إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الرفيق نقولا داود مثال وقدوة

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2017-04-19

إقرأ ايضاً


عرَفت بلدة "جبرائيل" الحزب مع اوائل ثلاثينات القرن الماضي، عندما انتمى الرفيق نقولا خوري، ثم تبعه آخرون، ابرزهم شقيقه الامين منير الذي تولى مسؤوليات مركزية، وانتخب عضواً في المجلس الاعلى، فرئيساً له.

احد رفقاء بلدة جبرائيل، المجهولين، كان غادر الى منطقة نائية في البرازيل، وفيها تعرف الى الحزب، فاقسم ونشط وكان من اوائل مؤسسي العمل الحزبي في مدن وبلدات منطقة "المثلث الميناوي"(1) من ولاية "ميناس جيرايس" واستمر حتى آخر لحظات حياته، مؤمناً بالحزب، ملبياً، معطاء، لا يتأخر عن موعد اجتماع، ولا يغيب. هذا الرفيق هو نقولا داود الذي كان منحه الحزب وسام الواجب بتاريخ 2/6/1990، وأقامت له "مفوضية أوبرلنديا" حفلة تكريمية حضرها منفذ عام الوسط البرازيلي(2) ورفقاء من برازيليا، غويانيا، انابوليس، ومن بلدات محيطة باوبرلنديا.

*

ولد الرفيق نقولا الياس حنا داود في بلدة جبرائيل. عكار في 15/11/1903، وعندما شب، وكان والده سبقه الى البرازيل، غادر الوطن عام 1925 الى بلدة "سان جوزي دو ريو باردو" في ولاية سان باولو حيث عمل في التجارة المتنقلة، كمعظم ابناء شعبنا الذين غادروا الى البرازيل، فكان يتجول في المزارع والادغال سيراً على الاقدام أو على ظهور الدواب، متعرضاً في أي وقت للموت.

عام 1927 تمكن من افتتاح محل مع والده في جوار البلدة أعلاه، بعد أن أنهى والده شراكة تجارية له مع مواطن من "جبرائيل" هو ابراهيم الدريبي.

هذا الاستقرار جعله يشترك في صحف ومجلات اغترابية، منها "ابو الهول" و "القلم الحديدي" و "الرابطة" للدكتور خليل سعاده، التي راحت المقالات المميزة التي تنشرها تؤثر إيجاباً في تفكير الشاب نقولا، كغيره من أبناء الجالية الذين كانوا يتابعون بشغف مقالات الدكتور خليل.

في أواسط الثلاثينات وصل من بلدة "جبرائيل" الرفيق سامي دريبي في فترة كانت بدأت الانباء ترد عن انكشاف أمر الحزب عام 1935 واعتقال السلطات الفرنسية لمؤسسه انطون سعاده، فراح الرفيق سامي يتحدث عن الحزب، عقيدة وأهدافاً، مصارحاً الرفيق نقولا انه كان انتمى الى الحزب في بلدته جبرائيل مع رفقاء آخرين، منهم حبيب داود.

وفي هذا المجال يقول الرفيق نقولا:

" أعجبت بأهداف الحزب، خاصة واننا كنا نتشوّق الى شخصية قيادية تعمل لاستقلال وسيادة وطننا، وتحررنا من الاجانب.

"عند تولّي الامين وليم بحليس(3) مسؤولية المنفذ العام في سان باولو، كتب له الرفيق سامي الدريبي وطلب إليه تزويده بنسخة عن مبادئ الحزب وقسم الانتماء، إذ كنت اتفقتُ مع مجموعة مواطنين في "سان جوزي دو ريو باردو" على الانتماء الى الحزب، اذكر منهم سليم الخالد، جورج حنا عبود، أسعد داود، وهكذا تمّ انتماؤنا على يد الرفيق سامي الدريبي عام 1938".

"وفي عام 1944 انتقلتُ الى "اوبرلنديا" بسبب حاجة ابنائي الى مدرسة. فيها كان يقطن الرفيق عبود اندراوس، من "بينو"، وكان انتمى على يد الامين وليم بحليس. معه بدأنا نسعى لتأسيس فرع حزبي في المدينة، فراح ينتمي على التوالي الرفقاء عبد الله حداد (من الباروك) ساسين جرجس، حبيب المعماري وجرجس الراسي (من جبرائيل)، عبد القادر بكر (من بلدة مشحى قرب جبرائيل) محمد توفيق رعد (من بعلبك) وغيرهم، حتى أصبح عددنا عند انشاء المديرية عام 1946 ، 18 رفيقاً وتولى الرفيق عبد الله حداد مسؤولية المدير فيها.

هذه النواة راحت تكبر وتنشئ فروعاً حزبية في مدن وبلدات مجاورة منها Araguau و tupaciguara

*

هذا ما حدثني به الرفيق نقولا داود في العام 1984 وهو كان شارف على الواحد وثمانين عاماً. رغم ذلك فلم يُعقد اجتماع حزبي واحد في مدينة أوبرلنديا إلا والرفيق نقولا من أوائل الحضور، ولم يأت مندوب أو مسؤول حزبي الى المدينة إلا ووجد الرفيق الثمانيني يصغي ويتتبع ويسأل باهتمام وقلق وايمان عظيم.

ورغم تقدمه في العمر كان الرفيق نقولا يتابع القراءة والاطلاع، و"يلتهم" صفحات مجلات الحزب من الغلاف الى الغلاف مما جعله في الجالية، وفي كل لقاءاته، اذاعة قومية اجتماعية متمعاً بثقافة عامة، وحزبية، جيدتين.

كنت اتوقف في "اوبرلنديا" كلما توجهت لزيارة الوسط البرازيلي وفيه مديريات غويانيا، انابوليس وبرازيليا. كان مفوض "اوبرلنديا" الرفيق سالم بربر(4) رفيقاً نشيطاً، صادقاً في التزامه وتعاطيه، اسس حضوراً جيداً في الجالية الى جانب خاله، رجل الاعمال وصديق الحزب، نعمان مشيلح. وصدف ان التقيت اكثر من مرة بوالدته الفاضلة التي عرفت كثيراً بـ"أم سالم"، وعندما زرت ملبورن في استراليا تعرّفتُ الى شقيقه الرفيق سامي الناشط والمسؤول حزبياً مع عقيلته الرفيقة جمانة.

واني لا انسى يوم زرت اوبرلنديا فترافقت مع الرفيقين نقولا داود وسالم بربر لزيارة الرفيق ابراهيم حبيب طنوس(5)

في بلدة "اراشا"، كما لن انسى ذلك اليوم من العام 1990 عندما زرت الرفيق نقولا في منزله أودعه قبل مغادرتي البرازيل عائداً الى الوطن، فوجدته يقرأ مجلة "البناء" بشغف، وإذ رآني هبّ واقفاً بالتحية، لاعانقه، وأفرح به، وأشعر بالتيه والاعتزاز.

إن حزباً يبقى شيوخه على مضاء العزيمة، ويشبّ أطفاله على الايمان به واليد المرفوعة بالتحية، هو حزب يبقى، يستمر، وينتصر.

*

معلومات

• اقترن الرفيق نقولا من السيدة عزيزة نعمة نقولا (من جبرائيل ومواليد البرازيل) وانجبا خمسة صبيان وفتاة واحدة:

ناجي/ خبير عقارات.

صلاح/ طبيب أطفال.

الياس/ مهندس معماري.

وليم/ طبيب قلب.

ادوارد/ خبير محاسبة.

ومارلين/ استاذة جامعية (فرع الرياضيات).

• كان له حضوره المميّز في أوساط الجالية في مدينة أوبرلنديا، ومعظمها من عكار، كما ان لابنائه حضورهم البارز أيضاً.

• عُرف عنه صدقه، وفاؤه، إيمانه الفذ بالحزب، وقوة منطقه.

• رفيق آخر استقر في ولاية ميناس جيراس، هو الرفيق حبيب ابراهيم طنوس، من بلدة دير دلوم (عكار).

كان يقيم في بلدة "اراشا"، وله كتابات في التاريخ في مجلات الحزب، ومجلات اغترابية ومنها "الندوة" التي، اصدرها الامين عبدالله قبرصي في فترة اقامته في فنزويلا. تلقى من سعاده أكثر من رسالة. بقي قومياً اجتماعياً حتى آخر زفرة من حياته. وكنت زرته في "أراشا" بصحبة الرفيقين نقولا داود، وسالم بربر (من الحاكور – عكار) وكان يتولى مسؤولية مفوض الحزب في مدينة أوبرلنديا.

*

عن الحزب في "جبرائيل"

يروي الامين د. منير خوري في كتابه "سفينة حياتي" ان اول مرة سمع فيها بالحزب، في العام 1933 حين كان شقيقه الاكبر، نقولا، يتحدث عن نشاط ونهضة لحزب سري، ويستفيض عن هذا الحزب بتكتم شديد وحماسة اشد، فدفعه فضوله، وكان لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر، الى التساؤل لماذا هذا التكتم الشديد وكان الجواب:

بكرا بتكبر يا منير وبتفهم اكثر(6)، وكبر الامين منير. يقول(7): " في صيف 1940، التقيت لأول مرة بشاب يدعى اسد الاشقر في "رحبة" القرية المجاورة ل "جبرائيل" وبلدة زوجته السيدة رؤوفة(8). كان ذلك الشاب في اوج شبابه يتحدث مع بعض اقرباء زوجته بحرية عن الحزب وبحرارة وايمان فائقين اثراً فيّ وفي بعض اترابي في القريتين "جبرائيل" و "رحبة".

استمرت اللقاءات بيننا وبين الاستاذ اسد اياماً نستمع اليه، نسأله ويجيبنا حتى "استوت الطبخة" كما يقول المثل العامي. والحقيقة ان الطبخة لي كانت "شبه مستوية" لا تحتاج الى اكثر من جذوة خفيفة لتنضج".

ونضجت. فانتهت تلك اللقاءات بقسمنا اليمين الحزبي امامه، وبحضور الرفيقين حبيب سكاف ونقولا يزبك، رحمهما الله(9).

ويضيف الامين منير خوري (الصفحة 47) انه " في الفترة الواقعة بين 1942 و1946 وهي الفترة التي تقاطعت فيها نشاطاتي الريفية مع نشاطاتي الحزبية في "جبرائيل"، انضم الى الحزب مئات من الشبان والشابات في عكار عامة، وفي قرية "جبرائيل"، التي بلغ عدد المنتمين فيها ما يقارب من سبعين عضواً. كانت بعض الامهات يأتين متوسطات راجيات: "دخلك يا استاذ منير، دخّلي ابني معك بالجمعية". فقد كان ذلك امراً طبيعياً لأن الحزب لم يكن يعني كثيراً للمواطن القروي البسيط، لا لفلسفته المدرحية ولا لعقيدته القومية بقدر ما كان يعني له من سلوك اخلاقي عند افراده. ان الذي اثرّ فيهم كثيراً هو ذلك التغيير الجذري الذي احدثه الحزب في نفوس ابنائهم وسلوكهم".

هوامش

(1) اطلق اسم "المثلث الميناوي" على منطقة شاسعة من ولاية ميناس جيرابس، لانها محاطة بولايات ثلاث: غوياز، ميناس جيراس، وسان باولو.

(2) كان يتولاها الرفيق خليل مسوح (من مرمريتا) المقيم في العاصمة برازيليا، التي كانت تضم مديرية كبيرة وناشطة.

(3) وليم بحليس: من بلدة "منيارة"، منح رتبة الامانة، تولى مسؤولية منفذ عام وكان وجهاً بارزاً في الجالية.

(4) سالم بربر: من بلدة "الحاكور" (عكار). شقيق الرفيق سامي بربر المقيم في ملبورن، وتولى مسؤوليات حزبية فيها.

(5) ابراهيم حبيب طنوس: من بلدة "دير دلوم" (عكار) كاتب ومؤرخ. وجه له سعاده اكثر من رسالة، وله كتابات كثيرة في صحف الحزب، كما في صحف المهجر البرازيلي.

(6) الصفحة 43، من "سفينة حياتي".

(7) الصفحة 45 من الكتاب اعلاه.

(8) رؤوفة الاشقر: هي الرفيقة رؤوفة خوري (ام غسان) التي كان لها دور بارز الى جانب الامين اسد الاشقر، رئيساً للحزب، ونائباً عن المتن الشمالي. وأحد ابرز قياديي الحزب.

(9) لا يورد الامين منير اذا كانت عبارة "قسمنا" تعنيه وحده، او تعني آخرين من اترابه ممن كانوا يحضرون اللقاءات مع الامين اسد الاشقر.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024