لفتتني مهابته وطلّته البهية حين التقيت به مع مجموعة من الرفقاء في أثناء جولة قمت بها كرئيس للجنة تاريخ الحزب، وأذكر من الحضور الأمين إبراهيم الشمالي(1)، ثم عرفت عنه الكثير الحلو، فسعيت إلى أن أحصل على سيرته معلوماته ومرويّاته المفيدة لتاريخ الحزب، فلم أنجح، إلى أن عثرت حين رحت أرتّب محفوظاتي على رسالة رفعها رئيس لجنة تاريخ الحزب في منفذية صافيتا، الرفيق إلياس الجمال، بتاريخ 25/09/2007 مرفق بها المعلومات التالية التي كان حصل عليها الرفيق الجمال في وقت سابق.
إذ نوردها، نأمل من حضرة الأمين د. سمير حجار أن يغني هذه النبذة، بما يصح نشره من سيرة ومسيرة والده وقد كان له حضوره الجيد في المراكز التي تولاها في الجيش، وخارجه.
*
الاسم الكامل: جميل ميخائيل الحجّار.
مكان وتاريخ الولادة: يازدية حمدان – محافظة طرطوس 1923.
مكان وتاريخ الانتماء: حمص 1946.
في العقد الأخير من ثلاثينيات القرن العشرين كان في مرحلة الدراسة الإعدادية، وكان الحزب قد بدأ انتشاره السريع في الجزء الساحلي المتوسط من بلاد الشام، فانخرط في النشاط الحزبي الحزبي من دون أن ينتمي، نظراً لأنه كان حاصلاً على منحة دراسية من البعثة العلمانية الفرنسية في طرطوس المعروفة بِاسم اللاييك، وبسبب موقف الفرنسيين آنذاك من الحزب، ومع ذلك فقد أوشك مرتين أن يفقد هذه المنحة عندما شارك في مظاهرة تُطالب بالاستقلال عندما زار المفوض الفرنسي السامي منطقة الساحل السوري.
انتمى إلى الحزب في 1946 بعد أن أنهى دراسته الثانوية والتحق بالكلية العسكرية بحمص، وكان انتماؤه عن طريق الرفيق الدكتور عبد الكريم الشيخ(2). وتمّ تكليفه بالتنظيم الحزبي في الكلية العسكرية، فكوّن نواة حزبية ما بين زملائه من الطلاب الضباط.
وبعد تخرجه في سنة 1947 بالترتيب الأول في دورته التي أُطلق عليها دورة الاستقلال، تمّ تعيينه مدرباً ومدرساً في الكلية العسكرية، فانضمّ في عمله الحزبي تحت جناح الرفيق المقدم غسان جديد. وفي 1948، طلب ترك التدريب والتدريس للالتحاق بالقوات المتوجهة إلى فلسطين، فأُسندت إليه مهمة مساعد قائد سلاح المدفعية، ثم إمرة بطارية مدافع تمركزت في أطراف هضبة الجولان المطلة على منطقة الحولة وجسر بنات يعقوب، حيث تقع بلدة كعوش التي يدعوها الإسرائيليون مشمارهايردن. فقدّمت المدفعية الدعم للقوات التي خاضت تلك المعركة التي استشهد فيها الرفيقان فتحي الأتاسي وعبد القادر يعقوب(3). كما دعمت أيضاً معركة احتلال تل المالكي في منطقة الحولة الشمالية.
بعد توقيع الهدنة عاد إلى التدريب والتدريس في الكلية العسكرية، وفي هذه الفترة ألمّت بالحزب الكارثة الكبرى باغتيال الزعيم وتعاقب الانقلابات العسكرية بدمشق ما بين مؤيد للاتحاد مع العراق ومقاوم له، فخسر الجيش الكثير من الضباط بالإقالة أو الإبعاد أو السجن، نظراً لولائهم لهذا التيار أو ذاك. وكان الحزب في هذه الفترة في طور إعادة التنظيم بعد الكارثة.
في 1951، تمّ إيفاده في بعثة دراسية إلى فرنسا تبعتها بعثة أخرى للدراسة، فعاد من كلتَي الدورتين بنتائج مشرّفة وتمّ تكليفه برئاسة لجنة لاستلام صفقة أسلحة من فرنسا. وبعد عودته بنجاح، أُنيطت به مسؤولية تأسيس وإدارة مدارس المدفعية، فانصرف إلى هذه المهمة فوضع بعض الأنظمة الخاصة بهذا السلاح، وشارك في وضع بعضها الآخر، وتخرّج من هذه المدارس العديد من الضباط والرتباء، وبقي على رأس عمله حتى 24/04/1955 (أي بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي) عندما تمّ توقيفه مع غيره من الضباط وتقديمهم إلى محاكمة غريبة حكمت عليه وعليهم بالتسريح من الجيش بسبب انتمائهم الحزبي، ومن غرابة هذه المحكمة أنّ بعض أعضائها كانوا أيضاً منتسبين إلى حزب سياسي آخر معادٍ من حيث المبدأ للحزب السوري القومي الاجتماعي. وتجنباً لاستئناف هذه الأحكام، فقد حوّلت القيادة إضبارة الدعوى إلى محكمة عسكرية في الجبهة التي سرعان ما أقرّت الأحكام وأحالتها إلى قائد الجبهة فوافق عليها.
حاول كسب رزقه ورزق عائلته بالعمل في البلاد، فلم يستلم عملاً إلا وكان مجلياً في ميدانه، غير أنّه واجه كما واجه غيره من الحزبيين الملاحقة المستمرة، فغادر البلاد ليعمل في الخارج، حيث برز اسمه في عالم صناعة التأمين، وبقي متجولاً وعاملاً في مختلف البلاد العربية إلى أن عاد إلى البلاد في 2002 مستقراً في مسقط رأسه ومستحقاً لاستراحة المحارب.
هوامش:
(1) الأمين إبراهيم الشمالي: للاطلاع على ما كتبت عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(2) الأمين عبد الكريم الشيخ: كما آنفاً.
(3) عن الرفيقين الشهيدين فتحي الاتاسي وعبد القادر يعقوب. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
|