إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

شهادة من زميل الى رفيقه المحامي نعمة حمادة

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2016-12-12

إقرأ ايضاً


بعد أن اطلع الأمين المحامي صبحي فريح على ما كنا نشرناه عن الرفيق المحامي نعمة حمادة، زارنا في مكتب اللجنة وسلمنا كلمته الوجدانية الصادقة التي رغب أن تكون شهادة منه وجزءاً من ذكرياته مع رفيقه:

*

اثار بنفسي ما نشر في جريدة البناء بتاريخ 12/3/2016 عن المحامي الرفيق نعمة حمادة – ذكريات حميمية لا تنسى ملؤها الاحترام والمودة والمحبة، وقد حصلت بمناسبة دعوى توكلت فيها لدى محكمة جنايات بيروت كان قد ارتكبها شخص سوري نتيجة خطأ غير مقصود مما تسبب بالوفاة لمواطن لبناني في بداية عام 1994.

يومئذ اشار لي مسؤول قومي في مركز الحزب بأن اتعاون مع الرفيق حمادة باعتباره محامياً كفؤاً وله مدة طويلة بالمحاماة وذو أخلاق عالية ــــــ وهو سيعلمه عني.

وكانت اول زيارة لي للرفيق حمادة في مكتبه القريب من قصر العدل والمؤلف من ثلاث غرف واسعة، حيث استقبلني بإبتسامته اللطيفة الناعمة وهي تتناسب مع جسمه النحيف وقد انفرجت اساريره مع ترحيب حار فيه صدق المعاني، فشعرت بالراحة والطمأنينة والنجاح المرتقب لموكلي الذي وقع بالخطأ الفادح العفوي وبالنتيجة التي لم يتوقعها في اتهامه بالتسبب بالفعل.

وبعد تبادل الحديث عن أعمال مهنة المحاماة في الشام ـــــ وعن نشاط الحزب وحركته وفاعليته في المجتمع السوري ونشر الوعي النهضوي بين افراد الشعب، عرضت عليه أن نتعاون في هذه الدعوى خاصة ان لكل دولة في محاكمها اجراءات شكلية وأساليب عمل خاصة بها. وقد وافق بكل راحة نفسية ومهنية راقية.

فكان أول عمل مشترك قمنا به هو مقابلة قاضي التحقيق (البيطار) واطلعنا لديه على ملف الدعوى خاصة في استجواب الموكل (صالح) وفي ادعاء النيابة العامة ثم عدنا الى المكتب وقلت للأستاذ الرفيق نعمة " هذه الدعوى لشخص يخصني قرابة وانا لن اتقاضى عنها اية اتعاب (أي أجور)، فماذا تريد أنت من حقوق حتى اطلبه من ذوي المتهم".

فأجابني:

" ان دعوتك هي دعوتي ولدي دعاوي كثيرة مجانية لا أتقاضى عنها شيئاً، خاصة وانت يا زميلي ستقوم بكل اجراءات هذه الدعوى من حضور التحقيق والدفاع عن موكلك، وانا قريب منك وسوف اطلع على اعمالك ودفوعك، وأن احتجت شيئاً فأنا دائماً معك وأنا واثق بك وبكفاءتك وقدرتك لأنني أستمعت اليك ولمنطقك القانوني" .

وكانت هذه أول بادرة أخلاقية من رفيق قومي مارس القضاء في المحاكم، هذه البادرة تحمل في طياتها العفة والزهد في المال خاصة انه أراد أن يساوي نفسه بزميل له لا يأخذ أتعاباً ـــــ وهو القومي الذي يقدم بطبيعة الحال كل مساعدة ومؤازرة لرفيق وزميل له كلما احتاج اليها كما أقسم على ذلك.

وبعد تنظيم وكالة بإسمينا لدى نقابة المحامين بدمشق بدأتُ بالحضور الى بيروت لحضور جلسات الاستجواب بالنسبة للمتهم وتقديم اسماء الشهود الذين كانوا متواجدين أثناء الحادث في موقع "الرملة البيضاء" وهم من العسكريين السوريين ولا يوجد غيرهم، وقد سلّم الفاعل "صالح" نفسه لهم وأحيل الى النيابة العامة في بيروت اثناء وقوع الحادث.

وكانت البادرة الثانية التي رفعت من شأن الزميل الرفيق نعمة في نفسي هي الثقة بزميل له لاحظ من خلال دراسة ملف القضية وتبادل وجهة النظر القانونية ان أعطى سلفاً دفعاً معنوياً كبيراً لعملي وللدفوع عن المتهم التي سأقدمها.

هذا الفعل شأن المحامين الكبار الذين يعطون دروساً في التعليم والتشجيع والاحترام بكل ثقة وقناعة للأخرين كي يشعروا بنفوسهم انهم أهل لهذه الثقة التي منحها لهم محامي قدير له نظرة وفراسة عميقة بالأشخاص ليؤتوا عملاً اساسه ايمان زميل اقتنع بقدرة محامي من دمشق"، فبعث المعنويات والثقة والاطمئنان بنفسي في دعوى كبيرة جنائية الوصف (التسبب بالقتل) اساساً. وهكذا كان، حملت مسؤولية هذه الدعوى وتابعت حضور جلسات تحقيق وتقديم الدفوع اللازمة.

اما البادرة الاخرى: هي كرمه وقبولي ضيفاً عزيزاً عليه في بيته.

حيث بدأ يدعوني في أكثر الأحيان اما على فطور الصباح او الغداء في بيته بالأشرفية .

وقد عرّفني على أفراد أسرته الكريمة ــــــ زوجته الأمينة ادما ناصيف، أخت الرفيق دعاس ناصيف ـــــ وكان هذا الرفيق يسكن في مكان قريب من التجهيز الأولى وقد نسّبني الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في نهاية عام 1952 واصبحت من عداد رفقاء مديريته.

كما تعرفت على بنت الرفيق نعمة وزوجها(1)ــــــ وكان الجميع يعاملني وكأني واحد منهم والابتسامة تعلو وجوههم والحديث الراقي سمة الجميع وبكل لطف ورقة مع الاحترام الواضح لي.

وكانت وجبات الطعام دسمة ومتنوعة ومغذية وجذابة للشهية خاصة لدى عائلة كل أفرادها يدعونك للاستزادة من الطعام.

هذه بعض الصفات للمرحوم الرفيق نعمة وما أكثرها بعد معايشتي له مدة ثلاث سنوات ــــــ ومن يعرف هذا الانسان الكبير ــــــ يعرف صفاته وأخلاقه وترفعه وزهده عن المال ومدى كرمه وحسن تعامله مع الأخرين ".

*

اني وقد عرفت جيداً الرفيق نعمة حمادة ، كما عقيلته الأمينة ادما ناصيف، اتبنى كل ما اورده الأمين صبحي وأدعو كل من عرفهما في مسيرتهما النضالية أن يكتب الى لجنة تاريخ الحزب.

هوامش:

(1) الرفيقة منى عقيلة الرفيق طارق بسج


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024