ظهر في الأسابيع الثلاثة الأخيرة توجّه في احتجاجات لبنان نحو المصارف مع تصاعد في مشاعر اللبنانيين ضد كارتيل المصارف بشكل عام. ولعل اللبنانيين أو كثيرين منهم صعقوا عندما رأوا أن الدولة اللبنانية موظفة لدى كارتل المصارف من رأسها حتى أصغر موظف فيها، وأن مصالح الساسة والعسكر والأمن والتجار والصناعيين والزعامات الحزبية والعشائرية والعائلية مرتبطة ومرتشية من هذه المصارف.
بعيداً عن جماعات طرابلس التابعة لريفي والحريري وبعض مجموعات القوات والكتائب التي تعمل لأجندات أحزابها، هناك من يقود حملة ضد المصارف. وهذا التحوّل نحو المصارف تقوده مجموعات محسوبة على اليسار اللبناني المتطرّف، بعضها شاب والبعض الآخر كان ناشطاً في الحرب الأهلية اختفى عقوداً من الزمن وعاد يظهر في الحراك ضد المصارف.
كما تعرف غالبية الشعب اللبناني عندما بدأ هذا الحراك لعبت به بعض الأجهزة الأمنية وحاولت أخذه الى أماكن تخدم مصالحها، لكن هذه الأجهزة بدأت تفقد السيطرة على بعض المجموعات العقائدية اليسارية التي ظهرت فجأة دون سابق إنذار.
ومع ظهورها بدأت الأجهزة الأمنية تراجع داتا الشعب اللبناني الذي تحتفظ به بحثاً عن هؤلاء تمهيداً لتطويعهم واستخدامهم، كما تستخدم هذه الأجهزة أشخاصاً وغيرهم من ناشطي الحراك المتلفز.
هذه المجموعات اليساريّة العائدة بقوة تعمل بطريقة التصعيد ترى شباناً مشحونين يحقدون على النظام المصرفي، يسعون للوصول معه الى حالة البتر معتمدين في هذا التحرك التصاعدي على كره كل اللبنانيين للمصارف ولجمعية المصارف فرداً فرداً.
كان لافتاً ظهور قيادات يسارية تاريخيّة عاصرت مرحلة الحركة الثورية والهجوم على بنك أوف أميركا ومجموعة إبراهيم حطيط وعلي شعيب الذين هاجموا البنك في سبعينيات القرن الماضي، كما كانت لافتة استعادة أيقونة علي شعيب من قبلهم بالذكرى السنوية لمقتله.
نحن الذين عاصرنا الحرب الأهلية اللبنانية نذكر جيداً هذه الحادثة وجميعنا ردّد أغنيتين حول الحادثة الأولى تمجّدها عبر أغنية مرسيل خليفة «يا علي» نسبة لعلي شعيب. والثانية تنتقدها عبر أغنية زياد الرحباني «يا نور عينيّا… رحنا ضحيّة… ضحيّة الحركة الثوريّة».
يجب أن تعرفوا أن الدولة العميقة في لبنان توجد في السفارة الأميركية وأن أدوات هذه الدولة المصارف وبعض الأجهزة. وقد استخدمت الدولة العميقة كل قوتها في الحراك الحاصل منذ أربعة أشهر.
لكن النتيجة التي وصلت إليها كانت حنق اللبنانيين على المصارف أولاً وأكثر ما أخشاه أن يتحوّل الحنق ضد الطرف الثاني أي الأجهزة التي بدأت بالقمع فجأة بعدما سكتت طويلاً حتى أن تحرّكها استنسابي. في بيروت تقمع… في سعدنايل غياب كامل.
كل هذه التراكمات كانت تجد صداها في الشارع عودة مَن قاتل المصارف سابقاً وظهور مَن يريد رأسها حالياً ومستقبلاً بسبب ما فعلته.
بقيت المصارف حتى أمس، مطمئنة أنها اشترت ورشت الدولة العميقة. وهذه الدولة سوف تمنع عنها غضب الغاضبين من الشعب الجائع والمسروق مدخراته وتعبه من قبل هذه المصارف والقيّمين عليها.
ظهور المجموعات اليسارية المتطرّفة والمنظمة أقلق جمعية المصارف التي تلقت تطمينات أن الأمر تحت السيطرة، في وقت كانت فيه السفارة الأميركية توجّه تحذيرات للجميع بعدم المساس برياض سلامة وعدم المسّ بأصحاب المصارف.
غير أن الرياح اللبنانية أثبت تاريخياً أنها كانت دائماً تعاكس سفن أميركا..
فهل مَن يعتبر؟
|