في النبذة بعنوان "بعض من الأمين مسعد حجل" أوردنا في الجزء الأول بتاريخ 07/06/2017 ما كان أورده الأمين مسعد حجل عن الحزب في منطقة جل الديب.
لمزيد من الإضاءة على بدايات العمل الحزبي في المديرية التي كانت من أولى فروع الحزب، على الإطلاق، نورد ما جاء في الصفحة 219 من الجزء الأول من مجلدات من الجعبة للأمين جبران جريج.
*
أُنشئت هذه المديرية ولم تتبع منفذية المتن الأدنى، بل بقيت علاقتها مع بيروت وكان ضابط الاتصال الرفيق فكتور أسعد(1).
كان نقولا بردويل(2) الذي مرّ ذكره سابقاً، يسكن جلّ الديب وهو من حاصبيا، محافظة لبنان الجنوبي، ويعمل في بيروت. كان يحضر الحلقات التي كان يعقدها جورج عبد المسيح ويبحث فيها أموراً عامة تتعلق بالزراعة وما شابه.
وشاءت التقادير أن ينقطع جورج عبد المسيح عن هذه الزيارات مدة شهر تقريباً، فقصده البردويل إلى "بيت مري" للبحث معه في ما جدّ من شؤون. وجده في برمانا يحضر محاضرة للدكتور خليل البتروني موضوعها "السوريون في المغتربات". عند انتهائها عادا معاً إلى بيت مرّي. يقول نقولا بردويل في رسالته من "كاراكس" تاريخ 25/07/70: " أخبرته عن نشاطي فسُرّ به جداً، ولكن أخذ هذه المرة يبحث معي شؤوناً بعيدة عن التي كان يطرحها عادة معي، أو في الزيارات إلى جلّ الديب، كان هذا البحث أوضح وأجلى من الماضي. استغرقت هذه الأبحاث طوال الليل وامتدّت إلى بزوغ الفجر. افترقنا وأنا أحمل منه رسالة عنوانها: "رأس بيروت، الأستاذ أنطون سعاده، مطعم جرجس حداد"(3).
أخذت الرسالة، وبعد انتهاء عملي قصدتُ رأس بيروت أفتش عن مطعم الحداد، إذ لم أكن أعرف أحداً. دخلتُ المطعم، فرأيتُ رجلاً كامل السن، سألته عن الأستاذ وعن موعد حضوره. فطلب مني أن أنتظره قليلاً. لم يمضِ أكثر من عشر دقائق حتى دخل علينا رجل أشار لي بأنه هو الذي أسأل عنه. تقدّمت منه بكلّ احترام، وعرضت عليه الرسالة مشترطاً أن يبرز لي هويّته أولاً ففعل.
ذهبنا معاً إلى "الكوخ" حيث فضّ الرسالة وقرأها. راح يبحث معي عن عملي وعن شؤون تختص بمهنتي، طال الوقت وما شعرت به، وعندما غادرتُ المكان كان الليل قد أرخى سدوله وطلب مني أن أتردّد عليه كلما سنحت لي الفرص. وبعد اجتماعين فاتحني بأمر الحزب، وضرب لي موعداً لإنهاء معاملة الانتماء.
حضرت في الأجل المضروب مساءً وكان نعمة ثابت، مأمون إياس، عمر اللبان(4) حاضرين جلسة أداء القسم. ختم الزعيم الجلسة بتوجيهاته عن كيفية العمل بلا خوف ولا وجل، ولكن بتحفظ وتأنٍّ.
أصبح في جل الديب عضوان: إلياس زينون، المعلم في مدرسة "وقف الروم الأرثوذكس"، ونقولا بردويل ما عدا نهاد حنا(5) وميشال حجل (شقيق الأمين مسعد) في معهد "البطريركية" في بيروت، يُضاف إليهم عضوان أدخلهما إلياس زينون وهما نسيبه يوسف ضومط زينون ووكيل الوقف سليم سعدالله، وهناك عضو آخر انتمى على يد زينون هو وليم صعب(6) زميل إلياس زينون في التعليم في مدرسة الوقف الأرثوذكسي.
عُيّن نقولا بردويل مديراً لهذه المديرية، ثم استقال ليفسح المجال للرفيق إلياس زينون، اذ هو غريب عن البلدة من جهة، ومن جهةٍ أخرى فهو منهمك في السعي لتأسيس نقابة لصانعي الأحذية، فصناعة الأحذية مهنته(7).
ولا بدّ من ذكر معلّم الأدب العربي في معهد "اللاييك" في بيروت رئيف خوري، الذي ما كاد يعرف بوجود الحزب السري حتى أعجبته الفكرة وانتمى إليها بالرغم من ميوله الشيوعية. وقد جاء عنه في إحدى رسائل الزعيم ما يلي:
" متخرج من الجامعة الأميركانية في أدب اللغة العربية وطالب ظهور وشهرة. دخل الحزب السوري القومي الاجتماعي في سنة 1935، وأراد تنفيذ بعض مآربه وإغفال دستور الحزب وإرادته العامة، فأُهمِل وطُرِد".
" أعود اليوم بالذاكرة إلى اجتماع عقده القوميون الاجتماعيون في جلّ الديب. كان اجتماعاً سرياً جرى في بيت بين البساتين، بيت، لست اذكر الآن بيت من كان. كان الوقت ليلاً. السنة كانت 1935، كنّا فئة قليلة صغيرة، فاجتمعنا في غرفة صغيرة، وأظنّ أن النور كان نور شمعة أو قنديل من الزيت ".
هوامش
(1) فكتور أسعد: من أوائل رفقائنا. تولّى مسؤولية منفذ عام بيروت. عُرف أيضاً بِاسم فكتور أسعد حنا، للاطلاع على النبذة المعممة عنه مراجعة موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
(2) نقولا بردويل: مراجعة النبذة المعممة عنه على الموقع المُشار إليه آنفاً.
(3) جرجس حداد: كان سعاده يتردّد إلى المطعم، أسوة بالعديد من أساتذة وطلاب الجامعة الأميركية، ثم أقام سعاده في غرفة في منزل جرجس حداد كان يؤجرها للطلاب. المنزل ما زال قائماً إلى تاريخه.
(4) عمر اللبنان: من بين الرفقاء الـ 15 الأوائل. مراجعة النبذة المعممة عنهم على الموقع المذكور آنفاً.
(5) نهاد حنا: من بلدة كفر حزير، الكورة. عُرف أيضاً بِاسم نهاد ملحم حنا. من أوائل رفقائنا وكان ناشطاً حزبياً ومتفانياً. للاطلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.
(6) وليم صعب: شاعر معروف، كان يُصدر مجلة "البيدر". للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.
|