إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من تاريخنا الحزبي: محاكمة الأمين مصطفى عز الدين والرفيق ناصيف سماحة

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-10-27

إقرأ ايضاً


يتحدث الأمين غسان عز الدين في الصفحات 95-96-97 من الجزء الثاني من مجلده "حوار مع الذاكرة" عن المحاكمة التي تعرض لها الأمين مصطفى عزالدين(1) والرفيق ناصيف سماحة(2) في مدينة صيدا.

قبل ذلك يشرح عن الوضع الناتج بعد مهرجان دير القمر عام 1952 " الذي كان قرار المشاركة العلنية الضخمة فيه، هو قرار التحدي والمواجهة والعمل العلني رغم حل الحزب "، فيقول: " تبع ذلك الاضطرابات والمظاهرات والعصيان المدني الذي كان للحزب دور أساسي فيها حيث أجبر بشارة الخوري على الاستقالة وسقط عهد الطغيان والاجرام واستقال بشارة الخوري وانتخب كميل شمعون رئيساً للجمهورية بدلاً عنه. كانت وعود كميل شمعون أن يبادر بعد انتخابه الى اصدار عفو عام عن الرفقاء الذين كانوا يمضون العقوبات التي حكموا بها لمشاركتهم في الثورة الاجتماعية الأولى. اضافة الى الذين حكم عليهم غيابياً، وأن يلغى قرار حل الحزب ويرخص له من جديد، اضافة الى تمكين الحزب من اصدار وسيلة اعلامية ناطقة باسمه، لكن كميل شمعون ورغم التحالف معه في بعض المراحل - ذلك التحالف الذي قيّمته المؤسسات الحزبية المختصة وأدانت أكثره - يبقى هو..هو.. الذي كان يرى في قوة الحزب خطراً على مصالحه السياسية والانتخابية.. ولم ينفذ أي شيء من وعوده خلال خمس سنوات من حكمه.. العفو لم يصدر والحزب بقي قانونياً حزباً محلولاً، أما الوسيلة الاعلامية فلم نحصل عليها الا عام 1957 وبفضل السيد أسعد الأسعد مدير عام وزارة لاعلام يومها، الرفيق السابق.

" صحيح ان العمل الحزبي رغم استمرار قرار حلّ الحزب أصبح بعد سقوط عهد بشارة الخوري علنيّاً.. ولكن استمرار قرار الحلّ أدّى الى مواجهتنا ظروفاً صعبة في بعض المراحل والمناطق اذ كان بإمكان أي مسؤول أمني ان يتصرف كما يرى مناسباً، مستنداً الى القوانين المرعية الاجراء، كما كان حصل في صيدا، اذ فيما تمكن الامين عجاج المهتار من الفرار، صدرت مذكرتا توقيف بحق الامين مصطفى عز الدين والرفيق ناصيف سماحة وأحيلوا الى المحاكمة.

انها واحدة من عشرات الأحداث المماثلة . واتحدث عنها بصورة خاصة لأنها شكّلت مشكلة قانونية للقضاء، اضافة الى ما تمّ خلال محاكمتهما.

" كان مصطفى يومها يشغل مسؤولية ناموس مفوض عام لبنان (الامين حسن الطويل)، وأحدث اعتقاله ضجة وردود فعل مستنكرة، قومياً وشعبياً وبصورة خاصة في الجنوب.

" يضيف الامين غسان عز الدين: صدر قرار الاتهام، وحدد موعد المحاكمة بعد انقضاء اثني عشر يوماً على الاعتقال.

" وفي الموعد المحدد للمحاكمة توافد القوميون الاجتماعيون من مختلف مناطق الجنوب وباقي المناطق لحضور المحاكمة حيث امتلأت قاعة المحكمة وباحة سرايا صيدا بالرفقاء.

وأذكر من المحامين الذين توكلوا للدفاع، عبدالله قبرصي، نظمي عزقول(4)، نديم حاطوم(5) وغيرهم.

بعد أن افتتح رئيس المحكمة نبيه البستاني الجلسة وتلاوة قرار الاتهام المستند الى تقرير الأمن العام، وقف الامين مصطفى محتجاً على محتويات التقرير، قائلاً لرئيس المحكمة، دعني أروي لك بصدق واتحمل مسؤولية ما حصل، وعندما وصل الى الخطاب الذي ألقاه في اللقاء بدأ من جديد في إلقائه.. أيها القوميون الاجتماعيون .. الامين مصطفي يلقي الخطاب والجمهور يصفق ورئيس المحكمة المحرج لهذا الوضع يقول للامين مصطفى، يا استاذ اجب على الاسئلة فقط. والامين مصطفى يجيب سيدي الرئيس: هناك تزوير في نقل خطابي ومن حقي أن أبيّنه. رئيس المحكمة يجيب: يا أستاذ نحن لا نحاكمك على خطابك بل على مخالفة القوانين المرعية الاجراء، والامين مصطفى يجيب: أكاد انتهي دعني سيدي أتابع، ويتابع قبل أن يجيبه الرئيس.. تحولت المحاكمة الى مهرجان حزبي.. انهى الامين مصطفى خطابه، وأجاب على الأسئلة، وثم جواب المدعي العام ومرافعات وكلاء الدفاع ورفعت الجلسة لمدة خمسة أيام لإصدار الحكم... وأعيد الامين مصطفى والرفيق ناصيف الى سجن صيدا، وفي موعد اصدار الحكم توافد ايضاً مئات الرفقاء لحضور جلسة الحكم.. وكان حكم المحكمة بالبراءة، وبعد اجراء المعاملات القانونية تمّ اطلاق سراح الامين مصطفى والرفيق ناصيف، وتحوّل اطلاق سراحهما الى مظاهرة أمام سراي صيدا. ولكن النيابة العامة استأنفت الحكم لأنه اذا لم يستأنف يصبح سابقة تلغي حالة الطوارئ التي كانت معلنة في الجنوب.

" وقبل استئناف النيابة العامة تمت تسوية لم أعد اذكر كامل تفاصيلها بل كل ما اذكره أن حكم محكمة الاستئناف كان بالسجن ثلاث سنوات للأمين مصطفى والرفيق ناصيف لمصلحة القانون. وعندمل نطق القاضي بالحكم في محكمة التمييز حصلت ردة فعل وغضب في قاعة المحكمة.. فوقف عبدالله قبرصي مخاطباً الحضور بالقول، يا رفقائي: مصطفى و ناصيف لن يدخلا السجن، والحكم لن ينفذ ضدهما انه تدبير قضائي لصالح قانون الطوارئ المعلن في الجنوب فقط لا غير.

الحكم بالبراءة

اوردت جريدة "صدى لبنان" في عددها الصادر يوم الجمعة 10 نيسان 1953 النص الكامل للحكم الذي اصدرته محكمة جنايات صيدا برئاسة القاضي بيه البستاني، وعضوية المستشارين عبد الرحمن طيارة وعقل فرح، وهو التالي:

" نوع الجرم: الدعاية للحزب القومي المنحل

بإسم الشعب اللبناني

ان محكمة الاستئناف في لبنان الجنوبي الناظرة في القضايا الجنائية لدى التدقيق والذاكرة، تبين أنه بموجب مضبطة اتهام مؤرخة في 3 آذار سنة 1953 اسند الى المتهمين:

1- مصطفى محمد عز الدين، عمره 23 سنة من صور. والدته مريم، أوقف في 27-3-1953

2- ناصيف وديع سماحة، عمره 29 سنة من الخنشارة. والدته نسطه، أوقف في 16-3-1953

انهما في مرج الخيام وبتاريخ 13 شباط سنة 1953 قاما بنشاط في سبيل "الحزب القومي" المنحل، الجناية المعاقب عليها بمقتضى قانون 14آذار سنة 1953

الوقائع

بتاريخ 13 شباط سنة 1953 وفي بستان واقع بمرج الخيام عقد جمهور عدده بين خمسين وستين شخصاً، اجتماعاً خطب فيه مصطفى احد المتهمين ناشراً مبادئ الحزب القومي، حاضاً على التكتل والتكاتف والتعاضد والتمسك بالعقيدة القومية.

وتبين أن النيابة العامة طلبت اعلان براءة ناصيف أحد المتهمين لعدم الثبوت وتجريم مصطفى المتهم الآخر بمقتضى النصوص الواردة في مضبطة الاتهام.

وتبين أن المتهمين طلبا بدورهما البراءة.

الأدلّة

تأيدت الوقائع المتقدمة:

1- بإعتراف المتهم مصطفى

2- بشهادة مفتش الأمن العام

ولم تقم أدلّة كافية تؤيد اقدام المتهم ناصيف سماحة على اقتراف الفعل المسند إليه.

ان القاعدة التي كرّستها المادة 2 من قانون العقوبات لا محل لها اذا اقترن القانون المؤقت بقانون لاحق كما هي الحال في القضية الحاضرة فحينئذ يعين القانون الواجب للعمل به وفقاً لمبادئ تنازع القوانين ورجعيتها.

لهذه الأسباب، وبعد أخذ مطالعة النيابة العامة وسنداً للنصوص المتقدمة وبالاجماع تحكم المحكمة:

1- ببراءة المتهم ناصيف وديع سماحة

2- بعدم مسؤولية مصطفى محمد عز الدين

3- بإطلاق سراحهما حالاً اذا كانا غير موقوفين لسبب آخر،

حكماً وجاهياً قابلاً التمييز أعطي وتلي وأفهم بتاريخ صدوره الواقع في 8 نيسان سنة 1953.

*

حق لا يمنع لأنه لا يمنح

وفي العدد نفسه من "صدى لبنان" نشر صاحبها ورئيس تحريرها الأمين محمد بعلبكي الكلمة التالية في زاوية "في المعترك" تحت عنوان :"حق لا يمنع لأنه لا يمنح" .

" حكم البراءة الذي أصدرته محكمة جنايات الجنوب في دعوة القوميين الاجتماعيين المتعلقين بتهمة الدعاية لحزب محلول، يجب أن يثير من جديد قضية الحريات الأساسية في لبنان، وحظ نفر كريم كبير من المواطنين اللبنانيين - نعني القوميين الاجتماعيين- من اعتراف الدولة بحقهم في ممارسة هذه الحريات.

لقد جاء حكم محكمة الجنايات، يعلن بصراحة أن الدعوة لمبادئ الحزب القومي الاجتماعي، وعقد الاجتماعات والقاء الخطب لهذه الغاية، ومناشدة الشعب التكتل والتكاتف والتعاضد والتمسك بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية، وكل هذه أمور قام بها المتهمون واعتقلوا وسجن بعضهم شهرين وأحيلوا الى المحكمة من اجلها- لقد جاء هذا الحكم يعلن بصراحة الحق وبوضوح القانون أن نشاط القوميين الاجتماعيين لا يشكل جريمة، وليس هناك اليوم قانون يعاقب أصحاب هذا النشاط.

ومعنى هذا أن الحكم الذي أصدرته محكمة صيدا يكرّس حق القوميين في ممارسة نشاطهم لتكتيل الناس حول عقيدتهم. معنى هذا أن إعادة الترخيص للقوميين الاجتماعيين بالعمل الحزبي المنظم أمر لا يحول دونه اليوم - بعد ثورة الشعب وإلغاء قانون الطوارئ - أي نص من قانون، وان كل تردد في اعادة هذا الترخيص هو استمرار في حجز معيب للحريات. ان كان العهد السابق قد أوجد له المبررات من جائر النصوص القانونية، فلم يبق له أي مبرر في العهد الجديد الذي محا لطخة العار في القانون، فجاء حكم محكمة جنايات الجنوب أمس يدعوه الى الانسجام مع نفسه، فلا يمنع بيد ما قدم باليد الأخرى.

والعهد الجديد، كما قلنا هنا مرة، انما يشرّف نفسه اذ ينسجم مع نفسه لهذه الجهة نابذاً كل تردد. أما القوميون الاجتماعيون فانما مارسوا ويمارسون وسيظلون يمارسون حقاً بديهياً لا يمكن أن يمنع عليهم، لأنه لا يمنح في الأصل، حتى في القانون.

هوامش

(1) تولى في الحزب مسؤوليات محلية ومركزية، وكان لدورات عديدة رئيساً للمجلس الأعلى. مراجعة ما نشرنا عنه في قسم أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) ناصيف سماحة: نشط حزبياً وتولى أكثر من مسؤولية، من بلدة الخنشارة.

(3) بتاريخ 16/06/2014 عممنا نبذة عن المهرجان الحاشد الذي أقيم في دير القمر عام 1952 وشارك فيه آلاف القوميين الاجتماعيين في صفوف نظامية وسط ترحيب الأهالي واعجابهم.

(4) نظمي عزقول: مراجعة النبذة المعممة عنه على الموقع المذكور آنفاً.

(5) نديم حاطوم: محام معروف. منفذاً عاماً في الشوف وعميداً للقضاء.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024