إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

احـد مناضلـي الحزب الافــــذاذ الرفيـق نقــولا حـلاق

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-02-17

إقرأ ايضاً


وافت المنية مؤخراً في بوسطن، وبعد صراع طويل مع الداء، الرفيقة مادلين عكاوي، التي كان لها حضورها الحزبي النضالي الى جانب زوجها الرفيق الراحل نقولا حلاق.

هذه النبذة عن الرفيق نقولا كنتُ اعددتها منذ فترة، لاعممها بعد حين، الا ان وصول نبأ رحيل الرفيقة مادلين، جعلني اعجّل في نشرها، مع بعض التعديلات والاضافات.

*

كانا توأم صداقة ونضال. فما كنت تسأل عن الاول الا تجده مع الثاني. كلاهما من سورية الجنوبية. منها نزحا. ومعاً وجدا في الحزب قضية تساوي وجودهما. انتميا. ناضلا. توليا مسؤوليات. قاتلا في حوادث العام 1958. شاركا في الثورة الانقلابية. حكم عليهما بالسجن. خرجا بعد اربعة سنوات، واستمرا في النضال.

- الاول، الرفيق نقولا حلاق، غادر الى الامارات العربية فبوسطن متولياً المسؤوليات الحزبية في كل منهما.

- التوأم الآخر، الرفيق الياس الشيتي، استشهد في جسر الباشا، في السنوات الاولى من الحرب المجنونة. عنه سنحكي لاحقاً في عداد شهداء الحزب في السنوات 1975 - 1990 .

*

عرفتُ الرفيق نقولا منذ العام 1959، من اصفى وانقى الرفقاء. مناضلاً حقيقياً. قومياً حقيقياً. كما عرفتُ عقيلته الرفيقة مادلين عكاوي وشقيقها الرفيق وليد(1)، شقيقته الفاضلة ميليا عقيلة الوطني، المشعّ بالأخلاق، انيس عوض، وعرفت اولادهما: السيدة ماري اسعد نصر، المواطنين طوني، والمرحوم جورج، الرفيقين الياس وعصام.

كذلك عرفت شقيقته الفاضلة نيللي، والدة الرفيقين سهيل وسمير حبايب، وسامية عقيلة الامين ميشال الخوري.

الى كل العائلة شدّتني اواصر من المحبة والمودة والثقة والارتياح.

وكان طبيعياً ان يكون الرفيق نقولا احد المجلّين في هذا "التجمع العائلي"، له حضوره، متمتعاً بمحبتهم وثقتهم وتقديرهم لنضاله الحزبي الذي لم يتوقف.

*

من الصعب ان نُحصي المسؤوليات والمهام الحزبية الكثيرة التي تولاها او قام بها الرفيق نقولا، بدءاً من عكا وصولاً الى الحدث المجاورة لبيروت. او ان نغطي كامل سيرته الشخصية، ومسيرته الحزبية النضالية وقد كان مجلّياً في كل المسؤوليات التي تولاها وفي كل الامكنة التي تواجد فيها. عُرف عنه صدقه، صراحته، استقامته، ايمانه الفذ بالحزب، وتفانيه.

نحن نسعى في النبذات التي نعممها ان نضيء، بما توفر لنا من معلومات، على الرفقاء والرفيقات الذين كان لهم حضورهم، على امل ان يكتب غيرنا ايضاً فيضيفون من عندهم ما يُغني تلك النبذات.

*

- ولد الرفيق نقولا يعقوب حلاق في 23/11/1920 في مدينة عكا (سورية الجنوبية)، انما عاش

طفولته في منطقة طبريا وفيها، حدثاً عمل في المحكمة، ثم في "سكة الحديد" عندما انتقل الى حيفا، ومنها الى عكا حيث تولى إدارة تعاونية الجيش البريطاني في منطقة الجليل، مستمراً في عمله الى ان اضطر الى مغادرة فلسطين.

- والدته: نديمة بردويل.

- اقترن بالرفيقة مادلين شمس عكاوي، من مدينة حيفا، بتاريخ 26/07/1946.

- عام 1948 التحق بصفوف الحرس الوطني في معركة الدفاع عن فلسطين، وكان فاعلاً في تنظيم بعض الشبان وتسليحهم بما تيسّر من اجل حراسة بعض المنشآت الحيوية، خاصة المائية منها، تحسباً من قيام العصابات اليهودية الى تسميمها.

- يروي صهره السيد انيس عوض: " ان الرفيق نقولا كان ممثلاً بارعاً(2)، بل من ابرع الممثلين في عكا.

قام بتمثيل مسرحيات للاديب القومي الاجتماعي سعيد تقي الدين، وغيرها من مسرحيات على خشبة مسرح النادي الارثوذكسي منها للمواطن الصديق انيس عوض.

منذ نشأته كان يتمتع بنفسية ثورية. آزر ثورة عمر المختار في ليبيا. حرب الحبشة ضد الاستعمار الايطالي، وعندما بلغ سن المراهقة انضم الى المظاهرات المندلعة ضد الوجود البريطاني في فلسطين.

عند سقوط عكا، وكان رزق بأبنه البكر، يعقوب، ارسل عائلته الى منطقة جزين في لبنان، مستمراً مع الحرس الوطني في واجب التصدي للعصابات اليهودية رغم ان الامكانيات كانت ضئيلة، اسلحة وغذاء وادوية.

- بسبب تفشي مرض التيفوئيد على اثر قيام العصابات بتلويث مياه عكا، وغيرها، التحق بعائلته في جزين، وسرعان ما انتقل الى الحدث التي فيها تعرّف الى القوميين الاجتماعيين، وقد كانت لهم اليد الطولى في استقبال النازحين من الجنوب السوري ورعايتهم. اخصّهم الرفقاء داود برباري، عادل الشويري، رجا نصرالله، اميل وبترو الحاج، صموئيل برباري وغيرهم.

من الحدث غادر الى حمص، موظفاً في شركة نفط العراق .

- عام 1949 وقد هزّه استشهاد سعاده، انتمى الى الحزب في منفذية حمص على يد الامين الياس جرجي قنيزح، وبحضور الرفيقين مصطفى سليمان(3) وسري الحلبي، ولاحقاً تولى فيها مسؤولية ناظر اذاعة، وفي حمص ايضاً تولّت الرفيقة مادلين مسؤولية مديرة مديرية السيدات.

- اثر اغتيال العقيد عدنان المالكي، انتقل سيراً على الاقدام الى الحدود اللبنانية وكان في استقباله الرفيق مشهور دندش ورفقاء آخرون. تروي الرفيقة مادلين في رسالة لها بتاريخ 25/10/2000:

" في اليوم التالي من وصول الرفيق نقولا الى لبنان، توجهت الى الامن العام في حمص لأحصل على تصريح للسفر مع اولادي. دخلت الى مكتب مدير الامن العام الرفيق محمد شمنق(4). اخذ اوراقي وفوراً اغلق باب المكتب علي وذهب لينهي المعاملة. واذ عاد وسلمني الاوراق، طلب إليّ ان اتوجه فوراً الى الكاراج، فاستقلُ سيارة تاكسي واذهب فوراً الى بيروت. قال لي الا التفت الى الوراء "فسأمشي وراءك كي أؤمن لكِ اجتياز الحدود".

- استقر الرفيق نقولا وعائلته في بلدة الحدث - بيروت، متولياً مسؤولية مدير مديريتها.

- في اوائل الخمسينات، عين منفذاً عاماً لمنفذية الساحل الجنوبي.

بعد حلّ المنفذية والحاقها بمنفذية الغرب، تولى مسؤولية ناظر الاذاعة فيها، فمنفذاً عاماً(5).

- شارك في الثورة الانقلابية وصدر عليه الحكم لمدة اربع سنوات.

- بعد خروجه من السجن، اضطر للبقاء في لبنان بسبب حجب جواز السفر عنه، حتى العام 1968 فغادر الى ابو ظبي، مديراً في شركة البير ابيلا، ومتولياً مسؤولية مدير مديرية الحزب لمدة سبع سنوات، ثم استقال من شركة ابيلا ليؤسس معمل اجبان والبان في الشارقة.

- عام 1980 غادر الى الولايات المتحدة بطلب من الحزب، فتابع نشاطه الحزبي متولياً مسؤولية ناموس منفذية الشرق الاميركي، الى جانب المنفذ العام الرفيق صفا رفقه.

- منحه الحزب وسام الواجب بتاريخ 16 كانون اول 1989.

*

لمحة من نضال عنيد


تروي الرفيقة مادلين في رسالتها المشار إليها آنفاً، انها، بعد ان توارى الرفيق نقولا في احد البيوت بعد حصول الثورة الانقلابية، "بقيتُ مع اطفالي الثلاثة (يعقوب، جورج وهنيبعل) وجدّتهم العجوز، نتعرّض لتصرفات بشعة من عناصر من الجيش التي كانت لا تتوقف عن الحضور الى منزلنا في اي ساعة من النهار او الليل، فيفتشون البيت من الداخل الى الخارج، والجنينة وقفص الدجاج، وينبشون الارض".

" وفي كل مرة كانوا يقودونني الى السجن للاستجواب فأقضي عدّة ايام قبل ان يفرجوا عني لأعود الى اطفالي "

" عندما علم الرفيق نقولا بما يحصل لنا، رفض ان يبقى متوارياً، فسلّم نفسه.

" لم نعد نراه الا بعد ان بدأت جلسات المحاكمة بعد اربعة اشهر. كان لا يزال يعرج من شدّة ما تعرّض له من جلد".

تضيف انه ذات يوم، " طوّق عدد كبير من افراد الجيش بيتي، ليسوقوني الى سجن بعبدا. لم يأخذوني بسيارة بل سيراً على الاقدام، وعندما وصلنا الى ساحة البلدة، وجدت رفيقاتي(6) ورفقائي ينتظرون، فساقونا سيراً على الاقدام ايضاً من ساحة الحدث الى سجن بعبدا "بهدف اذلالنا". الا اننا كنا طوال الطريق ننشد ونهتف "لابناء الحياة "، والناس من حولنا، في ذهول" .

اما عن زياراتها للرفيق نقولا في السجن، فكان عليها في كل مرة ان تتوّجه الى وزارة الدفاع للحصول على تصريح للزيارة :"كنت أجرّ اطفالي ورائي".

عندما اتصلت بها منفذية الغرب لتقديم المساعدة المالية لها، اعتذرت: "هناك عائلات محتاجة اكثر مني".

فهي، الى رسم اللوحات الفنية، راحت ترسم لوحات من تراثنا، اضافة الى اشغال يدوية وحرفية اخرى، وكان الرفقاء والاصدقاء يشترون من اعمالها، ويساعدون في بيعها.

حكت لنا احدى المواطنات، جارتنا حالياً في السكن، وكان منزل عائلتها مجاوراً لمنزل الرفيق نقولا حلاق في الحدث، كم قاست الرفيقة مادلين الا انها تمكنت بفضل شخصيتها وفولاذية ايمانها بالحزب ان تواجه تلك المرحلة الصعبة جداً. قالت: "رحنا نشتري من لوحاتها وأعمالها الجميلة، ونساهم في بيعها. كان بيتها بيتاً لنا. كنتُ ارافقها الى السجن لزيارة "عمو نقولا " الذي احببته مذ التقيته، وتسلّمت منه قطعة من الشوكولا. كم كانت شخصيته آسرة، محب، وحديثه ممتع ".

*

افادنا الرفيق ايلي ستيليو(7) انه فيما كان يسير الى جانب الرفيق نقولا حلاق في ثكنة هنري شهاب، عند اعتقالهما اثر الثورة الانقلابية. راح ينشد والقيد الحديدي يشدّ ساعده الى ساعد الرفيق نقولا.

جندي يقترب وينهال عليهما بالسوط. الرفيق نقولا يهز الرفيق ستيليو صارخاً: كفّي.. كفّي.. والسياط تنهال.

*

الرفقاء في بوسطن يكرّمون الرفيق حلاق

تحت هذا العنوان قالت مجلة "البناء-صباح الخير" في عددها بتاريخ 03/03/1990:

" أقام السوريون القوميون الاجتماعيون في بوسطن مأدبة غداء تكريماً للرفيق نقولا حلاق بمناسبة منحه "وسام الواجب"، نتيجة عمله الحزبي الذي استمر وما زال على مدى اربعين عاماً.

حضر المأدبة في فندق "الهوليداي إن" حوالي مائة شخص في جو قومي اجتماعي هاديء وجميل، وقد افتتح اللقاء الرفيق جهاد برباري بنشيد الحزب الرسمي، ثم قدم الرفيق جورج جريج، الرفيق الدكتور صفا رفقه الذي تناول في كلمته الوضع الحاضر للأمة مركّزاً على جملة من المفاصل الهامة في تاريخها، كما تكلم عن الرفيق المكرّم عارضاً لسيرته الشخصية والحزبية المتميّزة بالنضال المستمر"

اما السيدة فريـال (لم تورد المجلة اسمها الكامل) فقد قدمت عرضاً مصوراً لما حققه الرفيق نقولا حلاق بدءاً من ولادته وطفولته في مدينة عكا – فلسطين المحتلة، مروراً بإلتحاقه بصفوف الحرس الوطني عام 1948 للدفاع عن فلسطين، وكيف اهتز وجدانه عام 1949 إثر جريمة إغتيال الزعيم حيث انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي.. ولتاريخه لا تزال الجذوة النضالية تتقد في عقله ووجدانه..

ويقلّدون الرفيقة مادلين وسام الواجب

كانت الرفيقة مادلين عكاوي حلاق قد منحت وسام الواجب بتاريخ 05/03/1999 ، بموجب مرسوم رئاسة الحزب رقم 94/67، وقد اقيم لها حفل تكريم مناسب في بوسطن، تقلّدت فيه الوسام كما يبدو في الصورة اعلاه.

*

وفاته

وافت المنية الرفيق نقولا حلاق يوم الخميس 17/05/1990 بعد معاناة مع داء السرطان، فجرى له يوم السبت 19 ايار مأتم مهيب، شارك فيه رفقاؤه القوميون الاجتماعيون من مختلف مناطق الشرق الاميركي،الى العدد الوفير من الاصدقاء، وممثلين عن بعض الاندية السورية في الولايات المتحدة.

يقول الرفيق سهام عكر في تقريره الى مجلة "البناء - صباح الخير" بتاريخ 23/05/1990:

" الساعة الحادية عشر ظهراً، وقف الرفقاء والرفيقات صفوفاً نظامية على جانبي الطريق وهم يؤدون التحية الحزبية فيما كانت الرفيقة مادلين تتقدم مع اولادها الى امام النعش. بعدها تقدم الكاهن واقام مراسم الدفن.

في تلك اللحظة اُخذت التحية مرة ثانية بينما كان رئيس النادي السوري في بوسطن الرفيق جورج جريج يتقدم من النعش ويضع عليه علم النهضة المصنوع من القرنفل الاحمر.

بعد الدفن توجه الجميع الى قاعة كنيسة مار جرجس السورية حيث تكلّم كل من رئيس النادي الرفيق جورج جريج، والرفيق نبيه عوده.

*

عندما بلغني نبأ رحيل الرفيقة مادلين، التي عرفتها منذ ستينات القرن الماضي وواكبت نضالها وحضورها الحزبيين، وكنت اكنّ لها، كما للرفيق نقولا حلاق، الكثير من المودة والارتياح، وجهت الى ابنها الرفيق جورج رسالة التعزية التالية:

" الحبيب جورج

كنت اتابع وضع الرفيقة الرائعة مادلين كلما التقيت بالرفيق الياس عوض، ومراراً تحدثت عن سيرتها النضالية مع الرفيق سامي سعد عندما كان يزور لبنان صيفاً، فألتقيه.

اني اقف الى جانبكم حزناً على رحيلها، وقد عرفتها متألقة في السنوات التي تلت الثورة الانقلابية، وكانت تشدني إليها، والى الرفيق نقولا حلاق، والى شقيقها الرفيق وليد عكاوي الكثير من اواصر المحبة.

آمل ان تنقل الى كل العائلة الحبيبة والى كل رفقائنا الذين عرفوا جيداً الرفيقة مادلين، تعازيّ وحزني،

والبقاء للامة "

*

هوامش:

(1) عرفته منذ ستينات القرن الماضي، كان موظفاً مرموقاً في البنك البريطاني. تولى مسؤوليتي ناظر مالية وخازن في منفذية بيروت.

(2) يفيد ابن اخته الرفيق الياس عوض، ان الرفيق نقولا قام بدور البطولة في فيلم "في بيتنا رجل"، من اخراج وتصوير الرفيق يوسف فهدي (دمشق).

(3) منح رتبة الامانة وتولى مسؤوليات عديدة. برز حزبياً كقائد لفرقة الزوبعة عام 1948. توفي منذ اشهر. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(4) من الرفقاء المناضلين، كشقيقه الرفيق احمد وشقيقيه حرية وسميحة. للاطلاع على المعلومات عنهم الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور انفاً. وبخاصة في النبذة عن الامير امين ارسلان.

(5) يوضح رئيس المجلس الاعلى الامين محمود عبد الخالق وقد كان مديراً لمديرية مجدلبعنا في حينه، ان الرفيق الياس الشيتي كان يتولى مسؤولية ناموس المنفذية والرفيق فايز ملاعب نظارة التدريب.

(6) لا يسعني الا ان استعيد في ذاكرتي نشاط الرفيقة انجول برباري، شقيقة الاب ايليا برباري، وكم كانت الى جانب الرفيقة مادلين في تلك الايام الصعبة، ومثيلتها في الجبروت..

(7) متواجد وناشط في منفذية سدني. تولى فيها مسؤوليات حزبية اخصّها في نظارة التدريب. من منطقة الاشرفية – بيروت.

*

يقيم الحزب وعائلة الرفيقة الراحلة قداساً وجنازاً عن روحها، الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الجمعة 20 الجاري، في كنيسة سيدة النياح – شارع المكحول، رأس بيروت.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024