إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحكمة ُالعُظمى

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2015-10-19

إقرأ ايضاً


هذه القصيدة مهداة الى سماحة السيد حسن نصرالله القائد المثقَّف الراقي الذي تميّز بطهارة القلب ، وانفتاح العقل ، وسلامة النيّة ، والصدق في القول والفعل، وبعد النظلر في تقدير وتمحيص الأمور واستشراف مخططات العدوان والتصدي لها بثقافة مجتمعية راقية، فاستحق عن جدارة أن يكون معلّماً مثقفاً قائدا يوقظ بكلماته الوجدان الاجتماعي في بنات وابناء مجتمعنا في هذا الزمن الذي تفسخت فيه ذاتية أمتنا العامة بين انكماشات انانية مدمّرة ، وانفلاشات سرابية هائمة في فضاءات من الأوهام وأضغاث الاحلام ، فكان أهلاً للمحبة والتقدير وجزيل الاحترام ،لأن ثقافة الحياة التي تنهض بالأمم هي الثقافة التي تُخرج أبناء الأمة من الفوضى النفسية والبلبلة الفكرية، ولأن المثقفون النهضويون هم الطاهرون بالاصالة، والمعلمون بنور العقل ، والمُرسِّخون ثقافة الهُدى التي تسمو بالانسانية الى رحاب الإله الخالق فتنعدم مسافة المكان بين الارض والسماء ، وتزول فسحة الزمان بين الأزل والأبد .

" إن نشوء الأدب المستعار ولَّـد فوضى نفسية وبلبلة فكرية لامثيل لها ، إذ صار كل من تأثربمدرسة فكرية أواهتدى إلى بضعة كتب فرنسية أو إنكليزية أو روسية أو تركية يعد نفسه بالغاً ذروة الكمال،متفوقاً على أقرانه وعلى أبناء الأعصر الخوالي جديراً بأن يكون معلماً مثقفاً ".

"الثقافة هي مجمل العلوم والفلسفات التي تتناول الحياة وما له علاقة بها،وما يحصل من ذلك من مستوى عقلي ، واتجاهات فكرية ، واعتقادات مناقبية ، وادراك للشؤون النفسية والمادية ".

أنطون سعاده

الحكمة ُ الكُبرى تقولُ:تَـثَـقَّـفوا

فالمرءُ من غير الثقافةِ يتلـفُ

فإذا تأدَّبَ واسـتـزادَ ثقـافـة ً

فيهِ التأنسنُ باطّـرادٍ يـرهـفُ

ويصيرُ أكثرَ حكمة ً وتطلّعاً

لمقاصدٍ فوقَ التصوّرِ تهدفُ

فالغاية ُ العظمى لدى الإنسانِ ما

تـُخفي الغياهبُ بالبصيرة تُكْشفُ

إنَّ الثقافة َميزة ُ الإنسانِ مُجتمعاً

بما تعني الحضارة ُ تـوُصَـفُ

أبعادُها التـاريـخ ُ في آزالــه ِ

بشعاعِها نحوَ الألوهة ِ تلهـفُ

في صدرِأعماقِ الحقائقِ وهجُها

في كـلِّ نفـسٍ للسموِّ يُـرفـرفُ

ومع التألُـقِ قد تلألأ ضوؤهـا

أسرارَ أبعادِ التفوّقِ يَخطفُ

فيفـكّ ألغـازَ الـوجـودِ بثـورة ٍ

بعلـومِ تحسين ِ الحياةِ تُـصَنَّفُ

مغـناجة الألحـانِ في أنغـامها

ببهاءِ أنوارِ الألوهـةِ تـعـزفُ

***

مهيوبة الخطواتِ تمشي للعُـلى

بالناسِ تـرفـعُهـمْ ولا تـتأفـفُ

فِعلُ الثقافةِ مستمرٌ في الصعودِ

على التقـدّمِ والتفـوّقِ يُشــرفُ

ليزيدَ في سحرِ الحياةِ نضارة ً

فتبين أحلامُ الشعوبِ وتُـعْـرَفُ

منْ فاتـهُ نـورُ الثـقافـةِ خائـبٌ

من بحرِ أهوالِ التعاسةِ يغـرفُ

أيامُهُ ليلٌ يُعسعسُ في الدُجى

وجُهودُه وهمٌ يضيعُ ويُخسفُ

والفجرُ لا فجرٌ يُدغدغُ روحَه

مستهتـرٌ بحياتـهِ مُتعَـسِـفُ

حيرانَ في دنيا الوجودِ مُشَتَتٌ

باللهوِ يسلو ، بالضلالةِ يُسرفُ

يستوطنُ الإهمالُ في إدراكـهِ

لا حس يخفقُ في دِماهُ ويَهتفُ

***

فالموتُ في فـقـدِ الثقافةِ فاغـرٌ

والعمرُ من ثديِّ الثقافةِ يَرشفُ

لكنما التـثـقـيـفُ مَـرهـونٌ بما

يُغني الحياةَ بكلِ ما يُستلطفُ

بالحبِّ والفكرِ السليمِ وبالنزاهةِ

بـيـنَ أبنـاءِ الحيـاةِ ليـَشْـرُفـوا

فثقافـة ُ الأمـواتِ من ويلاتها

في الخاملينَ تَقهْقُـرٌ وتَخلُّـفُ

وثقافـة ُ الأحيـاءِ فعـلٌ مبدعٌ

بنـتـاجِ أروع ما يكـونُ تـُعَـرَّفُ

تستنهضُ الإنسانَ بالروحِ الأبيِّ ،

وبالأمانـةِ والأمـانِ تـُهـفهـفُ

فتـثور أشواقُ الترابِ الى الحياةِ

بكـلِّ ما حـوتِ الخـلـيـقـةُ تـقـذفُ

تستنبتُ النبتَ الكـريمَ فتنتشي

الأجيالُ من أثمارها وتـُرَهَّـفُ

***

وبخيـرِها التاريـخُ يـبـدأ شــاهـراً

فجرَ الحقائقِ،والحضارة ُ تُـؤْلَـفُ

يستهدفُ الواعونَ تحسينَ الوجودِ

لأنهم إلاَّ السموَّ لشعبهم لم يهدفـوا

تـنسابُ من رَحَـمِ الثـقـافـةِ ثـورةٌ

تُحييِّ وألحـانَ الفضائـلِ تعـزفُ

تُـوحي بأنغـامٍ تـفـرَّدَ عَـزفُـهـا

بشفاءِ أمراضِ النفوسِ وتُسْعِفُ

الشعـرُ بعضُ شعورِها وجمالها

ما ماتَ شـعـرٌ بالثـقافـةِ يَشـغـفُ

أو عاشَ عِـلـمٌ في الحـقيقة نافـعٌ

إنْ ظـلَّ في ليلِ البـداوةِ يَـرسـفُ

أو دامَ فــنٌ رائـعٌ مُـتَـألِـقٌ

أنْ هامَ في وهْـمِ التخلُّفِ يهـرفُ

أو خلـّدَ التاريخُ فكـرَمثـقّـفٍ

إنْ كان آياتِ الوئامِ يُحرِّفُ

***

لن يحفظ التاريخُ غيـر ثقافـةٍ

تبني الحياةَ وبالفضائلِ تشغفُ

وتُطـوِّرُ الإنسانَ حتى يـرتقي

ويطالُ أزهار الخلودِ ويقطفُ

معـنى الحـيـاةِ تَـطـوُّرٌ مُـتَجَـددٌ

في كلِّ ما تـُخفي الحياةُ وتكشفُ

فاذا التطـوُّرُ قـد تجـمَّـدَ فـعـلُـهُ

لا شيء ينفعُ أو يُفيـدُ تـفـلسفُ

يـا أيـها الأحيــاءُ من أبـنائـِنـا

طالَ الـرقـادُ وشعـبُـنا يَتـنـتـفُ

والمجـرمـونَ بحـقّـنا حُكَّـامُـنا

باعـوا البلادَ وبـيعُـنا لم يأنـفـوا

سَـدّوا المنافـذَ جلّها في وجهـنا

لا الأرضُ ترحمُ،لا سماءٌ تَرأفُ

الجبنُ يخنـقُ صوتَـنا ورجاءَنا

والـذلُّ تاريخَ التمـدّنِ يَـقـصفُ

***

والخوفُ يكبرُ في النفوسِ لأنَّها

صارتْ بألوانِ السفاسفِ تَشرُفُ

لـمْ يـبـق للأحـرارِ إلا نهـضة ٌ

بلهيـبها عَبثُ السُـدى يَـتوقـفُ

فالعمرُ يشرُفُ بالصراع ِ ونبلهِ

والى السعادةِ بالكرامةِ يَـزحـفُ

من شــاءَ تاريخَ النهوضِ فإنهُ

بالعزمِ أثمارَ البطـولةِ يَقـطـفُ

سرُّ الكرامةِ أن نثورَ بوعينا

وبعمـرِنا ومصيـرِنا نَتكـلَّـفُ

لا ينفعُ الانسانَ غـيـرُ ثقافـة ٍ

بصلاحِها كلَّ المفاسدِ نَـنسفُ

الحكمةُ الصُغرى تقولُ: تَعَمَّقـوا

وتَوَسَّعوا والى الصلاحِ تنافسوا

والحكمةُ الوسطى تقولُ:تعارفوا

وتفاهمـوا وتحاببـوا ، وتآلفـوا

***

والحكمة ُ الكُبرى تقولُ: تثقفـوا

وتـثقفـوا، وتـثقفـوا، وتـثقـفـوا

والحكمةُ العظمى تقولُ لمن وعى:

انَّ الثبات على التثقّف أشرفُ

وثقافـةُ الإنسانِ خـيـرُ وسيلـةٍ

تحيِّ الجمادَ فلا يموتُ ويُتلفُ

هيَ حِـكـمةُ اللهِ التي إلاَّ بـهـا

سرَّ الحياةِ ولغـزَها لا نعرفُ

هيَ زادُ من عشقَ الحياةَ جميلةً

وعلا بأجنحةِ الجمالِ يُرفرفُ

هيَ فَهْمُ تاريخِ الحضارةِ صاعداً

لا ينـثـني أبـداً ولا يـتـوقـفُ

من سوريا انبثقتْ ثقافاتُ الهُدى

ولسـوريا شـمسُ الحضارةِ تهتـفُ

وبسـوريا أفُـقُ التألُّق في الثقافة

يستمـرُ على الـروائعِ يُشرِفُ

***

هـذي رسالتُـنا التي بجمالِهـا

لغزَ السما والمُنتهى نستشرِفُ

إنَّ الحـيـاةَ ثـقـافـةٌ حيـويـةٌ

الاَّ بها الانسانُ لايتـشرفُ

والموتُ يعني أن يجفَّ وجودُنا

والى المزابلِ والمغاورِ نُجْرَفُ


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024