في الستينات من القرن الماضي عندما كانت أجهزة المكتب الثاني تتربص كل حركة يقوم بها القوميون الإجتماعيون، كان رفقاء ومواطنون أصدقاء نشطون في منطقة الغرب، بدءاً من الشويفات التي تولى مسؤولية العمل الحزبي في قطاع الطلبة الرفيق الراحل منير أبو غانم(1) إلى ثانوية الأرز النموذجية في عالية(2). وصولاً إلى بلدات عديدة، حبذا لو كتب عن تلك المرحلة أو يكتب رفقاء تولوا المسؤوليات و أو نشطوا في تلك المرحلة، ومنهم الأمناء: محمود عبد الخالق، حافظ الصايغ، د. غالب نور الدين، بديع خوري، بهيج أبو غانم، ناصيف الغريب، وغيرهم من رفقاء يصعب تعدادهم .
من الذين أذكر أنهم تحركوا في مدينة عالية، خاصة في أشهر الصيف، وقد كان عدد منهم يصطافون فيها، الرفقاء كابي، جورج، وأولغا أبو شكر(3)، وليد يارد(4)، انطون خوري(5) وشقيقه سماحة، سمير تميمي(6)، سامي فاضل(7)، هاني النفي(8) ونجوى حمادة(9) وكثيرون .
في تلك الفترة تعرّفت إلى الرفيق جهاد قاسم عبد الخالق(10) بعد أن كنت تعرفت إلى شقيقه الرفيق شوقي، فإلى عمه الرفيق فايز (أبو رمزي) ولاحقاً إلى شقيقته الرفيقة سميرة عادل شجاع وربطتني إليهم جميعهم أواصر شديدة من المحبة والثقة والإرتياح، امتدت إلى الأزواج والزوجات فالأولاد، وإستمرت.
*
عندما غادر الرفيق جهاد إلى ليبيريا، كنتُ توليتُ مسؤولية عميد لشؤون عبر الحدود بحيث استمرّت علاقتي به أكثر رسوخاً وثقة، ومعرفة بما يتمتع به من أصالة، وصدق في الإنتماء، إلى وعي حقيقي لقضية الحزب. فيها نشط حزبياً وتولى مسؤولية ناظر مالية المنفذية، إلى أن انفجرت الأحداث الدامية في ليبيريا فغادرها إلى بيروت ثم إلى مدينة "الباسو" في تكساس - الولايات المتحدة، ومثله غادر رفقاء عديدون إلى مناطق أخرى عبر الحدود، أو عادوا إلى الوطن ليؤسسوا فيه أعمالاً ناجحة.
وعاد الرفيق جهاد إلى الوطن ليتابع نشاطه الحزبي، خاصة في عمدة المالية وهو على معرفة جيدة ومديدة في الحقل المالي، من خلال دراسته الجامعية، كما عبر توليه أكثر من مرة مسؤولية ناظر المالية، واستعنت به في "شعبة التحقيق" في عمدة الداخلية في فترة تولّي مسؤولية العميد، فكان، كما في كل تعاطيه وأعماله، ضميراً متوقداً ووجداناً حياً.
وإقترن الرفيق جهاد بالمواطنة الفاضلة سلوى حسيب فياض التي، وإن لم تنتمِ، فهي مؤمنة بالقضية القومية الإجتماعية، إلى كونها شقيقة لرفيقين: الكاتب العدل وهيب فياض الذي لم يستمر في الإنتظام الحزبي، وشكيب الذي كان نشط، وإستمر، وأذكر أنه كان شاهداً على قسم الرفيقة إخلاص حردان، قبل أن تقترن بالأمين لبيب ناصيف، وتنال لاحقاً رتبة الأمانة .
ورزق من الفاضلة سلوى ثلاث شبان يتمتعون بالكثير من الذكاء والكفاءة وقد حقق كل منهم نجاحاً في مجال عمله: الرفيق جبران، الرفيق د. فراس والمواطن المتفوق علمياً جولان .
*
الملفت في الرفيق جهاد أنه لم يتناول أحداً من الأمناء او الرفقاء وأنه، إذا إضطر فكان نقده، بناءً، محباً وإيجابياً. سمته في التعاطي الحزبي العام: اخلاقية مميزة وتجسيد لفضائل النهضة، فهو أخد عن سعاده الكثير، وسمع الكثير أيضاً من صهره الأمين الرائع والقدوة، عادل شجاع، فكان تلميذاً نجيباً لكل منهما.
*
لا يمكنني أن أستعيد الرفيق جهاد عبد الخالق إلى ذاكرتي إلا وأستعيد معه مجموعة رائعة من أمناء ورفقاء عرَفتهم منفذية ليبيريا: الراحلين الأمناء: فؤاد صعب، رشيد رسامني، عادل شجاع، حسن ريدان، محمد جابر. والرفقاء: فؤاد خليفة، سامي حرب، علي حمزة، محمد سبيتي (أبو عبدالله) ونبيل احمد عز الدين.
ولا أنسى من هم قيد الحياة، وأرجو لهم العافية ومديداً من العمر، الأمناء: أحمد عز الدين، مصطفى الشيخ علي، رامز دهام، أحمد بشير والرفقاء: رائف عياد، عزام سبيتي، رزق الله سرحان، وميشال بصيبص.
كنا نتبادل السكن في بيت واحد
ذات يوم، وفي لقاء مع الرفيق جهاد عبد الخالق، فاجأني بمعلومات أدهشني، فالمنزل الذي كانت عائلته تقطن فيه شتاء هو نفسه التي كانت عائلتنا تصطاف فيه صيفاً. منزل "العم" فؤاد نصار(11).
مدينة الباسو في "تكساس"
عندما غادر الرفيق جهاد إلى ولاية الباسو، إهتم مع من فيها من رفقاء في إقامة وحدة حزبية ناشطة، أذكر من الرفقاء: الدكتور سامي شهيد زيدان، سامي حداد الذي كان مقيماً في مدينة Las Cruses المجاورة، والمواطن الصديق رشيد وديع نصار، وصدف أن انتقل إليها الأب الرفيق جهاد ميخائيل، فتحولت الباسو إلى حالة مضيئة من الحضور الحزبي.
*
وفاته
وافت المنية الرفيق جهاد قاسم عبد الخالق في 16/7/2012، ويوم الثلاثاء 17/7 ووري الثرى في بلدته "مجدلبعنا" بحضور حشد من رفقاء وأصدقاء وأهالي البلدة، ومنفذية الغرب، ومن منفذيتي الشوف والمتن الاعلى.
تقبلت قيادة الحزب وعائلة الرفيق الراحل، التعازي يوم الثلاثاء 17/7 في مجدلبعنا، ويوم الأربعاء 18 تموز في دار الطائفة الدرزية في بيروت.
كنت في مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود عندما وافت المنية الرفيق جهاد عبد الخالق، فنشرت الكلمة التالية عنه بتاريخ 16/7/2012:
" خسرت بلدة مجدلبعنا والحزب السوري القومي الإجتماعي، رفيقاً من الصفوة، عرف الحزب مثالية وقدوة ونهجاً نهضوياً، وبنى أسرته على مفاهيم الحزب وتعاليم سعاده، مستمراً على إيمانه الواعي والتزامه الصادق منذ أن رفع يمينه بالقسم وهو يافع، إلى أن بدأ مشواره مع الداء العضال، فصارعه بجبروت القومي الإجتماعي، واستمر يعانده ويتحداه ويقوى عليه، إلى أن إنتصر الداء يوم السبت الفائت لينتشله من بين عائلته وأهله ورفقائه وأصدقائه، هو الرفيق:
جهاد عبد الخالق (أبو فراس)
والدته: بهية سعيد عمار
زوجته: سلوى حسيب فياض
أبناؤه: الرفيقان د. فراس وجبران، والمواطن جولان.
شقيقته: الرفيقة سميرة زوجة المرحوم الأمين عادل شجاع وأولادها .
أشقاؤه: عائلة المرحوم الرفيق شوقي، الرفقاء: فادي، نايلة وإياد وعائلاتهم، المواطن غسان وعائلته،
أعمامه: المرحومون محمود، توفيق، شفيق، فايز وعائلاتهم .
عرفته منذ أوائل ستينات القرن الماضي، ناشطاً في أوساط الطلبة، عقائدياً، يحيا الحزب بنظامه وتعاليمه ويجسّد القسم في نهجه الحياتي.
وعرفته مسؤولاً ناجحاً في منفذية ليبيريا، ثم ناشطاً حزبياً في الباسو – تكساس بعد ان سيطر الجنون في البلد الإفريقي وأطاح به، وبالكثير من مهاجري شعبنا إليه .
ثم عرفته في لبنان وقد عاد إليه مستمراً في التزامه الحزبي، ومشاركاً الفاضلة عقيلته سلوى في بناء أسرة ناجحة، ومثلهما، تفيض مناقب وتلتزم نهج الحزب النهضوي .
خسر شقيقه الرفيق شوقي، ثم صهره الأمين عادل شجاع، فإبنه الرفيق وسيم شجاع، وإستمر رغم آلامه، وبدايات فعل الداء العضال في جسده، على بشاشته وتفاؤله وحبه للحياة، وعشقه للحزب الذي لم يبارحه في أي لحظة.
غداً ستسير مجدلبعنا ورفقاؤه فيها وفي الغرب ومن اي مكان في الوطن والمغترب الليبيري عرف الرفيق جهاد جيداً، ورافقه في مشواره الحزبي الغني بالعمل الجاد والالتزام الواعي، والى جوار نعشه سيؤدون التحية وفي كل عين منهم دمعة حزن ووفاء ولوعة كبيرة.
هوامش
(1) منير أبو غانم: والده المربي والأديب والشاعر فؤاد أبو غانم شقيق الأمين كمال، والرفيق فوزي. نشط جيداً في ستينات القرن الماضي، وله الفضل في إنتماء العديد من الرفقاء الطلبة.
(2) ثانوية الأرز النموذجية: مراجعة النبذة عنها في قسم أرشيف تاريخ الحزب على موقع "شبكة المعلومات السورية القومية الإجتماعية www.ssnp.info " .
(3) الرفقاء أبو شعر: من الأشرفية، والدهم الرفيق نعيم كان نشط حزبياً وتولى مسؤولية خازن منفذية بيروت. الرفيق جبران درس في مدرسة البشاره وتابع دراسته الجامعية في اليسوعية. رجل أعمال ناجح. الرفيق جورج غادر إلى فرنسا وتخرج طبيباً، مقيم في مدينة بوردو. أولغا سيدة منزل، كانت تابعت دراستها في الجامعة اليسوعية ونشطت فيها حزبياً، كانت أقسمت اليمين في الستينات في منزل العائلة في المصيطبة.
(4) وليد يارد: ارتبطت أسماء والده وأعمامه بشركة "يارد" التي كانت تملك باصات على خط بيروت – عاليه - سوق الغرب. مستمر على إيمانه الحزبي، سبق أن تولى مسؤوليات حزبية عديدة.
(5) أنطون خوري: تحدثنا عنه أكثر من مرة، كما عن شقيقه الراحل الدكتور سماحه الذي كان استاذاً في جامعة بوردو. له مؤلف بعنوان "صراع مصيري". للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المشار إليه آنفاً.
(6) سمير تميمي: غادر إلى منطقة ماربيا في اسبانيا، ما زال عند التزامه .
(7) هاني النفي ونجوى حمادة: الإثنان من أبناء مدينة بيروت، لم أعد أعرف عنهما شيئاً.
(8) الباسو: مدينة حدودية مع المكسيك. كان للحزب فيها مفوضيه عاملة، من أركانها الرفيق الدكتور سامي زيدان الذي كان يعقد حلقات تثقيفية ينضم إليها رفقاء ومواطنون، الرفيق سامي كان نشط في الأشرفية ثم غادر إلى "الباسو". كان يتمتع بثقافة عقائدية جيدة، خسرناه باكراً. إليها غادر الأب جهاد ميخائيل، من بلدة "مقعبرة" التي منها الامين سهيل رستم، الذي كان أبلغنا عن قريبه الأب جهاد، وعلى أنه مؤمن بالقضية القومية الإجتماعية. كان يحضر إلى الباسو (للعمل الحزبي وللحلقات التثقيفية) الرفيق سامي حداد، شقيق الرفيقين د. حسني حداد، والمهندس منير، وكان يقطن في مدينة مجاورة.
(9) جهاد قاسم عبدالخالق: نضيف إسم الأب قاسم، لنفرق عن رفيق آخر توفيق عبد الخالق، وهو كان ساهم مع الرفيق جهاد قاسم في عمدة المالية، وفي أعمال محاسبة شركات، وتدقيق حسابات، وكانا معاً إلى سنوات، إلى أن غادر الرفيق جهاد توفيق الوطن، ووقع الرفيق جهاد قاسم فريسة الداء الخبيث.
(10) كان الوالد يصطاف في منزل في بناية العم فؤاد نصار الذي شدتنا إليه، إلى عقيلته الفاضلة "تانت نجلا" وأولاده ميشال، كابي، مي ود. كميل علاقة وطيدة من المحبة بحيث كنا نتعاطى كأننا عائلة واحدة. كذلك مع شقيقه "العم وديع" وعقيلته الفاضلة "تانت سعدى" وأولاده: رشيد، يولا، ميلاد، المرحوم سامي وأنيس (سعادة النائب). ولأن الوالد أحب "سوق الغرب" التي كانت تتبع كنسياً مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، وله علاقته مع المتروبوليت إيليا صليبي الذي يتوجه إلى عائلة ناصيف (أمه من آل ناصيف) "عظام الرقبة" فقد إشترى قطعة أرض إلى جانب بناية توفيق نصار (الثالثة بعد بنايتي فؤاد ووديع) ليبني فيها دارة مناسبة، إلا أن القدر كان أسرع، فسقط فريسة الأمراض إلى أن رحل.
|