إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سلطات ميونيخ الألمانية ضد الفلسطيني جهاد مرعي

نضال حمد

نسخة للطباعة 2012-01-18

إقرأ ايضاً


قبل أيام وصلتني رسالة من الصديق جهاد مرعي في ميونيخ بألمانيا جاء فيها :

"صديقي أبو يعقوب بعدما رأيتك وقد فقدت ساقك وأنت تدافع عني وعن فلسطين كنت مثلاً عالي احتدي به بأوروبا، فلم اخف على إقامتي وعملي وخرجت انظم المظاهرات ضد شارون عندما دخل باحة المسجد الأقصى، وفي حرب العراق لم استمتع بمتابعة الأخبار على التلفاز فخرجت حالي حال الملايين في أوروبا الى الشارع نهتف ضد الاحتلال الأمريكي للعراق ، وكذلك في حرب تموز 2006، واجتياح غزة 2008-2009 ... بالأمس قررت دائرة الأجانب سحب إقامتي وترحيلي للأردن، وهذا بعد ضغط المخابرات والداخلية الألمانية."

الفلسطيني جهاد مرعي هو موضوع مقالتي هذا اليوم. جهاد شاب فلسطيني من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، هؤلاء الذين تسببت أوروبا كلها بضياع وطنهم وبتشردهم ، بعدما كانت بريطانيا الاستعمارية " العظمى" آنذاك ، عدو الشعب الفلسطيني وعدو الأمة العربية والشرق الإسلامي بشكل عام ، قدمت عبر وزير خارجيتها آرثور بلفور وعدا من ملكة بريطانيا بإقامة وطن يهودي في فلسطين. وكأن فلسطين وطن بلا شعب أو أرض بلا سكان. انه وعد القتلة للقتلة.

كان اليهود في أوروبا وبالذات في ألمانيا ضحايا العقلية الفاشية الأوربية بشكل عام والنازية الألمانية بشكل خاص. حيث قام النازيون بملاحقتهم ومطاردتهم وطردهم من أوروبا أو قتلهم بكل الأساليب والوسائل والطرق التي استنبطت لأجل ذلك. لكن هؤلاء الضحايا حينما وصلوا الى فلسطين ضمن مشروع صهيوني بريطاني استعماري ، إحلالي واستيطاني جديد، تحولوا بمساعدة بريطانيا والذين ورثوا هتلر والنازية في ألمانيا المهزومة الى سفاحين جدد.

ألمانيا التي تريد طرد جهاد وسحب إقامته لأنه وقف مع شعبه ضد الاحتلال الصهيوني الإرهابي كانت ومازالت تدفع للكيان الصهيوني بسخاء.

ألمانيا من أكبر ممولي الكيان الصهيوني في فلسطين سواء بالمال أو بالعتاد الحربي ، فكم غواصة نووية قدمت ألمانيا للكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة ؟.

وكم من المبالغ الضخمة والمساعدات التي لا يتصورها عقل؟؟

كل هذه الأموال تسحب من دافعي الضرائب الألمان وتقدم للقتلة الصهاينة في كيانهم الاحتلالي الدخيل على فلسطين وبلادنا العربية. ويقوم الصهاينة باستخدامها في قمع وقتل الشعب الفلسطيني. لذا من المفيد من الناحية القانونية ان يدرس الفلسطينيون في ألمانيا وأوروبا وفي فلسطين المحتلة وأينما كانوا هذا الأمر ، والعمل على تقديم شكوى ضد حكومة ألمانيا كشريك في قتل الفلسطينيين أو كممول لعمليات الاحتلال الصهيوني في قتل الفلسطينيين. حيث أن الصهاينة وبدعم مادي وعسكري ألماني بشكل خاص يواصلون احتلالهم لفلسطين وقمع وقتل الشعب الفلسطيني واستيطان أرضه المحتلة وإرهاب الدول المجاورة عبر استخدام العتاد الألماني المتطور جدا، والذي قدم معظمه كهبات ألمانية للكيان الصهيوني..

جهاد مرعي شاب فلسطيني لاجئ من احد مخيمات الأردن ، وصل الى ألمانيا طلبا للحياة بشكل أفضل سنة 1996 ، حصل على الإقامة ثم الإقامة الدائمة ، وقام بالتزوج من فتاة فلسطينية وحصل على لم الشمل في مدينة ميونيخ الألمانية. لكن على ما يبدو أن سلطات المدينة مازالت حاقدة على الفلسطينيين و تناصرهم العداء منذ عملية ميونيخ الشهيرة سنة 1972 والتي حصلت إثناء المونديال الرياضي العالمي في المدينة، وقتل على إثرها بعض أفراد الوفد الرياضي الصهيوني وبعض الفدائيين الذين اختطفوهم وكانوا يتبعون منظمة أيلول الأسود. السلطات أو بالأحرى المخابرات الألمانية في ميونيخ قررت سحب الإقامة من جهاد مرعي وتسفيره بحجة قيامه بأعمال سياسية مخالفة للقانون الألماني.

بعد 16 سنة إقامة في ألمانيا التي تعتبر بلدا ديمقراطيا تقرر المخابرات الألمانية تسفير الفلسطيني جهاد مرعي وسحب إقامته. والسبب اعتراض الداخلية الألمانية والمخابرات الألمانية على وجوده بسبب نشاطاته من عام 2001 لليوم ،هذا أي بعد انطلاق الانتفاضة الثانية مرورا بحرب العراق وحرب تموز واجتياح غزة قبل عامين ومشاركته القوية في جميع هذه الفعاليات. حيث كان من المبادرين في معظمها. فالمخابرات الأوروبية بشكل عام والألمانية بشكل خاص تنسق عملها مع الموساد الصهيوني. وتقوم في كل تجمع وتظاهرة وفعالية وطنية فلسطينية أو عربية ضد الاحتلال الصهيوني بالتقاط الصور وبتسجيل حتى الهتافات التي تحرض ضد الكيان الصهيوني ويعتبرونها تحريض على الكراهية وشعارات ضد السامية.

لقد راقبوا مشاركة جهاد حتى في تظاهرة جرت في هولندا ، إذ شارك هناك في تظاهرة في لاهاي ضد بناء الجدار العازل ، شارك فيها أوروبيون ويهود ومسلمين ومسيحيين... المخابرات راقبته أيضا أثناء مشاركته في مؤتمر العودة ببرلين سنة 2004 ، وللعلم- إذا كانت المخابرات لا تعلم فأنا الشخص الذي كان يقف بالقرب من جهاد ، وأكثر من ذلك ألقيت كلمة كلها إدانة للصهاينة ومن يقف في صفهم،وكلها حب وانتماء ومقاومة لأجل فلسطين وشعبها وضحاياها -حيث كنت وجهاد وبعض الأصدقاء مشاركين معا في هذا المؤتمر السلمي الذي يدعو للتمسك بحق عودة الشعب الفلسطيني الى دياره التي شرد منها بالقوة. واعتقد ان ألمانيا ليس لديها موقف معارض لقرارات الأمم المتحدة التي تطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم. إذن بأي حق تخرق السلطات الألمانية قوانينها وقوانين حقوق الإنسان الأوروبية والعالمية.

المخابرات الألمانية كما كل مخابرات العالم الثالث وغير الثالث تعمل بأساليب حقيرة، وتحاول إسقاط الضحايا وتوريطهم بالعمل كمخبرين ضد أبناء جلدتهم مقابل الحصول على الإقامة. ولكن معروف لكل فلسطيني وعربي أن الذي يعمل لمخابرات ألمانيا كأنه يعمل للشباك أو للموساد جهازا المخابرات الصهيونية. فالتنسيق عالي ووطيد بين المخابرات الألمانية والموساد.

بعد رفض جهاد للعروض التي قدموها له للعمل معهم هذا الرفض أزعجهم على ما يبدو قاموا بسحب الإقامة الدائمة منه ، مع أن مثل هذه الحالات لا تطبق في ألمانيا إلا ضد المتورطين بعمليات إرهابية حسبما تنص القوانين الألمانية ، وجهاد ليس إرهابيا ولا هو متورط بأي عمل إرهابي. بل هو ضحية إرهاب المخابرات والسلطات في ميونيخ وألمانيا.

ألمانيا المقنعة بشعارات الديمقراطية تحمي فقط شعور الصهاينة وعلى الناحية الأخرى تساهم في تدمير حياة الفلسطينيين في الوطن المحتل وفي المنفى و الشتات. في الأيام القليلة القادمة سوف يقوم جهاد بالاعتراض على قرار سحب الإقامة الدائمة منه وعلى قرار التسفير. كما سوف يستأنف لدى المحكمة العليا. ولننتظر مع جهاد ونرى ماذا يقول القاضي في قضيته، فالقضاء هناك مستقل ولا يتبع للمخابرات.

جهاد ونحن معه سوف يكافح لان الإقامة حقه وفق القوانين. فيما التظاهر ضد الجرائم التي يرتكبها أسياد المخابرات الألمانية في تل أبيب أيضا حقه. ولا يحق لألمانيا أن تمنعه من التعبير عن رأيه السياسي أو الوقوف الى جانب قضية شعبه الفلسطيني. لذا هذه القضية سياسية بامتياز وفيها ظلم وتعدي على جهاد وإنسانيته وعلى حقه بالحياة ككل مواطن حر ومحترم في أوروبا.

على الجاليات والفعاليات والمؤسسات والشخصيات والتجمعات والمراكز والاتحادات واللجان الفلسطينية في ألمانيا أولا وفي أوروبا ثانيا الوقوف معا وصفا واحدا خلف قضية جهاد لأنها قضيتهم كلهم. والذي يحدث معه قد يحدث مستقبلا مع أي فلسطيني في أوروبا. فهذه ليست معركته وحده بل معركة كل الفلسطينيين والعرب والأحرار في ألمانيا وأوروبا. لتكن قضية جهاد مناسبة لتذكير ألمانيا بمساعداتها الدائمة والسخية لقتلة أطفال فلسطين ولبنان ، وللذين يستخدمون السلاح الألماني في العدوان على الشعوب العربية والإسلامية في شرق المتوسط. فالتعويض عما اقترفته النازية الألمانية من جرائم ومذابح ضد اليهود إبان الحرب العالمية الثانية يجب أن لا يكون على حساب الشعب الفلسطيني والفلسطينيين. لتكن هذه القضية بوابة كل الفلسطينيين لمحاكمة الكيان الإرهابي على جرائمه في فلسطين ولمحاكمة ألمانيا على دعمها للإرهاب الرسمي الصهيوني.

ان محاكمة جهاد لمخابرات وسلطات ألمانيا والكيان الصهيوني هي من أفضل المناسبات لاتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في الشتات - أوروبا كي يبدأ مرحلة جديدة من عمله في القارة العجوز. لذا مطلوب من هذا الاتحاد ومؤسساته في ألمانيا بالذات تبني قضية جهاد والدفاع عنه ودعمه في محاكمته للظالمين والمستبدين وللمحتلين القتلة كذلك.

التهم الموجهة الى جهاد :

التهمة الأولى : إلقاء كلمة في ذكرى يوم الأرض بالمركز الإسلامي بميونخ ، تقول المخابرات انه دعا فيها للجهاد ضد أمريكا وإعلان قيام دولة فلسطينية بتاريخ 30 آذار 2003

التهمة الثانية : الدعوة لحزب الله من خلال مظاهرة والهتاف بالروح بالدم نفديك نصر الله في حرب تموز 2006 .

التهمة الثالثة : التظاهر في أثناء العدوان الصهيوني على غزة نهاية 2008 بداية 2009 وإلصاق تهمة لجهاد بالتعاطف مع حركة حماس والدعوة للانتقام لمقتل سعيد صيام

التهمة الرابعة : بعد دخول شارون باحة الأقصى المشاركة بمظاهرة ضد شارون والهتاف ضده وان شارون قاتل اطفال

التهمة الخامسة : المشاركة بنشاطات تخدم القضية الفلسطينية.

واضح أن التهم الموجهة الى جهاد سياسية بالمقام الأول. وتنم عن عداء مخابراتي ألماني لكل فلسطيني يرفع لواء الدفاع عن قضيته ومقاومة شعبه للعدوان وآلة الدمار الصهيونية التي تعيث قتلا ودمارا في فلسطين ولبنان. أسمح لنفسي القول أن التهم سخيفة جدا .. فإذا كانت التهم في ألمانيا وأوروبا تقاس بهذا المقياس الصهيوني ، إذن يجب على مخابرات ألمانيا وأوروبا استئجار مليون مخبر كي يراقبوا حركة كل فلسطيني يعيش في أوروبا ، وبالذات في ألمانيا حيث هناك نحو 250 ألف فلسطيني يعيشون في مدنها المختلفة. وعليهم أيضا تسفير كل هؤلاء الفلسطينيين ومعهم بعض العرب والمسلمين وكذلك ملايين المتضامنين الأوروبيين.

العزيز جهاد ..

أيها الفلسطيني كحد السيف يوما ما قرأت لك تعليقا في موقع الصفصاف ، كان ردا منك على من هاجموا الموقع ومديره نتيجة مواقفه السياسية . وجاء في تعليقك :

" عرفنا كثير من مثقفينا ومناضلينا وفنانينا الملتزمون من خلال تعريف نضال حمد لهم من خلال موقعه الصفصاف

أو استضافتهم في أوسلو كونه رئيس الجالية الفلسطينية هناك ، وعرف الشباب الفلسطيني بقضيته أكثر . أنا تعرفت على نضال من خلال النت وماكتب فيه حول شعبنا وقضيتنا والتقيت به في اكثر من تظاهرة فلسطينية ، وفي مؤتمر حق العودة ببرلين.زارنا قبل سنوات في ميونخ وتعرف على أحوال الجالية الفلسطينية هنا. فشكر لك يانضال عرفتني بضمير الثورة ابو ماهر اليماني وعرفتني برشاد أبوشاور وعرفتني بشاعرنا الكبير يوسف الخطيب وتحية لموقع الصفصاف كنز لفلسطيني الاغتراب".

جهاد ! .. يا ابن المخيم في الشتات ويا ابن الأرض كل الأرض في فلسطين المحتلة شيء مؤسف جدا سحب الإقامة منك ، أضف بأنه عمل غير أخلاقي ولا قانوني ولا حتى إنساني .. لكنها ضريبة يدفعها كل مناضل حقيقي غيور على فلسطين ويعمل لأجلها.

لكن من المهم ان تصبر وتنتصر على الظلم في ألمانيا ثم في فلسطين.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024