في محراب المناسبة الجليلة تأتي الذكرى الخامسة لإستشهاد الخالد أبو عمار . وبمرور خمسة أعوام على رحيله ، يقف الشعب الفلسطيني مشدوهاً على مفترق طرقٍ ، تائهاً ، ضائعاً ، مذهولاً ، تتلاطمه الأحداثُ ، وتفرقهُ النزاعات الفصائلية ، وفي أحيانٍ كثيرة الإستفزازات الشخصانية ! لقد مثلَ غياب القادة الكبار " أبو عمار ، الشيخ أحمد ياسين ، أبو علي مصطفى ، جورج حبش " عن مسرح العمل الوطني الفلسطيني نهاية حقبة حافلة ومليئة بالتطورات التي خدمت المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وبداية حقبة في التاريخ الفلسطيني المعاصر .
ترجل العظماء ومضى ركبُ الوطن في اتجاهات الحقّ ، زرعوا التربة بذور النماء والوفاء ، وأبقوا في أيدي الأشبال والزهرات ساريات الأعلام الفلسطينية ، وصوبوا عيون الشعب الى مدينة القدس قبلة الوطن .
في الذكرى الخامسة لأبي عمار يشدنا الشوق لسماع عبارات القائد الواثق بشعبه ، وهو يطلقها شدواً كترانيم الكنائس وصوت المآذن ، حينَ كان يقول " سوف يرفع شبل من اشبال فلسطين ، وزهرة من زهراتنا العلم الفلسطيني على قباب القدس ورؤوس الكنائس " وحينَ كان يقول " يرونه بعيداً ونراه قريباً وإنّا لصادقون "
بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل ياسر عرفات ، بتنا نفتقد لقائد فلسطيني يطلق كلمات الواثق بشعبه وقضيته ، قائد فلسطيني لهُ قافية التعبير ورنة الشعر حين يخاطبنا ، يشحذُ فينا الهمم ، وينثرنا على مساحة الوطن كزهر الياسمين الى موعد النصر .
تمرُ علينا الذكرى والعزمُ يكاد يخبو ، ويكاد ينكسر في داخلنا الأمل ! حين تفتقد الحركة الوطنية الفلسطينية لخياراتها المختلفة والمتعددة ، وتضع إرادتها وجميع أورواقها في سلّة الأمريكان ، حتماً سوف ننزوي وسوف تحاصرنا شباك الإملاءات والفروض وقرارات الطرف المعادي ، وبالتالي سوف نفتقد لحيوية التداول في القرارات المصيرية ، هنا نفتقد لحيوية ياسر عرفات ، ونتذكر تلك الأيام القاسية والشائكة التي أخرجنا منها أبو عمار راضين مرضيين .
لقد أجمعت الحركة الوطنية الفلسطينية على نهجه الوطني ، لأنه كان يمتلك القاعدة الراسخة للأرضية الوطنية الجامعة ، كان يتحسس بمشاعره الآمال والطموحات ومواقف عامة الفلسطينيين ، لأنه عاش مع أبناء شعبه في خطواته الأولى ، منذُ أن رفض التوطين والتعويض ، وجسد أمل العودة الى فلسطين باطلاق الثورة المسلحة ، فكان قادراً على استجماع شروط التآلف والوحدة الوطنية ، وبات في التاريخ المعاصر ، الرمز الوضاء ، ومبعث الأمل للاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم ، لأن قضيّة العودة كانت راسخة في وجدانه ، من أجلها ترك كامب ديفيد ، وسكن في مقره المتهالك في مقاطعة رام الله ، بين أهله وجنده ، وفضلَ أن يبقى مقاوماً للتعنت الصهيوني والجبروت الأمريكي ، وأن يلقى وجه ربّهِ شهيداً . ليبقى رمزاً خالداً ونبراساً باقياً للشعب الفلسطيني .
الفلسطينيون في مدينة القدس يترحمون ، هذه الأيام ، على ياسر عرفات الذي كان له أن يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل بيوتهم التي تسرق منهم في وضح النهار جهاراً . ولا أحدٌ من السلطة الفلسطينية ، أو من الفصائل الوطنية والإسلامية يحركُ ساكناً ، أو يبادر الى فعل ماديّ يلامس الأرض ! ماذا تفعل السلطة الفلسطينية اتجاه ما يحدث في القدس ؟ أين التعبئة الوطنية لقضية القدس ؟ أين التحرك على مستوى العالم الإسلامي والعربي . نعرف ، والكل يعلم أن القدس قضية العرب والمسلمين ، لكنّ الفلسطينيون هم أهل الرباط ، هم أهل البيت ! لا يمكن لهم الإتكال على الغير !
|