في حلقات "سيرتي ومسيرتي" أشرت في أكثر من مكان إلى نشاط الحزب في مناطق عبر الحدود، وفي كثير من النبذات التي تحدثت فيها عن أمناء ورفقاء في مناطق مختلفة عبر الحدود، وعلى الأخصّ في كلّ من البرازيل والأرجنتين شرح وافٍ عن هذا الحضور، إنما هو أقل مما يجب أن يُعرَف.
آمل أن أتمكّن أن أُنجز ما تسمح به الذاكرة، كي أخفّف من الخسارة، فأكتب وأنشر كلّ ما أتمكّن منه.
لا شك ان هناك معلومات كثيرة تتناول عناوين لا تحصى من جوانب العمل القومي الاجتماعي عبر الحدود، نأمل ان نتمكن من إعطائها ما تستحق من شروح وايضاحات ومستندات.
هنا نصّ الحوار الذي أجراه الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب مع عميد شؤون عبر الحدود، ونشرته جريدة البناء في العدد 249 بتاريخ 4 آذار 2010.
*
القوميون في المهاجر ملتزمون قضايا الأمة
تميّزت سيرة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده مع المَهَاجر والمغتربات، بالنضال الزاخر والإنتاج القيّم، على مستويات الإدارة والتنظيم والفكر والثقافة والإعلام، وأَولى الحزب الاغتراب كلّ الاهتمام والعناية، خصوصاً من خلال التواصل الدائم مع القوميين الاجتماعيين المنتشرين بالآلاف في قارات العالم.
ولمناسبة الأول من آذار أجرى الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب "القومي" حواراً مع عميد شؤون عبر الحدود لبيب ناصيف حول شؤون وشجون أوضاع الحزب في بلاد الاغتراب وحضور القوميين الوازن هناك.
• ما هو الدور الذي يقوم به القوميون الاجتماعيون في دنيا الاغتراب؟
- القوميون في المهاجر هم كرفقائهم على أرض الوطن، يقومون بدورهم القومي الاجتماعي التزاماً بالنهضة، وانطلاقاً من وعيهم لمصلحة حزبهم وأمتهم تبوّأ العديد منهم مراكز متقدمة في الجالية حيثما حلّوا، فكانوا على رأس العديد من النوادي والجمعيات في بلدان متفرقة، وفي مختلف القارات. كذلك كان لهم الدور الأساس في تأسيس اتحاد المؤسسات العربية الأميركية (الفياراب) وفي المشاركة في مؤتمراته في الوطن وخارجه، التي كانت تشهد حضوراً طاغياً للقوميين الاجتماعيين.
وكما في "الفياراب"، فإنّ للقوميين حضورهم التاريخي والمتقدم في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، في الأمانة العامة، كما في ترؤّس بعضهم لمجالسها الوطنية، وفاعلين في نشاطاتها، نذكر، كأمثلة، الأمين منصور عازار والرفيق فؤاد غندور(1)، وقد تولّى كلّ منهما الأمانة العامة وكان لهما دورهما الكبير المعروف.
وإذا انتقلنا إلى أميركا الشمالية، نجد أنه كان للقوميين الاجتماعيين دور متقدم جداً في تأسيس "الجمعية العربية الأميركية لمكافحة التمييز العنصري"، وعرفت بالـ ADC(2) على الصعيد المركزي في واشنطن، كما في مناطق أميركا الشمالية، وقد بلغت فروعها، كما أفاد الرفيق د. وفاء نصر(3) في حديث إلى مجلة "الأفكار": 74 فرعاً في الولايات المتحدة و24 فرعاً في كندا.
أضاف العميد ناصيف: لم يقتصر دور القوميين على صعيد الجالية، إنما نرى أنّ عدداً جيداً منهم انتخب في مجالس للبلديات في كثير من البلدان، خاصة في كندا، أستراليا والبرازيل، وانخرط في أحزاب محلية، مترشحاً إلى الانتخابات النيابية.
ونجد اليوم أن أبناء القوميين في مختلف بلدان المهاجر باتوا فاعلين في الحياة السياسية، ومنهم من يتبوّأ مسؤوليات في قطاعات كثيرة، إعلامية وسياسية وأمنية، وفي أحزاب محلية.. إلخ..
*
روّاد الأدب المهجري
أمر آخر من المفيد أن نشير إليه هو دور رفقائنا على صعيد الأدب المهجري، خاصة في أميركا اللاتينية. ففي البرازيل كان الأمين نواف حردان المبادر إلى تأسيس عصبة الأدب العربي، مترئساً إياها، وكذلك الرفقاء الشعراء شفيق عبد الخالق، فارس بطرس، يوسف المسمار وعبد الكريم صبح. المعروف أنّ الأمين نواف حردان أعاد إصدار مجلة "الرابطة" التي سبق أن أصدرتها "الرابطة السورية" وترأس تحريرها الدكتور خليل سعاده، قبل أن يتابع إصدار جريدة "الأنباء" التي كان يصدرها النائب السابق في مجلس الشعب الشامي الأديب عبد اللطيف اليونس. و"الأنباء" صدرت أسبوعية باللغتَين العربية والبرتغالية، في وقت كان الرفيق بدرو تشاكماكيان يصدر جريدة "الوطن" في الأرجنتين باللغتين العربية والإسبانية. وفي فنزويلا أصدر الأمين عبدالله قبرصي في الستينات مجلته "الندوة"(4). وفي أستراليا أصدرت معتمدية الحزب جريدة "النهضة" في كندا، في الولايات المتحدة، في برلين، في المكسيك، صدرت مجلات لقوميين اجتماعيين أو لفروع الحزب.
وعلى صعيد تدريس اللغة العربية، لم يكن رفقاؤنا في بلدان عديدة مقصّرين في هذا الجانب. الرفيق الأب ميشال خوري(5) الذي أسّس كلية في مدينة غويانيا (الوسط البرازيلي) كانت اللغة العربية مادة أساسية فيها. المدارس التي اسّستها معتمدية الحزب في أستراليا في فترة تولي الأمين عبود عبود للمسؤولية. في برلين، وهذه ما زالت قائمة لتاريخه. في كابيماس – فنزويلا حيث، إلى المدرسة بالعربية، أسّس الرفيق عفيف صعب(6) "إذاعة" استمرت لسنوات عديدة قبل أن يترك المهجر ويعود نهائياً إلى الوطن. في بيونس آيرس، في أوتاوا، في ليبيريا، في الكاميرون. تلك أمثلة، وليست كل ما اهتم به رفقاؤنا في المهاجر.
• هذا يوصلنا إلى سؤالكم عن أوضاع أبناء القوميين في الاغتراب؟
- تُولِي العمدة موضوع "الأبناء المتحدرين" ما يستحقه من اهتمام، كونهم باتوا حالة نامية في معظم مناطق الاغتراب. سابقاً كنّا نرى اهتماماً في فروع أميركا اللاتينية إزاء الأبناء، خاصة في الأرجنتين حيث اعتنى الأمين خليل الشيخ(7) بترجمة "نشوء الأمم"، التعاليم السورية القومية الاجتماعية، وغيرها، ووجدنا اهتماماً ملحوظاً أسفر عن انتماء عدد جيد من الأبناء المولودين فيها، وكان لهم دورهم في الجامعات والأندية وفي الجالية.
أما اليوم، فالأبناء المتحدرون متواجدون في كل مناطق المهجر، وباتَ عددهم بالآلاف، ومنتشرون في كل القارات. لذا وجدت التوجّه إليهم عبر لغات أساسية، فتشكّل هذه معبراً ثقافياً للوصول إلى عقولهم.
حالياً، تهتم منفذية الأرجنتين بترجمة كتب حزبية إلى الإسبانية، وتملك موقعاً ثقافياً بالإسبانية، وإذاعة بِاسم "الجذور"(8)، وهذا العمل لا يقتصر على الأرجنتين إنما يتوجّه إلى مناطق اللغة الإسبانية، ومن المنتظر أن يقوم وفد من شبيبة الفياراب يضمّ ما يقارب الستين شاباً وشابة برئاسة المهندس فادي أنطون كسبو بزيارة إلى لبنان والشام.
في ملبورن تأسس عمل مماثل، يتجسّد في الكتب التي يصدرها الرفيق الدكتور عادل بشارة بالإنكليزية وتنشرها دور نشر معروفة في لندن، وقد أنجز منذ نيّف وسنتَين كتاباً ضخماً عن سعاده والحزب بعنوان Antun Sa’adeh – The Man, His Thought, An Anthology، فضلاً عن استمراره بإصدار مجلة فصلية بالإنكليزية "المشرق"، وعمد مؤخراً إلى تأسيس موقع باللغة الإنكليزية www.syria-wide.com. الأمين الدكتور إدمون ملحم بدوره أصدر كتباً وكتيّبات بالإنكليزية، ويساهم في الموقع الثقافي، كما في لقاءات إذاعية مع طلبة وشباب، باللغة المذكورة، الى إغراقه المكتبة القومية الاجتماعية بكثير من الدراسات العقائدية رفيعة المستوى.
يتواجد في ملبورن عدد جيد من القوميين وعائلاتهم، لهم حضورهم ويتمتعون بكفاءة جيدة، نذكر منهم سامي سارة، وشام سارة الذي انتُخب منذ مدة رئيساً لاتحاد الطلبة في الجامعة الوطنية في أستراليا. في ألمانيا يعمل الرفيق سرجون كرم مع مجموعة من القوميين على تأسيس موقع ثقافي باللغة الألمانية، ومن المرجح أن يبدأ عمله في وقت قريب جداً، ويتواصل مع عدد من القوميين لتأسيس موقع ثقافي باللغة الفرنسية. كل هذه المواقع تتوجه إلى الأبناء المتحدرين، وتشكّل جسر عبور إليهم عبر اللغات الأساسية، ونأمل أن يتوسع هذا العمل وينمو.
ويُعمل حالياً مع مركز الدراسات العربية في جامعة التشيلي الوطنية لإلقاء محاضرة فيها عن أنطون سعاده: حياته، حزبه، فكره، صلاحية مبادئه لمشكلاتنا المعاصرة، بعده الإنساني.
وفي المجال الفني، نجد أن فروعاً حزبية عديدة اهتمت بتأسيس فرق للرقص الشعبي تولّت تقديم عروض رقص وفنون شعبية في الكثير من الأماكن. نشير بتنويه إلى فرقة ميسلون في تورنتو، التي احتلّت عام 2009 المرتبة الأولى بين 25 فرقة تقدّمت إلى المهرجان الفني الذي تقيمه بلدية ميسيساغا (تورنتو) كل عام.
ولا بدّ هنا، للتاريخ، أن نشيد بما كانت حققته فرقة "صنين" التي أنشأتها مديرية أنابوليس (الوسط البرازيلي) في الفترة 1980 – 1984، وتميّزت بحضورها في المناسبات الحزبية والقومية في كلّ من أنابوليس، غويانا، برازيليا وغيرها، وكان من أبرز المشرفين والقائمين عليها الرفقاء والرفيقات لويس بشور، فداء الأحدب، راجح وراغب وإلياس عوض، جهينة توما بشور.
*
"الجامعة اللبنانية الثقافية"
• ما هو الدور الذي يلعبه القوميون لجمع شمل المغتربين، خصوصاً ما نسمعه عن خلافات داخل الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم؟
- وضعنا مع ما يسمّى بجامعة الانتشار مشابه لقصة جحا. فليس المهم أن ندعو إلى وحدة الجامعة اللبنانية الثقافية، أو أن نسعى إلى ذلك، انطلاقاً من عقيدتنا العاملة على وحدة المجتمع بكل أطيافه وتنوّعاته ومكنوناته، إنما أن يرضى الفريق الآخر، إذا ما طلق أي ارتباط له بقوى أجنبية وقرّر أن يأخذ بالنهج الذي يحفظ السلم الأهلي، ويؤكد ارتباط لبنان بمحيطه القومي والعربي.
فالجامعة اللبنانية الثقافية التي يرأسها أحمد ناصر، ويتولى أمانتها المواطن الصديق بيتر الأشقر، كانت معنية بالتعاطي إيجاباً مع دعوة رئاسة الجمهورية، المترجمة إنشاء لجنة للحوار تألّفت من السادة: هيثم جمعة، بهجت لحود، سمير حبيقة، لطيف أبو الحسن، فؤاد الترك، عبد الإله ناصر، كميل فنيانوس، د. فيليب سالم وعلي سعادة.
ففيما الاجتماعات تُعقَد، نرى تجمعات اغترابية تلتقي في المكسيك لتنفرد في انتخاب هيئة جديدة، ضاربة عرض الحائط وجود جامعة منتخبة شرعياً ومعترف بها من السلطات اللبنانية، ولها مكتبها في وزارة الخارجية والمغتربين. تلك التجمعات ليست بعيدة عن نهج قوى في لبنان ما زالت تراهن مع الأسف على دور "إسرائيلي" ينسف كلّ ما جرى التوافق عليه في "الطائف" وفي "الدوحة" وقائم حالياً في لبنان.
على القوى أن تعود عن نهجها المشبوه، وأن تأخذ بالانتخابات الشرعية التي انبثقت عنها الإدارة الحالية للجامعة، وترضخ ديموقراطياً لنتائج أيّ انتخابات شرعية بإشراف الدولة. أما إذا أصرّت أن تبقى امتداداً لقوى معيّنة معروفة في الداخل تملك قراءة مختلفة، ونهجاً مختلفاً، فإنّ أي دعوة لإعادة شمل الجامعة اللبنانية الثقافية تبقى عند حائط مسدود.
*
المناسبات الحزبية والقومية
• هل لكم أن تحدثنا عن نشاطات القوميين في الاحتفالات والمناسبات الحزبية والقومية؟
- سابقاً، وحالياً، يشارك القوميون في كل تحركات الجالية، وكثيراً ما تحصل بمبادرة من فروع الحزب. وللقوميين دور كبير في المعركة التي تخوضها أمتنا ضد "إسرائيل" والقوى المعادية. وجدنا ذلك بُعَيد الثورة القومية الاجتماعية واستشهاد سعاده، حيث هبّت فروع الحزب في تحركات إعلامية وسياسية ومالية، كذلك إزاء المحنة التي واجهها الحزب في الشام بعد مؤامرة اغتيال العقيد عدنان المالكي، وصولاً إلى سعيها الناجح للإفراج عن الأمينة الأولى والرفقاء الأسرى، ثم بعد فشل الثورة الانقلابية وما رافق ذلك من تحرّك شامل لفروع الحزب دعماً لرفقائهم الأسرى وما عانوه من عذابات معروفة، رأيناها في حرب 1967 وفي كل الاعتداءات "الإسرائيلية" على أرضنا وشعبنا، في المؤامرة التي حيكت ضدّ لبنان لإنشاء الكانتونات الطائفية واندلاع الحرب الأهلية عام 1975، في الحرب على العراق، في تموز 2006، في الحرب على غزة. في كل معارك أمتنا كانت فروع الحزب عبر الحدود في صلب التحركات والمسيرات والمظاهرات، ولا نستثني هنا أي فرع في أي مكان. الإعلام الحزبي كان ينشر القليل عن تلك التحركات، أما الكثير فمعروف من السفارات والقوى السياسية والجهات المعنية. أما على صعيد الاحتفالات الحزبية، ففروع عبر الحدود، كفروع الوطن، يحيون المناسبات الثلاث (أول آذار – 8 تموز و16 تشرين). في ذكرى التأسيس عام 2009 وجدنا أن الاحتفالات جرت في المناطق التالية: كنشاسا، أنغولا، أكرا، كالغري، ليبيريا، الأرجنتين، غويانا، المكسيك، سويسرا، باريس، ستوكهولم، برلين – ألمانيا، ملبورن، سدني، تورنتو، أوتاوا، مونريال، ديترويت... هذه الاحتفالات نشرنا ما وردنا منها من تقارير وصور، بالمقابل هناك فروع عديدة احتفلت إنما لم نجد، لسلامة أوضاعها، أن ننشر عنها.
• ما هي كلمتكم بمناسبة مولد الزعيم أنطون سعاده؟
- هي كلمة الحزب. أن يستمروا نابضين بحياة الحزب والأمة. إلى الرفقاء العاملين، أن يضاعفوا من عملهم. إلى الرفقاء الذين، لاي سبب، تقاعسوا، نقول لهم إنّ أمتهم تحتاج إلى أبنائها، وحزبهم يحتاج إليكم وإلى كل أعضائه.
أول آذار وقفة مع الذات. استذكار للقسم. عودة إلى سعاده المعلم، الهادي، الفادي، الشهيد، الباقي أبداً نوراً يضيء لنا طريق المستقبل.
هوامش:
(1) هناك تطورات كثيرة طرأت على الحضور الحزبي في الجامعة اللبنانية الثقافية تمثل بالامناء مسعد حجل، فاروق أبو جودة، احمد عزالدين، رشيد رسامني، والرفقاء فؤاد خليفة، احمد بشير، عزام سبيتي، عادل زيدان وغيرهم مما لا تحضرني أسماؤهم لوفرتها، فنعتذر.
(2) لا يسعنا ونحن نتحدث عن منظمة الـ ADC الا ان نذكر بتقدير الدور اللافت الذي كان يقوم به الرفيق الدكتور صفا رفقه.
(3) وفاء نصر: مراجعة النبذة المعممة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(4) مجلة "الندوة"، كما آنفاً.
(5) الاب ميشال خوري: كما آنفاً.
(6) عفيف صعب: كما آنفاً.
(7) الأمين خليل الشيخ: كما آنفاً.
(8) نشير بتقدير الى الدور الذي تقوم به الامينة تمارا للي .
|