إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

نحن عقليون عقلانيون

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2018-04-26

إقرأ ايضاً


نحن أيها الرفقاء الأعزاء مدرحيون في نظرتنا للواقع ، والمدرحية هي نتاج العقل المنفتح على كل أمور الحياة ، وقد نعته المعلم سعاده بأنه الشرع الأعلى . وهذا يعني أننا عقليون عقلانيون عاقلون سوريون قوميون اجتماعيون . ومجتمع يعتمد على العقل كشرع أعلى هو بالطبيعة والبديهة مجتمع معرفة ، والمعرفة وحّدت بين المادة والروح وأعلنت ان اساس الارتقاء الانساني مادي- روحي، مدرحي . ونظّمت العلاقة بين الدين والعلم باعتبار ان الدين نوع من الفلسفة .وهذه هي فلسفة التفاعل الموحّد للقوى الانسانية من اجل بناء الحياة والنهوض بالحياة الى أرفع مستوى. وقد قال سعاده:" في نظرنا الى الدين من حيث ناحيته الروحية لا السياسية نحن نقول إن الدين للحياة ولتشريف الحياة وليست الحياة للدين ولتشريف الدين ." ويمكن اضافة ايضاً العلم الذي هو لتشريف حياة المجتمع الانساني والرقي بالحياة الانسانية، وليست الحياة الانسانية لتشريف العلم والرقي بالعلم. وهذا هو اتجاه الفلسفة القومية الاجتماعية التي تعتبر ان الدين والعلم كلاهما لتشريف الحياة والرقي بالحياة .ومادام الدين والعلم وسيلتان من وسائل تجويد حياة المجتمع الانساني، فأي عاقل يرفض ان يتعاون الدينيون والعلميون على تحقيق خير المجتمع ؟

فالعلم الذي يناقض العقل هو كالدين الذي يناقض العقل. والدين الذي يحترم العقل هو كالعلم الذي يحترم العقل . وعندما يناقض العلم والدين العقل يتساويان في الهبوط فيهبط الدين الى درك الطائفية والتعصب الأعمى ، ويهبط العلم الى سراديب الانانية والجنون . فاذا خلا العلم او الدين من حكمة العقل تصنم الدين وتحجر العلم ، وبناء على ذلك قال سعاده : " فكل دين يخلو من حكمة يقبلها العقل لا يثبت وقتا كافيا ليدخل التاريخ . فالعاطفة هي جزء واحد وحالة واحدة من اجزاء وحالات النفس الانسانية،وكل دين او ايمان علوي او دنيوي، سواء ابتدأ بالعاطفة أو بالعقل، لا يمكنه ان يقوم بالعاطفة وحدها ، ولولا الكتب والمؤلفات العقلية التي لا يحصى عددها في كل دين لما ثبت الدين الروحاني على الأيام وغزوات العقل. ومقدار ما يطلب من الشؤون العقلية في كل دين يكون على نسبة درجة ارتقاء أهله الثقافي ولذلك نرى كل دين يضطر الى مجاراة الارتقاء العقلي ليثبت فتكثر التفاسير ويتسع باب الاجتهاد لجعل الدين ينطبق على المتطلبات العقلية وضرورات الارتقاء النفساني ... واذا كانت "العاطفة" وحدها تكفي لنشوء الدين فلماذا علّم المسيح تعاليم تطلب تضحيات "عاطفية" ولماذ أقام محمد الشرع واهتم بالحقوق والعقود؟ "

وقد أوضح المعلم سعاده موقفه من الدين بشكل صريح حين قال: " طريق القومية الاجتماعية الذي يشقه الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقود حتماً الى الانحلال الديني ولا الى التفكير في مثل هذا الأمر ولكنه يقود حتماً الى انحلال التعصب الديني وقيام التعصب القومي الاجتماعي مقامه."

ومن المفيد جداً ان نتدبر ما قاله سعاده في رسالته الى الأمين السابق فخري معلوف في 4 آذار 1945 حيث قال عن العقيدة السورية القومية الاجتماعية والعقائد الدينية :

" تعلم، يا عزيزي، أنه ليس في عقيدتنا القومية الاجتماعية ما يحرّم العقائد الدينية أو يحتجز حرية الفكر في أي أمر من الأمور الروحية والقضايا الفكرية بشرط أن لا تطلب الهيمنة على عقيدتنا القومية الاجتماعية أو إفسادها أو تعطيل غايتها الأخيرة، وقد كنت حريصاً جداً على عدم مزج إيماننا القومي بقضايا الإيمان الفردي اللاقومي الذي له صفة مجاوزة حد العقيدة القومية ولذلك فصلت بين كتاب عقيدتنا الذي هو المبادىء وشرحها وكتاب"نشوء الأمم" وكل كتاب آخر يشمل مسائل تخرج عن حدود عقيدتنا القومية الواضحة، فالسوري القومي الاجتماعي يُمتحن سلوكه وعمله ويحاسب وفاقاً لمبادئنا ولا يُمتحن ولا يحاسب بموجب كتاب نشوء الأمم، وإذا كنت أنت قد اقتنعت بخصائص المذهب الكاثوليكي ووجدت في ذلك استقراراً نفسياً من حيث المسائل الروحية التي تصل إلى آماد لا ترمي إليها المبادىء القومية، فذلك لا يجد عندي غير السرور لارتياحك.. وإذا عدت وتمعنت في دفاعي في المحكمة المختلطة وجدت لي تصريحا هاماً، فقد قلت في عرض دفاعي المذكور أني لا أرغب في محو التنوع الفكري من تراثنا بل أرغب في المحافظة عليه وتنميته لأني أرى أنه لازم لفلاحنا وشرح مبادئنا واضح لا التباس فيه.. ومبادئنا وشرحها هي المرجع الوحيد لتفكيرنا المجموعي وكل أقوال الزعيم وكتاباته التي يمكن عدها شروحاً إضافية هي تلك التي تختص بما اختصت به المبادىء القومية الاجتماعية وشروحها فلا يدخل في ذلك أي أمر يتناول الاعتقاد بما وراء المادة والنفس الإنسانية وخلودها ووجود الخالق أو عدمه...".

ويضيف سعادة في نص الرسالة:

"فكتاب نشوء الأمم يمكن اعتماده في مسائل تطور الجماعات الإنسانية نحو كيان الأمة ونشوء القومية بما أورد من الحقائق العلمية والتحليلات والتعليلات المفيدة ولا حاجة لاعتماده في أية قضية عقائدية دينية تتعلق بالنفس الإنسانية مطلقاً وما قبل الحياة وما بعدها..

قد تكون أنت أكثر الأعوان والرفقاء اطلاعاً على آرائي وأفكاري في المسائل الدينية..".

ان عقل الانسان متطور ودائم بتطور الانسان- المجتمع ودوامه ، والمعارف الدينية والعلمية خاضعة لدرجة رقي الانسان- المجتمع الثقافي او تخلفه ، والعقل الراقي هو الذي ينهض بالدين وينهض بالعلم فيكون بنهوض العلم والدين تجويد الحياة وترقية الحياة وتشريف الحياة . وليست قوميتنا الاجتماعية الا من أجل حياة أجود وأرقى وأشرف وترسيخ عقلية اخلاقية جيّدة وراقية وشريفة . نحن عقليون وعقلانيون قبل ان نكون دينيين وعلمانيين ولا قيمة لأيّ دين او علم يخلو من العقل الذي هو هبة الخالق العظمى التي بدونها يستحيل أن يكون الانسان انساناً .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024