إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من تاريخ المناضلين القوميين الاجتماعيين في الكورة الرفيق حنا جرجس جريج بقلم الرفيق جورج حنا جريج

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2024-02-07

إقرأ ايضاً


شكراً للرفيق سامي مظلوم(1) الذي اهتم بتسليط الضوء على الرفيق المناضل حنا جريج وساعياً الى ان يقدم ابنه الرفيق جورج هذه المقدمة والمعلومات الغنية عن نضال والده الرفيق حنا التي ننشرها ادناه.

أشير الى اني كنت سمعت عن الرفيق حنا من الأمين جبران جريج اولاً، ومن عقيلته الرفيقة- الأخت ماري بربر وقد كانت لدي علاقة صادقة وكبيرة معهما:

قبل الثورة الانقلابية، بعد انتمائي الى الحزب في سنوات الاسر، عندما كنت اتردد الى السجن مع كثيرين من القوميين الاجتماعيين لمقابلة الأمناء: عبدالله سعادة، منير خوري، فؤاد عوض، شوقي خيرالله، محمد بعلبكي وجبران جريج وغيرهم، ثم بعد خروجهم من الاسر وكنت دائماً على تواصل مع الأمين جبران وتربطني به الكثير من الصداقة.

اشهد ان الرفيقة ماري بربر التي كنت اتردد الى منزلها ربطتني بها وبكل أولادها حالة لافتة من المودة، إذ قالت لي مرّة: "أخي الدكتور حسيب في بتعبورة، وانت خيي في بيروت".

كانت تتمتع بكثير من الفضائل وآمل ان أتمكن في وقت غير بعيد في الكتابة عنها ومزيداً عن الأمين جبران جريج لتميّزها بالكثير من الفضائل.

ل. ن.

*

" ‏كانت إحدى أمنياتي هي أن أخلّد ‏ذكرى رفيق ‏عظيم من خلال نضاله وأعماله وبطولاته وذكرياته التي سكنت في قلبي وصوته الذي لا يزال يرن في اذني وصورته التي لا تفارق بالي فعاشت في داخلي طيلة هذه السنين فسكنت في قلبي حتى أصبحت حيّة بحياتي ثم نضجت لتكون مع رفاقه وأحفاده، يستمدون منها القوة والشجاعة والإيمان والعنفوان وعزّة النفس وكرامة الإنسان ونمو الشخصية وكمالها وشموخها ومناقبيتها التي ترسّخت فيها كل القيّم والمفاهيم الإجتماعية والاصالة المترسخة بالصفات الحميدة العالية. كانت شعلة مضيئة لرفاقه وأسرته كما كان كتلةً جبارة من النضال والكفاح المستمرّ اللذان لا ينتهيان، كان جندياً من جنود النهضة القومية الإجتماعية مقداماً عنيداً لا يهاب الموت.

" كان يحمل في قلبه وفكره عقيدة ومبادئ تتجلى فيها كلّ الخير والحق والجمال، كانت تحمل في داخلها تعاليم سعاده القيّمة لتبعث النور في عقول الجاهلين ولتدلهم على درب الصواب، وهنا جسّد قول سعاده "ليس لابن النور صديق بين ابناء الظلمة".

كان ‏إيمانه في العقيدة القومية الاجتماعية لا يتزعزع، كانت صلبةً ومقدسةً وكأنها الإنجيل بحدّ ذاته. كان رفيقاً شجاعاً لا يعرف الهزيمة لأنه انسانٌ مؤمنٌ أن الحياة هي وقفةُ عزّ وبأن النضال هو وحده الطريق إلى الحرية والحقّ والإنتصار.

" بعض الرفقاء سألوا ابي عن عمره فكان جوابه: "إنّ عمري قد بدأ منذ إنتسابي إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي". إنها ولادتي الحقيقية، من هنا بدأت رحلة النضال في سبيل تحرير الأمة كل الامة من الاحتلال طالما دمنا أحياء في أمةٌ حية هذا هو الرفيق "حنا جرجس جريج".

في بترومين الكورة وُلدَ حنا جريج في عام 1906. ترعرع في كنَفِ أهلهِ حتى كبُرَ وتعلمَ ثمَّ إتجهَ إلى مجال الزراعة لكي يساعدَ والدهُ في زراعةِ التوت لتربية دود القزّ، كان هناك ترابط قويّ مع أخيه الرفيق جبران جريج والياس النجار(2) وعبدالله القبرصي.

" إنتمى حنا جرجس جريج إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي سنة 1937، على يدّ الرفيق جبران جريج، في هذه السنة زار الزعيم انطون سعاده طرابلس ثم قرية بترومين حيث ألقى خطاباً على شرفة بيت الياس النجار وكان الحضور كبير جداً، وقبل ان يختم كلمته، قال: "لقد علمت ان هناك بعضْ الإشاعات التي روّجها بعض العملاء باني لن احضر، فاقول لهم: أننا لو شئنا أن نفر منَ النجاحْ لما وجدنا لنا مفراً منهُ". ثم دخل الى البيت ليأخذَ بعضَ الراحة ثم توجَهَ مع بعض الرفقاء إلى بيت الرفيق أنور قطريب، حيثُ تناولَ طعامَ الغداء وبعده غادر مع الرفقاء الياس النجار وجورج عبد المسيح، جبران وحنا جريج الى بيتِ جدي جرجس جريج حيث امضى ليلته، وفي الصباح غادر إلى ضهور الشوير يرافقهُ الرفيق جورج عبد المسيح وبعد عدَة أسابيع ذهبَ الرفيق جبران جريج يرافقهُ الرفيق حنا جريج إلى ضهور الشوير.

وهناك القى الوالد التحية للزعيم، فأعجبَ بادائه للتحية (بخبطة رجله في الأرض)، وهنا قال الزعيم للرفيق جبران لقد أصبح عندنا جنديان من جنود النهضة الرفيق حنا والرفيق جورج عبد المسيح واحب ان اراه دائما ثم غادرا ضهور الشوير الى بترومين وكان عمي مسرور جداً واخبر اخاه حنا عما حدّثه الزعيم.

" عند وصولهما الى الضيعة كان هناك بعض التوتر من جراء الحرب العالمية الثانية حيث، كثر عدد الجواسيس والعملاء اللذين كانوا يراقبون ويشون بالقوميين وعن اماكن تواجدهم. وبعد فترة وجيزة شن الفرنسيون حملة اعتقالات واسعة على صفوف الحزب حيث كان الرفيق حنا من الاوائل اللذين تعرّضوا للملاحقة من قبل الأمن الفرنسي، وهنا اخبرني والدي عن عدة حوادث سأذكر الآن الحادثة الاولى ثم لاحقاً بقية الاحداث:

الحادثة الأولى: بينما كان يتمشى على بيادر الضيعة فوجئ بدورية من الأمن الفرنسي، فحاول الهرب منها ولكنهم اطلقوا عليه الرصاص واصابوه برجله، ومع ذلك استطاع الفرار منهم ولم يستطيعوا القبض عليه، وعلى اثر كثافة الرصاص تجمع أهل الضيعة وانبرى من بينهم عمتي تمام ووقفت بوجهِ الجنود وراحت

تقاتلهم، فما كان من احد الجنود الا ان عالجها بضربة بكعب بارودته على ظهرها، وكانت حامل في ذلك الوقت، ثم انجبت صبياً وسمته جهاد.

راح الرفقاء يفتشون عن الرفيق حنا الى ان وجدوه في مكان يدعى العين وهو يقع بين دده وبترومين. علِمَ الزعيم بالأمر وطلبَ من المسؤولين أن ينقلوه إلى بيروت، مستشفى الجامعة الاميركية، فقام الرفيقان الياس النجار واسكندر ضاهر بتنفيذ المطلوب وهناك قام احد الاطباء وأجرى له الاسعافات اللازمة ثم نقل الى مكان سري للراحة. وبعد 3 اسابيع تماثل الوالد للشفاء واذا بالرفيق جورج عبد المسيح يقف امام الوالد ويهمس بإذنه: "الزعيم بدو ياك". وغادرا الى ضهور الشوير وعند وصولهم دخلا البيت واذا بصوت يقول: ادخل يا رفيق حنا، دخل الى المكتب والقى التحية، وقال له: الحمدالله على السلامة. وطلب منه الجلوس وكان هناك الرفيقان جبران جريج وعبدالله القبرصي.

وخلال الاجتماع اعطى الزعيم اوامره بأن يتوخوا الحذر، ثم سلّم البريد الى الوالد ليوصله الى الرفيق عبدالله سعادة. ثم عاد الى اميون فبترومين حيث استقبلوه الرفقاء واهل الضيعة استقبال الابطال وهنؤوه بالسلامة.

استلم الرفيق حنا عدة مسؤوليات في مديريات بترومين التي تعاقب على ادارتها كل من المدراء الرفقاء: انور قطريب، جبران جريج، فؤاد قبرصي، الياس الديري ثم انطانيوس النجار.

في تلك الحقبة اي في الاربعينيات ظهر الحزب الشيوعي في الضيعة الذي كان على خصام دائم مع الحزب السوري القومي الاجتماعي. وفي أحد الأيام كان والدي عائداً الى الببت فقام احد الجبناء بالاختباء خلف احد البيوت خوفا منه وعندما وصل والدي الى مكان الكمين قام هذا الوضيع بطعنه في خاصرته ثم حاول الهروب ولكن الوالد امسك به واشبعه ضرباً ثم ولى هارباً، الى ان اتى بعض الرفقاء ونقلوه الى المستشفى حيث قطبوا جرحه ب52 غرزة.

الحادثة الثانية: قام الزعيم بزيارة ثانية الى الكورة، اميون، ثم بترومين والقى خطاباً من على شرفة بيت الرفيق فؤاد القبرصي حيث شدد على التكاتف والوقوف بوجه الانعزاليين والعملاء ومقاومتهم، كما علمت من المنفذ العام الرفيق جبران جريج بأن هناك رفقاء مقاومين للاحتلال فأقول لهم بوركتم والى النصر".

وكان الحضور من كل الكورة ومن طرابلس وعكار، ثم تناول طعام الغداء في بيت جدي مع بعض الرفقاء وهنا قال الزعيم: كاس القوميين الاجتماعيين وكاس اصحاب البيت، فردت جدتي: بالنصر. ليرد عليها سعادة: لسوريا.

وقبل مغادرته اجتمع مع الرفقاء واعطاهم بعض التعليمات وقفل عائداً الى ضهور الشوير. في تلك الايام كان الوضع متأزماً في الضيعة حيث كثرت الوشايات ولم يعد هناك اي مكان آمن. ففي احد المرات كان والدي مع شباب الضيعة عند الكنيسة، عندما فاجأتهم الدورية وكان الرفيق حنا يحمل مسدساً، فطلبوا منه ان يسلّمه ويسلّم نفسه، فقال لهم ان يأتوا ويأخذوه وعندما هم احدهم بأخذ المسدس، ضربه الوالد وامرهم برمي سلاحهم، ففعلوا، عندها اعطى السلاح الى احد الرففاء ليهتم به وهرب.

في تلك الفترة بُلّغ المدير وكان آنذاك الرفيق فؤاد قبرصي، ان يتوارى عن الانظار لبعض الوقت لان الحزب والزعيم ملاحقان، وفي ذاك اليوم المشؤوم سلّم الخائن حسني الزعيم المعلم سعاده الى العملاء في الدولة اللبنانية بشارة الخوري ورياض الصلح، واعدموا انطون سعادة في8 تموز1949. وبعد ذلك، الجميع يعلم ماذا حصل. ومن ثم انطلقت حملة الاعتقالات حيث اتت على بعض القوميين في الضيعة، وبعد عدة ساعات اطلقوا سراحهم.

وبعد عدّة سنوات تزوج الرفيق حنا من الاما سلوم سنة 1953 وانجب منها ستة أولاد: صبيين واربع بنات. كانت عائلة قومية اجتماعية بامتياز.

في سنة1961 قام الحزب بانقلاب على الدولة اللبنانية وفشل. عندها شنّ الجيش حملات واسعة على الحزب والقووا القبض على القيادين وامتلأت السجون بالقوميين، واستطاع بعض الرفقاء الهرب ومنهم الرفيق حنا وظل هاربا لمدة سبع سنوات حتى صدور العفو، وبعد وقت قصير ألمّ به المرض وتوفي في بترومين سنة1974.

وبذلك تنتهي فترة نضاله، التي لم تنتهي لانها ستستمر بأولاده والى الاجيال التي لم تولد بعد.

*

ما أورده الرفيق جورج جريج عن والده المناضل حنا جدير ان يُعمم ويُقرأ من جميع القوميين الاجتماعيين حديثي الانتماء الى الحزب. كأحد الأمثلة، ما تكبّده الرفقاء على مدى سنوات الانتماء الحزبي بعد 1938 ورغم كل سنوات الاضطهاد والتنكيل، استمروا مصارعين في سبيل حزبهم.

هوامش:

(1) سامي مظلوم: اقترن الرفيق سامي من الرفيقة ميثال ابنة الرفيق حنا جريج وكنا نشرنا نبذة عن ابنته الثانية الدكتورة راغدة جريج. للاطلاع على ما عممنا عنها الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) الياس نجار: هو أول من انتمى من أبناء الشمال اللبناني، وأول من تولى مسؤولية ناظر مالية في منفذية الشمال (باسم منفذية طرابلس) وأول مسؤول عن الإدخال في المنطقة. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024