من كتابه "كلمات تأبى الانحناء" يورد الرفيق حسن مرتضى في الصفحات 49-50-51 المقالة التالية، التي كان نشرها في جريدة "الديار" والتي يفيد نشرها لمزيد من التعريف عن الرفيق نديم جواد الذي كان له حضوره اللافت، حزبياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً في الشمال اللبناني، والذي كنت نشرت عنه بتاريخ سابق ويصح ان يكتب عنه عارفوه الكثير من رفقاء وسياسيين ورجال اقتصاد ومجتمع في الشمال اللبناني.
ل. ن.
*
نديم جواد في مذكراته
نديم جواد كما بدأ يظهر اسمه في حركة الحزب السوري القومي الاجتماعي في مطلع الخمسينات من الأسماء التي تركت، خلال مسيرتها، مؤشرات عززت مصداقية الانتماء والالتزام بنشر تعاليمها وأفكارها قولاً وعملاً في جميع مراحل حياته.
في مطلع شبابه اقتحم معترك الحياة بجرأة وعزيمة صادقة حين خلع عمامته قبل ان تستقر فوق رأسه ليبشر بفصل الدين عن الدولة ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين .
في مذكراته التي كتبها اخيراً، بعد إلحاج من محبيه، نرى صورة الوطن كما لو انها منقولة بكاميرا محترف، توخى في نقلها عدم التدخل في زخرفتها وتلوينها وتلميع صورته فيها.
لم ينحصر نشاط نديم جواد في دائرة مسؤوليته في الكورة ومحيطها بل نراه يتجاوزها ليصل الى مركز القرار في حزبه فيشارك في مناقشة اكثر الأمور الطارئة وغالباً ما يتحول الى ضابط ارتباط بين قادة الحزب وكبار المسؤولين في الدولة والمجتمع فنراه يجتمع إليهم في بيته او في بيوتهم لما كان يتمتع به من صداقة وتواصل معهم...
يمر اسم كميل شمعون وشارل مالك وكرامي الاب والابن والحسيني وريمون اده وغيرهم ممن كانوا يتبوأون المراكز المتقدمة في الدولة والمجتمع فلا نرى ضلالا للتباهي بذلك، ويستعرض ما أنجز من أمور هامة باعتبارها واجباً يقوم به بلا تبجح ولا مباهاة كما نشاهد في مرويات الآخرين...
تكاد تنفرد مذكرات الرفيق نديم عن سواها بالابتعاد عن السرد الكلامي الممل، وبغناها بالصور الفوتوغرافية التي ترافق الاحداث وتوثقها.
وتشعر في مشاويرك معه بنشوة اعتزاز حين يقتحم في مشهد منها اجتماعاً مغلقاً لكبار قادة المقاومة ليعارضهم ويخطىء قرارهم المرتجل بنقل معركتهم الى منطقة وان الساحة فيها لا تشكل بأية صورة من الصور الرد الصحيح على معركة تل الزعتر وان الانفعال وارتجال مثل هذا القرار الخاطىء سوف يعرضنا لهزيمة نكراء ويلحق الدمار والخراب والتهجير بالمنطقة وابنائها...
وصحت توقعاته.
وتتوضح أمامنا بعض من ملامح الرفيق نديم في الازمات وهو يتصدى لها بجرأة وثبات. يقصف بيته اكثر من مرة ويدمر وتشرد عائلته الصامدة معه بعناد في جميع مواقفه من أم جواد الى جواد وأخوته فلا يهادن ولا يتراجع في اندفاعه لتحقيق ما يؤمن به ويصادم حتى قادة حزبه فلا يتزحزح قيد شعرة عن قاعدته فيسارع الكثيرون من رفقائه ومعارفه لمحاولة مد يد العون لمساعدته في الازمات الخانقة التي كان يتعرض لها فيرفض بعناد وإباء أي مساعدة حتى ممن يدينون له بالكثير الكثير.
ولا اتماجى في الحديث عما تركته في نفسي هذه المذكرات الحافلة بالاحداث الجسام التي تعرض لها الوطن وكان على مسافة قريبة منها وأطيل الحديث عن الإنجازات التي حققها الرفيق نديم منذ غادر موقعه في دنياه والأكثر راحة في آخرته ليلتحق بركب المصاعب والالام حاملاً صليبه في مقدمة صفوفها لا يبالي بجراحه النازفة وهو يتصدى لتضميد جراح أمته البالغة...
وأنني في ختام هذه الكلمة الموجزة عن مذكرات الرفيق نديم أضم صوتي الى أصوات الاحبة من الرفاق والأصدقاء فأطالبك يا رفيقي الحبيب ان تفك الاسار عن تلك الاحداث التي تختزن اسراراً لا يملك مفاتيحها سواك في القسم التالي من مذكراتك التي ننتظرها بشوق.
|