت إلى الوسيطين المصري والأممي أن «إسرائيل تفتعل الأزمات، وتمتنع عن تنفيذ التفاهمات في قضايا جانبية، وذلك لإعادة التفاوض عليها، والتهرب من تنفيذ بنود جديدة تحسّن الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع»، بحسب ما أفاد به المصدر «الأخبار».
*لم تعلن الفصائل نبأ الأتفاق تحسّباً لإمكانية تراجع الاحتلال عنه*
وعلى رغم إعلان الاحتلال التوصل إلى اتفاق مع غزة، إلا أن البالونات الحارقة والمتفجرة لم تتوقف منذ صبيحة يوم أمس، إذ أُعلن عن سقوط العشرات منها على مستوطنات «غلاف غزة»، ما تسبب باندلاع حرائق عدة. وقالت قناة «الـ 13 العبرية» إن 13 حريقاً اندلعت في مستوطنات غزة بسبب البالونات الحارقة التي أُطلقت من القطاع. في المقابل، واصل العدو انتهاكاته في المنطقة الحدودية، حيث اعتقلت قوات خاصة من جيش الاحتلال شاباً فلسطينياً بعد إطلاق النار صوبه أثناء اقترابه من الحدود، ومن ثم اقتادته إلى داخل الأراضي المحتلة. وفي جمعة «فليسقط مؤتمر البحرين»، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إصابة 49 شخصاً بجروح مختلفة من بينهم 8 مسعفين وصحافي.
على خط مواز، أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، مباحثات مع المبعوث الأممي للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، ظهر أمس، حول واقع تفاهمات التهدئة، مؤكداً له ضرورة عدم تلكؤ العدو في تنفيذها لما لذلك من تأثيرات سلبية. وفي السياق نفسه، وجّه عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، فتحي حماد، رسالة تحذير إلى الاحتلال، مؤكداً أنه «إذا لم تُطبّق التفاهمات، فلدينا من الوسائل الخشنة في جعبتنا (ما يكفي) لنجبر الاحتلال على تطبيق الاتفاقيات والتفاهمات. لا يمكن لشعبنا أن يموت ببطء».
إلى ذلك، استشهد، أمس، الشاب محمد عبيد (19 عاماً) من بلدة العيساوية شمالي القدس المحتلة، فيما أصيب عشرون آخرون، خلال مواجهات عنيفة بين عشرات الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال. وفيما ادعى الاحتلال أن شرطته أطلقت النار على الشاب، بحجة أن الأخير ألقى الألعاب النارية صوب دورية للشرطة، قال شهود إنه جرى إطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي، وكذلك الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية. واندلعت المواجهات مع الاحتلال عقب تنظيم أهالي العيساوية، عصر الخميس الماضي، وقفة على المدخل الغربي للبلدة، احتجاجاً على الاقتحامات الإسرائيلية شبه اليومية، وما يتخللها من اعتقالات وإطلاق لقنابل الصوت والغاز. كما توسعت دائرة المواجهات بعد استشهاد عبيد، لتشمل بلدات القدس كافة.
|