عشية الذكرى الثامنة للعدوان الكوني على سورية التي بدأتها «كذبة أصابع أطفال درعا»، يستمرّ الحلف الجهنميّ المكوّن من أميركا وتركيا وقطر والسعودية، و»إسرائيل»، في عدوانه وجرائمه ضد شعبنا، وهم يحاولون بذلك تحقيق مكاسب سياسية على حساب دماء أهلنا وشعبنا، ولعلّ عفرين والغوطة الشرقية دخلتا كمنطقتين في تلك المكاسب، وقد جاء تصريح وزير خارجية تركيا، مولود تشاووش أوغلو، من أن عدوان بلاده على منطقة عفرين سينتهي بحلولِ شهر أيار/ مايو المقبل، وكشأن طبيعي في سياق تحديد سقف زمني للعدوان بعد أن يكون قد استوفى شروطه، بحسب رأي قوى العدوان، ولكن يغيب عن ذهنهم، أن معركة الغوطة الشرقية التي يخوضها الجيش السوري أصبحت قاب قوسين من نهايتها، إما بانسحاب الإرهابيين منها باتجاه مدينة إدلب، او باستمرار الضغط عليهم عسكرياً حتى تصفيتهم أو استسلامهم، وفي النهايتين يكون الجيش السوري قد أمّن العاصمة السورية دمشق من أي ورقة ضغط قد يستعملها المحور الجهنمي ضدها، ما يعني تحرير قوة كبيرة للجيش السوري الذي سيكون عليه أن يتوجّه للشمال. وهذا الذي ألمح اليه الرئيس بشار الأسد حول أهمية دخول القوات الشعبية إلى عفرين في ظل انشغال الجيش السوري بقتال الإرهابيين في أماكن أخرى.
تغطية العدوان الذي تقوده تركيا في منطقة عفرين تحمل الكثير من المحتوى الدعائي التركي والكذب بالحرب الإعلامية وسط مقاومة شرسة من قبل وحدات الحماية والقوى الشعبية السورية.. مثلما هي المعركة التي يخوضها الجيش السوري في الغوطة الشرقية ـ التي يرافقها هذا الكم الكبير من الأكاذيب في الإعلام العالمي في محاولة يائسة لحماية الإرهابيين.. فكيف يدير كل طرف وطني هذه المعارك في عفرين والغوطة الشرقية؟
مضى شهران على انطلاق العدوان التركي في منطقة عفرين شمال غرب سورية، وحتى الآن يصعب تكوين صورة دقيقة حول الأوضاع والمعارك التي تدور هناك، فقد تحوّلت المعركة حرباً إعلامية تركية شرسة أيضاً يستخدم فيها كل طرف وسائل إعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكثير من الأخبار التي يصعب التأكد من صحتها.
للذين شنّوا هذا العدوان على بلادنا قبل سنوات ثمانٍ أقول، منذ ولدت سورية من ماء «تموزي» وهواء ربيع «أنليل»، كان الحمام يطير من بين يدي أطفالها الذين لا نعرف مذاهبهم وأعراقهم كانت أعيادها موحّدة: أجراس كنائسها واحدة وصوت الله من مآذنها واحدٌ أحد.
كانت كمن تسري بدفء شوارعها ندى وهتافات لمجانين يحبون الحياة ويرسمون مراياهم على جدران بيوتها القديمة.
وأنا أنظر إلى سواعد جنودنا وجدائل نسائنا، أتذكّر أجساد الشهداء الطاهرة، تلك الأجساد التي امتزجت دماؤهم بتراب هذه المدينة، كنت أتعرّف إليهم من خلال جسدي، واحداً واحداً، وأخرج الى الحياة فسيحاً ملفوفاً بحبهم وبياض أرواحهم، هذا البياض الذي أرميه على جسدي ببرودة لأتدفّأ، وحين اشتاق للربيع بعد مطر بلل جسدي، تتسلل شقائق النعمان فيصرخ ضوؤها: لا تحزن، ابتعد قليلاً كي أرى ربيع وجوههم كلّها وهو يقبلُ صباحي بدمعةٍ هذا الدم الطاهر يجب أن يشجّع بعضهم من الذين يعيشون هلوسة «الثورة» وهذيانها وكذبها، لتصحيح مسار النصل المغمّس بالأوردة المقطوعة لربما ينجلي هذا الحزن ويعود مَن غادرنا في آخر محطة بلا بصمات، وإلى تأكيد أننا ما زلنا نعشق البقاء واقفين بانتظار أن يحين ظهور أسمائنا للذهاب الى الشهادة..
|