بالإشارة الى نعي الشيف رمزي شويري، نورد ادناه النبذة التي كنا عممناها عن والده مؤسس الكفاءات الرفيق نديم شويري.
"كنت عرفت الرفيق نديم شويري مع انتفاضة العام 1957 (بإيجاد تنظيم آخر للحزب عنوانه عبد المسيح(، كان معظم الرفقاء من آل شويري من الحدث، وبعض من آل الحاج (الرفيق بترو الحاج) قد انتظموا في التنظيم الآخر ونشطوا فيه الرفيق نديم شويري اختار الانصراف الى العمل الاجتماعي مؤسساً دار الكفاءات ومحققاً الكثير الكثير من الإنجازات التي يجب ان تُعرف وان يُحتذى به
شارك الرفيق نديم في تحقيق "عين سعادة" الى جانب العرزال، ومساهماً في مشروع دار سعادة(1).
منذ مدة تابعت على أحد الاقنية التلفزيونية حلقتين غنيتين جداً عن مسيرة الرفيق نديم وعن مؤسسة الكفاءات وعن كثير من مسيرته النابضة والغنية.
هذه الكلمة عنه، التي نشرتها جريدة "النهار" بتاريخ 15/06/2017 عند رحيله هي جزء يسير جداً عن مسيرة يجب ان تُكتب.
الى هذا ندعو مؤسسة سعادة الثقافية وقد كان الرفيق نديم احد المهتمين بها الى ان تقيم له، وان تنشر ما يفي عطاءاته الغنية جداً وحضوره اللافت في الكثير من الاعمال.
ل. ن.
*
رحيل نديم شويري مؤسس "الكفاءات" ورائد العمل الاجتماعي في لبنان
رحل رائد العمل الاجتماعي في لبنان ومؤسس "الكفاءات" نديم شويري، الرجل الذي امتد حضوره الملتزم في الأرض، ممهدا طريقه إلى السماء.
نديم حبيب شويري اتخذ قراره باكراً بتثمير حياته في خدمة الإنسان وتخصيص كل ثروته العائلية والشخصية لمساعدة البسطاء والضعفاء واصحاب العاهات والحاجات.
رغم نيله اجازة في الاقتصاد وإدارة الاعمال ثم شهادة الماستر من الجامعة الأميركية في بيروت وانخراطه في العمل في شركة مالية وعقارية كبرى، فقد اتخذ قراره وهو يشاهد عذاب والده على فراش الموت، في ان يبدأ حالاً بتحقيق حلمه بعمل رسالي إنساني، بعدما شجعه على ذلك أستاذه في الجامعة سعيد حماده، فتأسست "الكفاءات" عام 1957.
فكر في البدء ان يعمل لإنقاذ الفتيات الجانحات، ليقينه ان لكل واحدة منهن طاقة توبة وقداسة، مستنسخاً تجربة الأب الفرنسي Tavlas بإنشائه واحة le nid لتأهيل الجانحات، فباشر بتنفيذ رسالته، بالاتفاق مع راهبات الدير في بلدة صليما في المتن الأعلى، على تأهيل تسع فتيات التحقن بالمدرسة التي فتحت أبوابها للمرة الاولى في الرابع من تشرين الاول عام 1959.
ومن دير صليما الى غرفتين في حي كرم الزيتون في الأشرفية عام 1963 حيث فتح شويري مشغلاً لتصنيع الحقائب الجلدية بأيدي المعوقين، فإلى قرية الحدت عام 1971 ثم مجمع عين سعاده عام 2003، قلبت "الكفاءات" مفهوم الخدمة الاجتماعية في لبنان والشرق.
أعطى نديم شويري "الكفاءات" كل حياته. حوّلها من مدرسة تأهيلية الى مركز للعلاج ومصنع للاطراف الاصطناعية والتجهيز الطبي والعلاج النفسي، ومشغل للمصنوعات الجلدية أنتج من عام 1963 الى عام 1975 مليون واربعمئة الف وستمئة قطعة جلدية بيعت الى دول أميركية وأوروبية، إضافة الى مدرسة فندقية ومعهد مهني وكليات باختصاصات متعددة.
تأثر نديم شويري بوالدته نجيبة مشرق، وبأستاذه المفكر رينه حبشي وباستاذه الآخر ميشال اسمر وبصديقه الشاعر سعيد عقل. كذلك سحره عمل الكاردينال رونكالي الذي اصبح البابا يوحنا الثالث والعشرون، مطلق المجمع الفاتيكاني الثاني.
وفِي حقل العمل الاجتماعي، تأثر بالأب بيار وب ألبر شويتزر الذي ترك التبشير والطب وراح يشتغل العمل الإنساني في افريقيا. ومن الفلسفة الوجودية التي اكتسبها من أستاذه رينه حبشي اقتنع بالالتزام المؤمن، فكان يردد أن "من يكون الله شريكه لا يخاف".
آمن بأن الانسان طاقة لا اعاقة، وأن المجال الوحيد لبناء كرامة المصاب هو في تأهيل كفاءاته المتعددة، وان الطاقة المصقولة هي وحدها التي تجعل سوق العمل تبحث عنه.
كان نديم شويري يقول انه محظوظ بالتعرف الى ثلاث نساء أعطين لحياته المعنى: مريم العذراء وأمه وزوجته ليلي اسطفان التي اشترط عليها حين ارتضت مشاركته الحياة بأن تكون الكفاءات "ولدنا البكر المدلل". ووفت ليلي بالوعد، فكانت أم أولاده الأربعة وأم الآلاف من أبناء الكفاءات.
لم تهزمه المحن والأزمات ودمار الحروب ونارها، فأكد تمسكه بلبنان كما أحبه، معلناً التزامه الله والإنسان والكنيسة المسكونية الواحدة المتآخية مع الإسلام وباقي الديانات. وعلى مدى نصف قرن، لم يتعب من التطلع الى السماء وقدماه ثابتتان في الارض، يطوف العالم ويتواصل مع الجمعيات والمؤسسات الرسمية والخاصة لتطوير "الكفاءات" ومفهوم العمل الاجتماعي الحديث، الى ان غدره المرض في سنواته الاخيرة، فراح يتضاءل في الجسد والوظائف، فيما روحه تنير فضاء "الكفاءات" التي بناها على صخرة الله.
نديم شويري حامل وسام الأرز برتبة كومندور، والميدالية الانطاكية الأرثوذكسية الأنطونية الذهبية.
يحتفل بالصلاة لراحة نفسه الرابعة من بعد ظهر اليوم الجمعة 16 حزيران الجاري في كنيسة رقاد السيدة، مجمع الكفاءات، عين سعاده.
|