كنا بتاريخ سابق عممنا عن رفيقات تميّزن كل في مجالها.
نعيد تعميم النبذات عنهن.
*
الـرفـيـقـة نـوريـة النـابـلـسـي
شاعـرة ومناضـلة، وزوجـة لمناضل
الرفيقة نورية محمد النابلسي التي ودعناها في مأتم مهيب، لها من تاريخها الحزبي والتربوي والثقافي، كما من تاريخ زوجها الامين سليم صافي حرب، ما يُكتب عنه باعتزاز، خاصة اذا علمنا انها الرفيقة الوحيدة ربما التي نظمت شعراً باللغة الفرنسية، وترجمت، ووضعت دراسات عن الاديان عبر التاريخ، ولها ملاحم شعرية بالفرنسية عن قرطاجة وهنيبعل بلغت 2500 بيتاً.
الرفيقة نورية النابلسي صافي حرب:
انتمت الرفيقة نورية محمد النابلسي عام 1948 بحضور الامناء الياس جرجي قنيزح، نجلا معتوق حداد، وسليم صافي حرب.
مارست التعليم في مدارس وزارة التربية الوطنية وحازت على اكثر من رسالة تقدير، منها هذه الرسالة الموجهة من مدير التعليم الابتدائي جورج صليبي بتاريخ 31 ايار 1961 وهذا نصها:
حضرة السيدة نورية نابلسي
المدرّسة في مدرسة الصلاح الرسمية للبنات
بواسطة حضرة رئيس إدارة التربية في الشمال
أفادت مديرية مدرسة الصلاح الرسمية للبنات في كتابها تاريخ 28/03/1961 أنك تبذلين جهوداً في سبيل تقدم تلميذاتك.
ان هذه المديرية، بناء على موافقة حضرة المدير العام، تقدر جهودك، وتأمل ان تتابعي عملك على هذا النحو المشكور".
*
• شاعرة بالفرنسية، لها مجموعة قصائد أصدرتها في ديوان حمل العنوان التالي:
"Le Liban au grand desastre"، ولديها ملاحم شعرية بالفرنسية من 2500 بيت عن قرطاجة وهنيبعل، إنما لم تطبع.
• أصدرت كتاباً يعتمد في المدارس بعنوان لنتعلم الفرنسية بالترجمة:
"Apprenons le francais par la traduction".
• لديها دراسات غير منشورة عن الاديان عبر التاريخ من 600 صفحة، وترجمت الرواية التاريخية "أسد بابل" للأمين نواف حردان إلى الفرنسية.
• كرّمتها منفذية طرابلس في احتفال جرى في مكتب المنفذية حضره عميد الدفاع الامين وائل الحسنية الذي سلّمها درع التكريم، منفذ عام طرابلس في حينه الامين زهير الحكم، النائب عبد الرحمن عبد الرحمن، الدكتورة مي سعاده، اعضاء هيئة منفذية طرابلس وحشد من القوميين الاجتماعيين والمواطنين.
• وجرى لها تكريم آخر في المركز الثقافي القومي في طرابلس بتاريخ 09/07/2004 ألقى فيه وكيل عميد الثقافة في حينه الامين نعيم تلحوق كلمة جاء فيها:
كلنا ينشأ، لكن قليل منّا من يظفر بشرف الموت من اجل عقيدة حياة حرة شريفة، يسعى فيها الانسان إلى استكناه معنى وجوده، وإستدراك مشكلة الخلق منذ بدء التكوين، فيبدأ بالتفتيش عن ذاته في الآخر الذي هو النحن الكبيرة. هذا ما قصده باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده...
فالرفيقة نورية وثقت بمشروع حياة جديدة عبر ارتباطها بالأمين سليم صافي الذي عانى وإضطهد وسجن في محطات حزبية مختلفة، كان الحزب هو الهاجس بدمه وروحه، فآثر ان يألف الظلم على أن لا يخرج عن قناعاته، فكان الدور لنصفه الآخر الرفيقة نورية التي أحاطت اولادها الثلاثة وربّتهم تربية سليمة، في الوقت الذي كانت تعلّم فيه اللغة الفرنسية في الصفوف التكميلية لمدرسة الصلاح الرسمية للبنات في أبي سمرا، إضافة إلى دروس خصوصية تعطيها في المنزل لتكسب عيش تعليم اولادها، فخرج فضل دورها عن نطاق الاسرة والمعاناة الحزبية ليطغى على معظم ابناء طرابلس والشمال. فاختارت طريق النضال إلى جانب زوجها المسجون(1) كي تصارع كفاية الظلم والقهر والاضهاد وحرق منزلها. فإنتمت إلى مدرسة النهضة، وتجدّر مفهوم الحزب في داخلها، ومارست شعارات النهضة السورية القومية الاجتماعية قولاً وعملاً دون تأفف أو تذمّر.
ومن خلال الخلال، لم تترك الوقت يضيع سدى، فتحرك إبداعها إلى العمل الدؤوب على ترجمة قصائد شعرية باللغة الفرنسية وهي تهمّ بتحقيق هذا المشروع على امل ان يكون لعمدة الثقافة جانب المشاركة في إصداره.
ضمن هذا الاعتبار نتداعى حول نورية النابلسي لتكريم صدقيتها تجاه نفسها وإنسانها ومجتمعها فيصبح التكريم مصادقة على قيمة عملها وإبتكارها كحجّة دامغة للأجيال المقبلة كي نصير نحن لا بما نحن فحسب بل بما يجب ان نفعل وان نقول وأن نكون.
ويأتي تكريم الرفيقة نورية في مناسبة الثامن من تموز وضمن سلسلة نشاطات مئوية سعاده لنقف على معنى التضحية التي يقدمها القوميون الاجتماعيون في سبيل مجتمعهم وامتهم كما زعيمهم سعاده.
بإسم عمدة الثقافة والفنون الجميلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي أتقدم من الرفيقة نورية بالتهنئة على مصداقيتها ونضالها وجهدها وعملها الدؤوب، ولطرابلس والشماليين جميعاً بالتحية الصادقة، وللسوريين القوميين الاجتماعيين التواصل الدائم مع حركة الخلق والابداع. وشكراً لكم.
*
صاحبة الصوت الرائع، بأناشيد الحزب
الرفيقة أدال نصر
في المهرجان الذي أقامه الحزب في بلدة ضبية في 6/11/1961 صدح صوت امرأة، لم أكن سمعت أحلى وأصفى وأقوى منه، يطرب آلافاً ممن حضروا الى ضبية من كل انحاء المتن الشمالي والاقضية المجاورة.
وأنشدت:
موطني يا توأم التاريخ يا دنيا الخلود
من مرامي بحرنا السوري للشرق البعيد
أمتي يا موكب الأجيال في الجيل الجديد
سوريا انت الربيع السمح في عمر الوجود
من جدودي الخالدينا
انت لي دنيا ودينا
يا أغاريد هوانا يا زغاريد رؤانا
سوريانا
سوريانا
بقي هذا الصوت يلازمني. أردد النشيد بصوتي الذي يحتاج الى صوت، واطرب.
في أواسط ستينات القرن الماضي عندما عُينت رئيساً لمكتب الطلبة، وكان المكتب معنياً بتنظيم الطلبة في كل الجامعات والمعاهد والثانويات، رحنا ننظم رحلات للرفقاء والمواطنين من طلبة جامعيين وثانويين. كانت الرحلة الواحدة تضم أكثر من بوسطة واحدة وسيارة صغيرة.
لم أعد أذكر من اقترح علينا ان تنضم الرفيقة أدال نصر الى تلك الرحلات. انما أذكر جيداً انها كانت ترافقنا في كل الرحلات، ويرافقنا احياناً كثيرة والدها الرفيق ملحم نصر وشقيقتها الرفيقة يزدا.
كان صوتها الرائع يطربنا طوال الرحلة بالاناشيد والاغاني الحزبية المتنوعة التي لم نكن سمعنا معظمها من غيرها. وكان الرفقاء يشاركونها الغناء والاناشيد وقد حفظوا الكثير منها لكثرة ما شاركوا في الرحلات، وشاركت بدورها.
بعد العفو في شباط 1969 انتقلتُ الى مسؤوليات حزبية اخرى. ابتعدت عن لقاء الرفيقة ادال نصر. انما لم تبتعد عن ذاكرتي، وعما اكنّه لها من مودة واحترام.
من اليمين الى اليسار: سلمى حلاوي، الرفيقة ادال نصر، الرفيق فايز حلاوي والطفل فادي، والدة فايز السيدة هند حلاوي.
وجاءت الحرب المجنونة ومعها داعش آخر(1) يجتاح قرى الشحار الغربي، ويجتاح في بلدتها عبيه، والدها المسنّ، وشقيقتها التي كانت ترافقنا في رحلاتنا(2).
ومضت سنوات. اقترنت الرفيقة ادال نصر من رفيق مؤمن، صامت، شجاع، عرفته جيداً بعد خروجه من الاسر وما زلت التقيه: الرفيق فايز حلاوي(3).
وانجبت منه الرفيق فادي.
سألت عنها اكثر من مرة. التقيت بها. وكان ابنها الرفيق فادي واسطة للكثير من رسائل الاطمئنان عنها، بعد ان كانت انتقلت الى منطقة البسطا التحتا، واصيبت بالداء العضال.
تستحق الرفيقة ادال، مني، الكثير من الوفاء لأني كنت من بين الذين عرفوها في الايام الصعبة وعرفوا كم تتمتع في اعماقها من ايمان صادق ومن التزام شفاف.
هذه الكلمة بعض من واجب تجاه رفيقة مميزة، لن أنساها ما حييت.
موطني يا توأم التاريخ يا دنيا الخلود
حبذا، رفيقة ادال لو تخلدين، ليبقى صوتك يصدح بأناشيد الحزب، فيصل الى كل قلب وكل وجدان، ونرتفع جميعنا نحو سعاده. ونطرب.
*
من المهرجان:
كانت منفذية المتن الشمالي أقامت مهرجاناً يوم الاحد 06/11/1960 في بلدة الضبية في ذكرى وعد بلفور.
من المهرجان
*
عنه، قالت جريدة "البناء" في عددها تاريخ 09/11/1960
تكلم في المهرجان كل من مدير مديرية الضبية(4)، منفذ عام المتن الشمالي العميد نصري ابو سليمان(5) ثم انشدت الرفيقة ادال نصر بصوتها الرخيم الرائع احدى الاناشيد القومية "سوريانا" فقوطع انشادها بالهتافات والتصفيق الداوي، وباستعادة المقاطع مرات متعددة، وما ان انهت انشادها الرائع لمقطع:
فاطمئني يا بلادي
نحن في يوم التنادي
لن تكوني لسوانا
يا شرايين دمانا
حتى علت الهتافات مدويّة ترددها الجبال والوديان مؤكدة تصميم النهضة على ان بلادنا لن تكون لغير شعبنا ابدا.
بعد الرفيقة ادال، القى الرفيق الشاعر فوزي عبد الخالق(6) قصيدة حماسية ثم مقاطع زجلية قومية كانت تقابل بالتصفيق والهتافات.
وانهى رئيس الحزب الامين عبدالله سعاده المهرجان بخطاب قومي، "الهب الحاضرين حماساً وذرف له المستمعون دموع الفرح والامل، واستقبلته النسوة بزغاريد النخوة، والابطال بأكف التصفيق وهتافات العزم".
هوامش :
(1) ما قامت به القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع في بلدات وقرى الشحار الغربي لا تقل بشاعة عما تقترفه داعش في عدد من مناطق العراق والشام.
(2) لجأت الرفيقة ادال الى حمام بيتها. وبحيلة افلتت من "داعش" ذلك الزمان.
(3) فايز حلاوي: كان شارك في الثورة الانقلابية وساق سيارة رئيس الحزب آنذاك الامين د. عبدالله سعاده الذي اشار اليه بتنويه في كتابه "اوراق قومية"
(4) لم يرد في عدد "البناء" اسم مدير المديرية. انما نعلم انه كان في "ضبية" (البلدة والمخيم) ثلاث مديريات للحزب في الفترة التي سبقت الثورة الانقلابية .
(5) نصري أبو سليمان: محام من بلدة "المتين". منح رتبة الامانة. وكان عميداً دون مصلحة عند وقوع الثورة الانقلابية. تمكن من الوصول الى عمان، وبعد سنوات غادرها الى ساحل العاج واستقرّ في ابيدجان، قبل ان يبارحها الى الوطن. نشرت عنه نبذة عند وفاته. للاطلاع عليها الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(6) فوزي عبد الخالق: من بلدة "مجدلبعنا". شاعر شعبي معروف. كان يتمتع بذاكرة عجائبية. للاطلاع على النبذة التي نشرتها عنه الدخول الى الموقع المشار إليه اعلاه.
|