عشية الإنجازات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه في جنوب وشمال وشرق ووسط سورية، تعود ذكرى الانتصار التي حققتها المقاومة اللبنانية وحلفاؤها في عدوان تموز 2006، حيث كشفت المقاومة اللبنانية للعالم خلال العدوان، أن الكيان الصهيوني لم يكن «أُسطورة رعب»، كما صوّره الإعلام، مثلما لم يكن «أُسطورة حضارة»، كما سوّقه الغرب والعرب، بل هو من الهشاشة بحيث إن قهره ودحره وإسقاط مشروعه من السهولة بمكان.. وهو كيان تمّت ولادته من زواج غير شرعي.. غير أن تعدّد آبائه لم ولن يمنحه حقاً قانونياً في أرضنا وفلسطيننا.
في تموز 2018، ها هو الجيش السوري يقترب من إعلان نصره الكبير على جحافل العدوان وجراده، وفي تموز 2006 أنهت المقاومة اللبنانية أُسطورة التضليل والتهويل التي صاحبت قيام الكيان الاستيطاني، وكشف العدوان في ذلك الوقت، كيف فضّل «الآذاريون» في لبنان والمنطقة الغرق في قاع الخيانة، على الحياة في جنّة الانتصار، وقد وظّفوا أقلامهم كي لا نقول نساءهم في تشويه وشيطنة المقاومة، ما يصحّ فيهم قول الثائر غيفارا «لا شيء أسوأ من خيانة القلم، فالرصاص الغادر قد يقتل أفراداً، بينما القلم الخائن قد يقتل أمماً».. أنظروا الآن إلى أقلام الخيانة التي تلاحق الدولة السورية .
وقف اللبنانيون أمام طرفَيْ معادلة متناقضة أو متنافرة القطبين.. في جبهة المقاومة، واجه أبطال المقاومة نخبة الجيش الصهيوني بكل كبرياء وإباء وانتزعوا من مخالبه هذا «النصر الإلهي»، وأعادوا الكرامة للمواطنين الذين كان يُراد لهم أن تنتهك قدسية أرضهم ويساقوا الى حتوفهم تحت أسنّة الحراب..
في جبهة المقاومة طرّز أبطالنا نصراً لبنانياً ممهوراً باسم كل فلسطيني وسوري وعراقي وأردني.. وعربي.
وعلى نقيض جبهة المقاومة كان التناحر والاحتراب والخلافات السياسية بين الفرقاء اللبنانيين قد وصل إلى قمة الانحطاط ما أعطى انطباعاً بأن الآذاريين.. مَن كانوا يمتلكون زمام الأمور ومفاتيح القرار كانوا في وادٍ والمقاومة في وادٍ آخر.. وما زاد قتامة ذلك هو الكشف عن خيانات وصلت حد الطلب من العدو الاستمرار في عدوانه للقضاء على المقاومة وتهجير «الشيعة».. نعم تهجير «الشيعة» من الجنوب ضمن خطة حقيرة وقذرة شارك فيها كافة الآذاريين مع آل سعود والأميركيين.. وبطبيعة الحال الصهاينة. ولكن الجنوبيين انتقلوا إلى قراهم السورية ومدنهم السورية، وحيث شكّل التفاعل في وحدة الحياة بين الجنوبيين وأهلهم في سورية الأمر الذي شكل صدمة للعدو بجميع فصائله، الصهيونية والأميركية والوهابية السعودية، ومعهم جرذان الآذاريين. وبذلك، تحوّل الجنوبيون من قطعة نقدية كان يُراد أن يتجاذبها مغناطيس الأعداء إلى نبضة تفاعل في الحضن السوري..
كان اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق «رفيق الحريري» في العام 2005، بتآمر أميركي فرنسي صهيوني نقطة تحول كبيرة سعى خلالها الأعداء لاستهداف سورية بعد رفضها مقترحات «كولن باول» ومنها التسوية مع العدو الصهيوني، حتى لا يحلّ بها ما حلّ بالعراق، فخرج الجيش السوري من لبنان ليغلق الباب على تلك المساومات.
ولكن متى كان الحديث التلمودي عن لبنان، وهو حديث المؤسسة الصهيونية الذي ما زال ساري المفعول حتى الآن، بعيداً عن الحديث عن سورية. والعكس بالعكس. في العين الخبيثة نفسها البلدان هدف واحد، وتدمير هذا الهدف يعني أن المنطقة، بأسرها، تغدو في قبضة حاخامات القرون الغابرة. هنا القرون الغابرة هي القرون الآتية.
لم يخطئ السيد حسن نصر الله عندما خاطب الصامدين بـ «يا أشرف الناس، وأطهر الناس، وأكرم الناس»..
ولن يساوم الرئيس بشار الأسد باعتباره رمز البلاد في تقديم انتصاره الكبير إلى شهداء الجيش وأبطاله الذين مرّغوا وجوه المعتدين بالذلّ وليس بالتراب، لأن تراب سورية معمد بدماء الابطال، فهو لذلك تراب طاهر بكل المقاييس.
لطالما راهن الزعيم أنطون سعاده على شعبه قائلاً «إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت مجرى التاريخ»، وها هي القوة تغيّر وجه التاريخ في نصر تموز 2006، وفرح تموز 2018.
|