إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هكذا تكون فتاوي العلماء الصالحين فطوبى لمرجعية النجف الأشرف

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2014-06-18

إقرأ ايضاً


قيل قديماً ولا يزال يقال عند الخاصة والعامة ، وعند العقّـال والجّـهال ان " المؤمنُ لا يلدغُ من جحرٍ مرتين . والكثيرون من الناس يرددون هذا القول وكأنه حكمة الحكم ومنتهى الصواب . وربما كان هذا لأن العبارة قيلت ورُددت كعبارة نكرة مطلقة بحسب قواعد اللغة العربية ونحوها ، ولم تكن العبارة المذكورة مُعّرفة واضحة تفيد التعيين وعدم الإلتباس. ولسنا بحاجة الى توضيح الفرق بين النكرة والتعريف لتتضح الصورة بين أن نقول " قضية " أو قضية الحق "أو" قضية الباطل ". أو أن نقول : "عدو " أو " عدو أمتنا " . فكلمة مؤمن كلمة مبهمة نكرة غامضة يمكن أن تحتمل اكثر من معنى ولكن حين تُـعرّف تصبح واضحة وتؤدي الى معناها المقصود . فالمؤمن بالحق والعدل غير المؤمن بالباطل والظلم . والمؤمن بالمصلحة الاجتماعية العامة يختلف عن المؤمن بالمصلحة الفردية الخاصة . والمؤمن بالله ومحبة الناس ليس كالمؤمن بهواه وشهواته وكراهية الآخرين .

يقول السيد المسيح كما جاء في انجيل يوحنا : " كل من يعمل السيئات يبغض النور و لا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله . و اما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهراعماله انها بالله معمولة " . كلامٌ واضحٌ وفصيح أحببت أن أذكره في هذا المقال لأن من تنكر له ويتنكر ويقوم بعمل السيئات التي لا يريد أن تظهر للنور، ويبغض النور الذي يكشفها ويُظهره علىى حقيقته السيئة الشريرة هم الذين يدّعون نفاقاً أنهم من أتباع السيد المسيح،ويتبجحون رياءً انهم على هداه يسيرون ، ويُباهون تمويهاً أنهم بتعاليمه مؤمنون ولآياته يمارسون . أعني بذلك حكومات الغرب الاستعماري الظالم في الولايات المتحدة الأميركية وانكلترا وفرنسا التي تدّعي التمدن والرقي ببث كل انواع الشرور والسيئات والجرائم ، وتموه نفسها بألفاظ التمدن والحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الانسان . وما يجري في بلاد الشام والرافدين منذ زمن بعيد ليس الا عيِّنة من أعمال اولائك الذين يعيثون في الارض فساداً ، ويمتصون دماء الشعوب ، ويقومون بصلب السيد المسيح يومياً بل كل ساعة وكل دقيقة وكل ثانينة ، ويبغضون النور لكي لا تنكشف سيئاتهم ولا تنفضح جرائمهم وخاصة ما ما فعلوه وما ارتكبوه في بلاد الشام والرافدين من جرائم همجية وحشية لا تعبِّر الا عن نفسية رديئة وعقلية عفنه هي من ثمار الشجرة الخبيثة التي ورد ذكرها في القرآن الحكيم .

لقد أوضحت في مقال سابق أن العدوان انكشف ، مصدراً وعدواً ، واستراتيجية وأهدافاً ،وأساليب وأدوات ولم تعد تكفي وتنفع كل ألون التمويه والتغطية والأضاليل والأكاذيب على أخفاء المجرمين الذين يتقهقرون أمام طلائع بهاء الفجر وطلوع الشمس بخيوطها واشعتها التي تفضح المجرمين أمام ذوي العقول السليمة، والضمائر الحيّة ،والأنفس الجميلة . وقد ورد في المقال المذكور ما يستحسن العودة اليه وقراءته ودراسته بتمعن وجدية حيث قلت فيه :

مصدر العدوان وهدف العدوان

" لقد انكشف لي بشكل لا التباس فيه ولا حيرة ولا شك مصدر العدوان وغاية العدوان ، فكانت مقالاتي تحصره في مثلث تحالف ترأسه حكومة الولايات المتحدة الأميركية المتهودة المتحالفة مع منظمة الصهيونية اليهودية العالمية، ومنظمة محافل الماسونية اليهودية السرية. وهذا المثلث العدواني الذي يقود حكومتي فرنسا وانكلترا المشهورتين بعدائيتهما للشعوب الحرة ، له هدف واحد كان ولا يزال وسوف يستمر الى أجل تفككه وسقوطه ودماره هو هدف السيطرة والهيمنة على العالم، واستعباد شعوبه، والتمتع بخيراته. ولا منقذ للعالم من هذا العدوان الا بوعيّ حقيقة العدوان وتعميم ثقافة الدفاع عن حق شعوب العالم في الوجود ، والحق في الحياة الكريمة، والحق في تحقيق المصير الراقي العزيز . ومخطيء من يعتقد أن مصدر العدون انطلق من غير هذا المصدر ، أو أن المعتدي العدواني يمكن أن يعود الى رشده ويقبل بأن يكون شريكاً انسانياً في الحضارة الانسانية وبمتابعة النهوض بها وتنميتها وترقيتها بالتعاون مع الشعوب الأخرى .فليس في وجدان العدواني وقاموسه وعلمه وفنه وميوله ما هو أهم من العدوان ،وأولى من العدوان .كما ليس في وجدان الانسان الحضاري ما هو أولى وأفضل وأسمى من نشر الحضارة وترقية مستوى الانسانية ".

مساحيق التمويه لا تلغي القذارات

أما أدوات التمويه والألوان والأصباغ والأوساخ والمساحيق التي أخذوا يستعملونها بعد أن بدأت قذاراتهم وأنواع اجرامهم تنفضح أمام نور البصائر الحيَّة من أبناء بلادهم وابناء الشعوب الحرة ، فليست سوى دمى وجراثيم ومكروبات ومكبات قذارة ومزابل مموهة باسماء منظمات ذيلية مثل : " جامعة عربية ، واخوان مسلمين ، ومنظمة القاعدة ، ونصرة ، وداعش ، وحقوق الانسان ، وديمقراطية الى ما هنالك من من تنظيمات قراصنة وقطاع طرق ، وعصابات نهب وسلب وقتل وتخريب " وكل هذه التنظيمات ليست الا اصباغاً لتمويه حقيقة تلك الحكومات ذات الطبيعة العدوانية الخبيثة التي لم تستطع يوماً في تاريخها أن تكون فاضلة في تعاملها مع الشعوب الضعيفة الفقيرة المظلومة .

أليست هذه هي الحقيقة الناصعة التي وردت في الانجيل البشير التي تقول : ان كل من يعمل السيئات يبغض النور لئلا ينفضح ، وان كل من يفعل الحق يُقبل الى النور لكي تظهر أعماله ؟

البذرة الطيّبة والبذرة الخبيثة

أليست هي الحقيقة نفسها التي ذكرها القرآن الحكيم حين تكلم عن الشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة بقوله في سورة ابراهيم : " ألم تَـرَ كيف ضرب اللهُ مثلاً كلمة طيبة كشجرةٍ طيّبة أصلها ثابتٌ وفرعُها في السماء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا. وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ" ؟. أيعقل وجود ثمر طيّب من دون شجرة طيّبة أو وجود شجرة طيبة من غير بذرةٍ طيبة ؟ أيصح ان ينتج ثمرٌ خبيث الا من شجرة خبيثة أو أن تنبت شجرةٌ خبيثة الا من بذرة خبيثة ؟ الطيبة في الانسان طبيعة ، والخبث في الانسان ايضاً طبيعة . والنور الذي أشار اليه السيد المسيح يكشف الطيبة،ويفضح الخبث وشتان شتان ما بين الطيبة والخبث . ولذلك يُحبُ الصالحون النور لتظهر أعمالهم الصالحة ، ويبغض الفاسدون النور ليخفوا مفاسدهم .

الطبع اصالة والتطبع زيف

يقول العالم الاجتماعي الفيلسوف أنطون سعاده في محاضرته الأولى التي ألقاه في الندوة الثقافية بتاريخ 07 كانون الثاني 1948: " اذا كنا بطبيعتنا أشراراً فلا يوجد قواعد تُغيِّر هذا الطبع ،وحين لا يوجد للحق والخير والجمال ضمانٌ من أنفسنا ، فلا يمكن كل مفكري العالم انقاذها من طبيعتنا . نحن نؤمن بأنفسنا قبل كل شيء ، بحقيقتنا الجميلة الخيِّرة القوية . نحن جماعة مؤمنة بحقيقتها وطبيعتها واساسها ، مؤمنة بأنه لا يمكن أن يكون في حقيقتها وطبيعتها الا الحق والخير والجمال ".وطبيعة الحق والخير والجمال لا يمكنها ان تنتج الا ما هو أحق وما هو أخير وما هو أجمل . أما طبيعة الباطل والشر والقبح فليس بمقدورها ان تُنتج الا الأشد بطلاً والأفظع شراً والأكثر بشاعة .

وفي هذا الوضوح يتضح لنا معنى المحبة التي مارسها السيد المسيح ودعا اليها ، ومضمون الرحمة التي مارسها النبيّ محمد ودعا الناس الي ممارستها . فالمحبة التي لا تحب النور وتبغض الظلام ليست المحبة التي اردها السيد المسيح. والرحمة التي لا تعشق النور وتكره الظلمات ليست الرحمة التي دعا اليها النبي محمد . والسماح الذي قال به السيد المسيح ان لم يكن بعد الاعتراف بالخطيئة وتوبة المجرم هو مشاركة في الجريمة، بل هو أفظع من الجريمة . والعفوّ الذي دعا القرآن اليه ان لم يكن بعد الاعتراف بالذنب والتراجع عن الفاحشة وطلب الغفران هوأعظم من الفحشاء والمُنكر.وكم كان حكيماً ومصيباً الشاعر الحكيم المنسي بوبليو السوري المولود في العام 85 قبل الميلاد الذي اختطفه واسره الجيش الروماني في انطاكية وهو ابن الثانية عشر من العمر وأخذوه الى روما حين قال : " القاضي الذي يسامح المجرم على تماديه في جرمه هو المجرم الأكبر " . فطبيعة الحق والخير والجمال التي تهادن طبيعة الباطل والشر والبشاعة هي أخطر من طبيعة الباطل والشر والبشاعة .

التعيين أساس الوضوح

فحتى يستقيم القول المتقدم " المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين " علينا أن نعيِّن أي مؤمن نعني . المؤمن الواعي أم المؤمن الجاهل ؟ صحيح ان الذي يَـلدغ بخبثه وشره هو صاحب الطبيعة الشريرة الخبيثة ، وأن الذي يُـلدغ اي الملدوغ هو صاحب الطبيعة الخيِّرة التي لا تُـنتج ولا تُعطي الا الخير ، ولكن الأخيار الذين يُلدغون من قبل الأشرار ولا يتعظون ويضعون حداً لشر الأشرار هم الأغبياء الذين يسقطون غير مأسوف عليهم لأنهم تنازلوا عن طبيعتهم الخيِّرة وتخلوا عن حريتهم واستقلالهم الروحي في ابراز طبيعتهم ، واستجبنوا وخافوا فحق فيهم قول سعاده : " من لا ينهض لنيل الحرّية خوفًا على حياته خسر الحرّية والحياة معًا "

الذي لا يتعظ من الويلات أحرى به أن يُدفن حيَّـاً

من المؤسف أن بعد كل الذي حصل من أصحاب طبيعة الشر بحق أخيار الشعوب بوجه عام وبحق أمتنا نحن بشكل خاص لا نزال نرى الكثيرين من الادباء والمفكرين والباحثين والمحللين والسياسيين يغرقون في فنجان من الأخبار والتمويهات والدعايات التي تصدر عن بعض المرائين والمنافقين والاعلاميين من أصحاب الطبيعة الفاسدة ، وتنطلي عليهم الدعايات والتلفيقات ، ويصدقون اكاذيب الاعداء ويروجون لها من مثل أن حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وانكلترا متخوفون من عودة الارهابيين الى بلادهم ، أو أن تلك الحكومات الاستعمارية صادقة في دعمها للحكومة العراقية في حربها ضد المجرمين التكفيريين . أو أن تلك الحكومات مخلصة في بحثها عن حل لما يسمى بالازمة السورية التي هي في الحقيقة حرب وجود غايتها الاساسية والصحيحة هي القضاء على كل ما هو شامي سوري ولبناني وعراقي واردني وكويتي من أجل انشاء أمة جديدة على هذه الأرض هي "أمة اسرائيل" على أساس الثقافة اليهودية والكنيس اليهودي الصهيوني الذي هو افراز طبيعة الباطل التي لا تقيم وزنا لأي حقٍ وخيرٍ وعدل . الحكومات الاستعمارية هي التي درّبت التنظيمات والفصائل الاجرامية وارسلتها الى الجمهورية العربية السورية وتتعهدها تدريباً وتوجيهاً وتمويلاً وحمايةً ذهابا واياباً لقتل الناس في بلاد الشام ،وتخريب المعالم الحضارية والمرافق العامة والخاصة لتفريغها من سكانها كما هي قامت سابقاً بغزو بلاد الرافدين من أجل تأمين الارضية والبيئة الصالحة للتنظيمات والفصائل الاجرامية لاجتثاث الانسان من بلاد الرافدين وافراغ تلك البلاد من سكانها أيضاً لتنفيذ مشروعها التفتيتي التخريبي لصالح الكيان اليهودي العدواني الاجرامي . وما فعلوه على أرض فلسطين وفي لبنان خير شاهد ودليل على الطبيعة العدوانية الشريرة الاجرامية . ولولا تعثر مشروعها في بلاد الرافدين لما لجأت الى الخبث والخداع والتمويه والادعاء بانها تريد مساعدة حكومة العراق ضد ارهاب عصابات التكفير وهي التي أنشأتهم ومولتهم وحمتهم وتساعدهم في كل المجالات لتنفيذ خطط اجرامها . أيُصدّق عاقل ان حكومة الولايات المتحدة التي أنشات تلك العصابة صادقة في محاربتها لها وهي التي توفر لها كل الغطاءات السياسية والاعلامية والدعائية والتسليحية والتموينية والأمنية ؟ أن ما حصل في الموصل وكركوك ومحافظة نينوى ليس الا الجزء الصغير من مخططات الولايات المتحدة التي تريد تنفيذها في بلاد الرافدين . كم من المرات على مدى عشرات ومئات السنين لُـدغت أمتنا من المجرمين ؟ ألم يحن الوقت ان نستيقظ من غفوتنا ؟ ألا يتوجب علينا أن نعي ونسعى الى معرفة أصدقائنا ومعرفة أعدائنا فنوطد علاقاتنا الطيبة مع الأصدقاء ونعمل لتجنب أذى الأعداء ولا نأمن لهم أبداً ؟ ألم نقتنع أن المؤمن الجاهل يعيش مخدوعا وملدوغاً مدى حياته ؟ ألم نفهم ان الواعي المؤمن هو الذي لا يُلدغ أبداً ، بل هو كالنور لا يقرب منه الظلام ؟

عوامل خراب الأمم

لقد ثبت بالاحداث اليومية أن وراء كل ما يجري في بلادنا من خراب نفسي ودمار مادي يوجد عاملان اساسيان لا مهرب لنا من مواجهتما بكل ما نملك من قدرات روحية ومادية : العامل الأول والأخطر هو الرغبات الشخصية والأهواء الأنانية . والعامل الثاني هو المطامع الخارجية العدوانية التي تريد الفتك بنا والقضاء علينا . فان لم نتنبه بما فيه الكفاية الى هذين الخطرين الوجوديين القاتلين ، فلا يمكن أن تقوم لنا قائمة ولن يكون لنا الا مصير الأيتام على موائد اللئام . أما اذا استطعنا أن نعرف من نحن في بلادنا بلاد الشام والرافدين وعملنا على تعيين اتجاهاً سليماً يسير عليه أبناء أمتنا بحيث يدركون حقيقتهم وأهدافهم ومصالحهم في الحياة ، فاننا نكون قد حسمنا انتصارنا في داخل مجتمعنا ، وحسمنا أيضاً معركة انتصارنا في تصدينا لكل الأعداء الطامعين . من الغباء أن نصدّق أن أعداءنا يمكن أن يقدموا لنا العون او أن يريدوا بنا خيراً . فمن يطلب من أصحاب النفوس الحاقدة خيراً ومن أصحاب القلوب الحاقدة رحمة هو واهمٌ واهمٌ واهم

مصدر الشر والاجرام

ان مصدر تنظيمات الارهاب الاجرامي في فلسطين ولبنان والعراق والشام وجميع أقطار العالم العربي هو واحد، والغاية من هذا الاجرام هي القضاء على انسانية الانسان في هذه المنطقة من العالم بترويضه وتدجينه روحاً وهيكلاً وتحويله الى قطعان يسوقها كيفما يشاء ، ويستخدمها كما يشتهي ، ويرميها في مكبات النفايات عنما يرى انها لم تعد تفيده بشيء . هذه هي الحقيقة يا بني وطني يا أصحاب الطبيعة الخيِّرة . وهذا كل ما يريده أصحاب طبيعة الشر لانساننا وحضارتنا ومدنيتنا وتاريخنا . وبين طبيعة الشر وطبيعة الخير حرب وجود ، ولا ينتصر الشر في هذه الحرب الا عندما ينطفيء الخير ويندثر في نفوس أبناء طبيعة الخير . ان بذرة الخير تنبت في الأرض الصالحة ، وتنمو في الجو المناسب ، وتورق وتزهر وتُـثمر بعناية أبناء الخير والصلاح . أما بذرة الشر فلا تنبت الا في بؤرة الجراثيم ، ولا تنمو الا بهياج الأوبئة ، ولا يشتد جذعها وتتكاثر فروعها وأثمارها الا في الظلمات حيث ينحسر نور الخير وتنطفيء قناديله . ان معاهدة سايكس- بيكو التي فتت مجتمع الهلال السوري الخصيب في بلاد الرافدين والشام ما كانت لتحدث لولا هيمنة رياح الجهالة والغباوة على ابناء هذه البلاد الأخيار بطبيعتهم ، والطيّبين بسجيتهم ، ولكنهم كانوا في ذلك الزمان ساذجين بتصديقهم لوعود أبناء السفالة والنفاق . مما جعلهم عرضةً لرياح السموم ، وغبار الجهالات فتراكمت فوق عقول ضعفاء النفوس منهم أطباقٌ كثيفة من الأباطيل والتشوهات حتى التحقوا بأسراب الخونة والعملاء والمأجورين والجبناء وصاروا يبوقون بكل ما يجعلهم صغاراً أمام أنفسهم وأمام الآخرين ، ويروجون لكل ما يعود بالخراب على وطنهم وعليهم ، ويفتون بكل ما يجعلهم مسوخاً وأقزاماً مشوهين حتى صارت الفتاوي التي تصدر عنهم أكواما وجبالاً من الأوساخ والقذارات والنجاسات .

الكيان اليهودي الصهيوني بذرة الشر

لقد زرع المجرمون الكيان اليهودي الصهيوني في قلب أمتنا بذرة شرٍ وخبثٍ ووباء ليكون قاعدة لزراعة مشتل الأوبئة القاتلة بهدف توزيعها على بلاد العالم وتخريبها بحيث تعود الانسانية الى بدائية القرون الغابرة البائدة ، واطفاء نور الحضارة، والرجوع الى عفن عهود ظلمات الكهوف . ولا يكون ذلك ممكناً لشذاذ الآفاق الا اذا تخاذلنا وفضلنا القعود والخمول والجبن على الانطلاق والنهوض والصراع والبطولة الممارسة لقيم الحق والخيروالفضيلة وكرامة الأخيار الصالحين . ان من يطمئن لوعود وتعهدات حكومات البغيّ والغطرسة والطغيان وسجايا طبيعة الباطل والظلم لن يجني سوى الخيبة والفشل والخسران، وسيجد نفسه عاجلاً أو آجلاً من غيران يدري بين أنياب الوحوش المفترسة التي لا تعرف طبيعتها لا رأفة ولا رحمة ولا شيء من ضمير . لقد مزَّقوا أمتنا في معاهداتهم حصصاً وقطاعات. اتنيات وطوائف.عقارات ودساكر. تجمعات وقطعانا نتيجة سذاجاتنا وغباواتنا وجهالاتنا وأمراضنا الأنانية والشخصية والخصوصية حتى أتى اليوم الذي أفتوا فيه وقرروا اقامة دولة التخلف الروحي،والشذوذ الاخلاقي ، والبهتان النفسي ، والتشوّه الانساني ، والانحطاط الحضاري، واعادوا توحيد بلادنا تحت اسم " داعش " أي الدولة الاسلامية لبلاد العراق والشام لتكون البيئة المناسبة لتفقيس بيوض التكفير ، وانتاج بذور الفتن ، وتسويق تجارة الاجرام والموبقات وفواحش الأفكار .

نـداء التاريخ

فيا أبناء بلاد الرافدين والشام استيقظوا من غفوتكم ، وتنبهوا الى الأخطار المحدّقة بكم . مصيركم يتوقف على سلامة وعيكم ، وصلابة ايمانكم بحقيقتكم ، وقوة ارادتكم التي حين تفعل تحقق فَـرَجَكم، وتصنع نصركم ،وتجعل منكم سادة بين الأمم لا عبيدا ، وطلائع لا أذيالا ، وأبطالاً منتصرين لا جبناء مقهورين .

لقد بدأ تاريخ مدنية البشر بأمتكم ، ونما وتطور بابداعاتها ، وعار على من افتتح تاريخ المدنية وطوَّر ابداعاتها أن يتخلف عن الناهضين ، ويسير ذليلاً خلف المجرمين .

التاريخ ينادي يا أبناء دمشق وبغداد وبيروت وعمان والقدس فاسمعوا نداء التاريخ يناديكم بلسان أحد عباقرة أمتنا الذي أطلقه في 16 تشرين الثاني 1936 العالم الفيلسوف أنطون سعاده رداً على ويلات معاهد سايكس بيكو الاستعمارية العدوانية المجرمة :"ان التضحية بالرغبات الشخصية هي الطريق لضمان وحدة اتجاه النهضة القومية الاجتماعية وانتصارها. وأنه أيسر أن تزول الأرض وتعود فتوجد من أن تنهض أمة على الرغبات الخصوصية .

إنّ كرامة الأمّة وسلامة الوطن قد أصبحتا في خطر ليس لهما ضمان سوى موقفكم وعملكم ، فعليكم أن تعملوا بما عُرفتم به من عقيدة راسخة، وتجرّد صادق، ووطنية لا غبار ولا شبهة عليها ، فاعملوا لتغلّب الوطنية على الطائفية، ولانتصار النهضة القومية الا جتماعية على الحركات الرجعية.

كونوا جنودًا لتحاربوا التجزئة والانقسام الداخليين . كونوا سدًّا منيعًا ضدّ الدعوة إلى بعث النعرات الهدّامة . أوصوا كلّ من تجتمعون بهم أن لا يكونوا آلة في يد رجال يستثمرون الشعب في سبيل منافعهم، هؤلاء الّذين اتّخذوا الرعونة نظامًا لهم، والمنفعة الشخصية دستورًا ."

ان أعظم عبر التاريخ هي ان : " كل أمة أو دولة ، اذا لم يكن لها ضمان من نفسها ، من قوتها هي ، فلا ضمان لها في الحياة على الاطلاق ".

فتوى مرجعية النجف الأشرف أيقظت الغافلين

فشكراً لك أيها المرجع الكبير في النجف الأشرف العلامة الجليل السيد على السستاني على فتوى الحق الروحي ، والعدل الالهي ، والعز القومي الاجتماعي المعبّر عن ارادة أبناء قومنا الأحرار وبنات مجتمعنا الحرائر . لقد انعشت بفتواك النفوس العزيزة وبلسمت جراحات الأكارم، وأيقظت أرواح الشهداء وأسعدتهم بفتوى تحريك طاقات الأمة للتصدي للعملاء والخونة والمأجورين في داخل مجتمعنا، والتصدي لأسيادهم المحركين والممولين والمسلحين والمبوقين والداعمين أفراداً ومنظمات وحكومات ودولاً تشرِّع الشر والاعتداء والاجرام .

أملنا كبير أن تحذو حذوك جميع المرجعيات الروحية والدنيوية في بلادنا ، وأمنيتنا الكبرى ان تتفق جميع مرجعيات أمتنا الحضارية على أصدار الفتوى الكبرى بألغاء معاهدة سايكس – بيكو التي جزأت أمتنا ووطننا الى كيانات متناحرة وطوائف متنابذة لتعود لأمتنا وحدة روحيتها ، ووحدة عقليتها ، ووحدة نفسيتها، ووحدة كيانها وجوداً وحياةً ومصيرا فتخرج أمتنا من قبر التاريخ وتُـبعث من جديد أمة ً معلمة وهادية للأمم وقائدة لقوات التجدد الانساني الحضاري الاخلاقي الصاعدة من الأرض الى السماء فيستقيم بذلك قولنا ويتوضح ليصبح : المؤمن الواعي الصادق العزيز الذي خلقه الله في أحسن تقويم ، ووهبه العقل الرشيد لا يُـلدغ من جحر مرتين .

لك الشكر والحب والاحترام والتحية ، ودمتَ علماً من أعلام الايمان بالله العظيم ، وسلمتَ عالماً متألقاً من علماء أمتنا الرافعين لواء الحق والعدل ، وطوبى لك في فتواك المنيرة والمشعة بنور الهُدى والأمل والعز لتكتب أمتنا عهداً راقياً جديداً،وتصنع بنفسها زمنها البهي الجديد

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024