إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

اول مركز للحزب بعد الثورة القومية

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-12-17

إقرأ ايضاً


الحديث عن العمل الحزبي في السنوات التي اعقبت الثورة الانقلابية 1961- 1962 يطول ومعه نسجل أسفنا أن الرفيق الشهيد جوزف رزق الله وهو كان تولى مسؤولية مفوض لبنان لم يدوّن مذكراته عن تلك الفترة، ومثله لم يفعل الأمين هنري حاماتي الذي تلاه في المسؤولية فالامين عبدالله محسن.

كذلك امناء ورفقاء نشطوا في السنوات الأولى من فشل الثورة الانقلابية لم يكتبوا عن العمل الحزبي في تلك السنوات، نذكر منهم الأمين الراحل شفيق راشد، الأمين الراحل جمال فاخوري، الأمين جبرايل عون، الأمين الراحل الياس جرجي، الرفيق الراحل عصام البابا، الرفيق غطاس الغريب، الرفيق توفيق الحايك، الرفيق جورج قيصر وغيرهم.

وحده الأمين غسان عزالدين نشر في مؤلفه "حوار مع الذاكرة" معلومات عن تلك المرحلة الهامة من العمل الحزبي يمكن أن تكون من بين الأسس في كتابة تاريخها.

كنت تحملت المسؤولية الحزبية في مفوضية لبنان مع الرفيق جوزف، ثم مع الأمين هنري (مسؤوليات منفذ عام بيروت، ناموس المفوض، خازن عام) ومع الأمين عبدالله محسن توليتُ مسؤولية رئيس مكتب الطلبة وعضواً في اللجنة المركزية التي كانت حلّت مكان المفوضية.

*

في أحد أيام الأشهر الأخيرة من العام 1962 اتصل بي الرفيق عبدالرحمن النويري(1) طارحاً علي موضوع تولي المسؤولية الحزبية عن القسم الغربي من منفذية بيروت. بعد التداول، قبلت مبدئياً.

بعد أيام كان يتصل مجدداً، متحدثاُ الي بالتفاصيل.

بعد أيام أيضاً كنت على موعد في محله الكائن في بناية العسيلي الى جانب سينما الأمير(2) فالتقي الرفيق الذي سيوصلني الى لقائي مع المفوض.

كان هذا لقائي الأول بالرفيق توفيق حايك الذي لم أكن على معرفة به.

توجهت معه الى مقهى مشبوه في البناء حيث كان يحتل مقهى الباريزيانا الطابق الأول منه.

هناك أضواء خافتة. رجل ينتظرني. عرّفني الرفيق توفيق على الرفيق جوزف رزق الله. تحدث الي منطلقاً من الحديث الذي كان تمّ مع الرفيق عبدالرحمن النويري.

شرحتُ له عن عملنا مع الرفقاء في المصارف لجمع مبالغ مالية لعائلات الرفقاء الأسرى(3) وعن استمراري في النشاط الحزبي في المصيطبة باعتباري مديراً لمديرية المصيطبة الثانية(4) .

وافقتُ على تولي مسؤولية العمل الحزبي عن القسم الغربي من بيروت، الّا أن سرعان ما امتدت مسؤوليتي لتشمل بيروت الكبرى: من الضبية، انطلياس الى الحدث صعوداً الى الحازمية، بعبدا، اللويزة، الفياضية، وصولاً الى برج البراجنة.

بعد ايام دُعيت الى حضور اجتماع المفوضية العامة. فور دخولي الى الشقة لفتني تمدد مارد على طول السرير المواجه للباب. الشقة صغيرة، سرير، طاولة وبعض المقاعد، حمام.

تعرفتُ يومها على "المارد" الأمين جبرائيل عون، على الرفيق كميل الذي مضت سنوات لأكتشف أنه الأمين شفيق راشد(5) .

الى تلك الغرفة كنا نتوجه مرة أو مرتين كل اسبوع، اخرج ليلاً وعيناي اربعة من فرط الدخان. أذكر اني كنت أتوجه والرفيق جوزف الى مطعم "مروش" قرب مبنى بلدية بيروت، لنسد صرخات البطن الخاوية، بصحن فول أو أكثر. ومن "المروش" الى ساحة الشهداء لأستقل سيارة الأجرة الى المصيطبة(6) فأنام ما تبقى من الليل لأستفيق عند السادسة والنصف مهرولاً الى بنكو دي روما(7) فأصله قبل الوقت وأحياناً بعده بدقائق.

وفي البنك يبدأ توافد الرفقاء. بدأ خفيفاً ثم راح "يزدحم" عندما توليت مسؤولية مكتب الطلبة. الرفيقة جيزيل رزق الله(8) كانت تعمل في أحد ألاقسام المجاورة للقسم الذي كنت فيه، تشاهد كل شيء. كم ضحكت.

كلما مررت بالقرب من تلك البناية(9) التفت الى داخلها حيث ردهة واسعة، وفي آخرها درج رخامي الى الطابق الاول، أعود بالذكرى الى أوائل الستينات، تغمرني عواطف وذكريات وأشواق، وحنين الى أيام حلوة فيها لذة التحدي والنضال الحقيقي والشعور أنك انتميت الى حزب يريد أن يبني شيئاً أساسياً في المجتمع.

هوامش:

(1) من رفقاء المصيطبة، وكان تولى مسؤولية مدرب، ونشط حزبياً.

(2) كانت تقع الى جوار مدخل موقف بناية العسيلي، الذي منه تنطلق سيارات الاجرة الى منطقة رأس بيروت.

(3) كان عدداً كبيراً من الرفقاء يعملون في معظم مصارف العاصمة بيروت. تمثلوا بالرفيق رفعت عسيران عضواً في نقابة المصارف، ثم بالرفيق الراحل مأمون منصور بعد ان كان غادر الرفيق عسيران الى لندن.

بعد اشهر قليلة من الثورة الانقلابية، تداعى الرفقاء لجمع التبرعات فإيصالها الى عائلات رفقاء الاسرى.

(4) المصيطبة الاولى: كانت تضم الرفقاء من المنطقة العليا من المصيطبة (حي اللجا – محيط منزل صائب سلام –اعالي برج ابو حيدر). المصيطبة الثانية تضم الرفقاء من المنطقة الوسطى، اما مديرية وطى المصيطبة فتضم الرفقاء في المنطقة الواقعة من كورنيش المزرعة ونزولاً.

(5) من قب الياس. غادر الى اوتاوا حيث تولى فيها مسؤوليات حزبية. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(6) نهاراً كانت سيارات الاجرة تتخذ موقفاً لها الى جوار سينما التياترو الكبير، أما ليلاً فتنتقل الى اعلى ساحة الشهداء.

(7) عملت فيه من العام 1961 لغاية العام 1968. كان البنك يقع الى جانب مبنى مجلس النواب.

(8) ابنة الرفيق الشهيد جوزف رزق الله عقيلة الرفيق جورج البطل.

(9) تقع وسط الشارع الممتد من شارع الحمراء باتجاه مستشفى الجامعة الاميركية .

***

ننصح بالاطلاع على الدراسة القيّمة للامين الدكتور جورج يونان المنشورة في عدد "البناء" تاريخ 16/12/2015 بعنوان: " الكنيسة المشرقية من مار توما ومار أداي الى كارثة الخابور... وقائع صحيحة وحقائق مطموسة ".

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024