إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مزيد عن الرفيق البطل اديب البعيني

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2017-03-07

إقرأ ايضاً


كنا أوردنا عن الرفيق اديب البعيني في اكثر من نبذة, منها عندما كتبنا عن معركة الاستقلال في بشامون. في الصفحات 236 و 238 من مؤلفة "سراديب النور" يروي الامين شوقي خيرالله التالي:

ل. ن.

*

" الملفت للمراقبة ان اكثر الشعراء والادباء والزجالين والفنانين, بمختلف حقولهم, كانوا من القوميين الاجتماعيين منذ منتصف الثلاثينات حتى الربع الاخير من القرن العشرين. وقد جاء وقت كانت الاغلبية الساحقة المثقفة في البلاد من القوميين. ولا يزال الجميع يذكرون عجاج المهتار(1) ويوسف حاتم ويوسف تاج ووليم صعب واديب البعيني ورفعت مبارك وفوزي عبد الخالق ورفوفاً اخرى لا عدّ لها من الزجالين, وجميعهم قوميون اجتماعيون.

كثيرون من المعمّرين اليوم (العام 1994) يتذكرون حدثاً زجلياً شهيراً حصل في مطلع الاربعينات في بيروت بمقهى الباريزيانا(2), ساحة البرج. المناسبة حفلة تحدٍ زجلي ذات مقدمات وكلام كبير ما بين وليم صعب وفرقته وبين رامز البستاني وفرقته. وكان الحشد المجتمع للسماع والتأييد والشهادة من اكثر ما عرفت حفلات فنية حتى ذلك التاريخ.

والتقاليد والطقوس معروفة في مثل هذه الحفلات. وكل زجال منهم هو فحل قبضاي سيّد مسرح وسيّد قول. وقد تنقّل الشعراء بين جميع انواع الزجل: القرّادي, المعنّى, الموشّح, القصيد, الشروقي, الندب, البغدادي, العتابا, الميجانا, الحداء, الحوربة, بو الزلف, والمخمّس المردود وغيرها.

ثم قسا وليم بقول كبير وردّ البستاني بقول اكبر, وراح كلّ يصعّد ويؤلم ويؤذي على عادة هذه الحفلات, ولكن بغير شتيمة ولا سباب ولا ذم.

وكان وليم صعب مرفقاً على خصمه. فقد نهنهه وأوهنه وكعّاه وأزعجه حتى كاد يخرسه. وتمرجل اعضاء الفرقتين حقاً ولكن الكفة مالت اخيراً مع وليم صعب. فحاول رامز البستاني أن يعطّل الجلسة وثقّل كلامه وحصل هرج ومرج فضربه وليم بالدف وتحزّب لكل فرقة محازبوها وأوشكت القصة أن تكبر. والا نطّ اديب البعيني(3), الرفيق اديب, البطل الاشبهي, والذي سيبرز له دور في معركة الاستقلال. قفز الى المسرح متحزّبا ومدافعاً عن رفيقه وليم صعب. ووليم رقيق العظم وغير مشكلجي. وارتجل الرفيق اديب أبياتاً للدفاع عن وليم فقال على المسرح بصوته الراعد:

وليم صعب, في يوم المعارك,

أكبر خصم بيصبح رهينك.

وعَ صدر الخصم في الميدان بارك.

ورفاقك يا وليم حايطينك.

وكل واحد معك شفتو مشارك

الك في المعركة الحمرا معينك.

شيّبت الزمان بسر قولك

وشاب الدهر من عقدة جبينك.

والتفّ الشباب حول اديب, واديب ساند وليم وفرقته وفرضوا النظام, وأكمل وليم وفرقته القول حتى اعترف لهم الناس بالتفوّق والغلبة.

بعد سنتين وقليل جداً حصلت معركة الاستقلال, وكان اديب البعيني بجانب الشهيد سعيد فخرالدين في بشامون, ساعة استشهاده. وقد أبلى البلاء الحسن في صدّ تقدّم الدبابات الفرنسية في تلك المنطقة الوعرة.

وصار اديب في الحرس الجمهوري في اول عهد بشارة الخوري. لكنه قُتل في ليلة سكر وفرح برصاصة طائشة. وكان موته فاجعة.

في يوم مأتمه الحاشد رثاه الناس والقوّالة والزجالون والندابون. ورثاه وليم صعب بأبيات أبكت الحجر ولكن الذاكرة الشعبية أضاعت بعضها وحفظت هذا القليل:

يا رفيق القَسَم يا أخلص الاخوان(4)

بكّرتها وعجّلت بالهجران

من وين بعد بجيب متلك خيّ

يبسط عليي من حنانو فيّ

ويعطف عليي عطف امّ وبيّ

ويحمي القسم والحق من العدوان

*

وين الوفا من بعد منك راح

وين الجبين المشرق الوضّاح

وين الملبّي لولا المنادي صاح

من بعد غيبة سيّد الفرسان؟؟

هوامش:

(1) عجاج المهتار, يوسف حاتم, يوسف تاج, وليم صعب, اديب البعيني, رفعت مبارك, كنت كتبت عن كل منهم. مراجعة قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) مقهى الباريزيانا: مقهى مشهور كان واقعاً في الجانب الشرقي من ساحة البرج (ساحة الشهداء) عند مدخل شارع غورو- الجميزة.

(3) اديب البعيني: مراجعة النبذة عنه عبر الموقع المذكور آنفاً.

(4) في الصفحة 367 من ديوان شعر الرفيق وليم صعب، وردت الابيات على الوجه التالي:

يا خيّ روحي وأخلص الإخوان طوّلتها وكَـثُـرت بالهجران

من وين بَـعد بْجيب مثلك خَـــي لو يكثـروا الإخوان والخلان ؟

من وين بَـعد بْجيب مثلك خَــيّ يِـبْــسـُـــط علَـــيّـــي من حنانو فَـــي

ويِـــعـطف عليّــي عطف اُم وبَــيّ ويِــحـمي حِمـى حَـقّـــي من العدوان ؟

وين الوفا من بَـعد مـنّــك راح، وين الجبين المشرق الوَضّـــاح،

وين المُـلَـــبّـــي لو المُــنادي صاح، من بَـــعد غَـــيـبــة سَـــيّـــد الفرســــان؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024